العدد 1247 - الجمعة 03 فبراير 2006م الموافق 04 محرم 1427هـ

الجريمة لم تثبت بعد!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من بين الفرق التي أثارت جدلاً بيزنطياً في العالم الإسلامي قبل عشرة قرون المرجئة، إذ أوقفت جهودها على تبرير كل ما يرتكبه الحاكم وتزيينه والدفاع عنه دفاع المجانين، بدعوى اننا لا نملك الحكم على الآخرين مهما عملوا، فهم مرجون لأمر الله. فالمسلم مبنية أفعاله على السلامة حتى لو زنا أو فجر أو أزهق أرواح عباد الله!

قارئ التاريخ الإسلامي سيقع على قصص وحكايات تعرّي هذا التيار الانبطاحي المتخاذل، الذي نما تحت ظلال قصور الأمويين والعباسيين. لكن على المستوى الشعبي، كانت هناك محاولات لمواجهة هذا التيار التافه، ومن أبطال هذه المواجهة كان الشيخ البهلول، صاحب القصص المعروفة.

البهلول سمع بعض التنظيرات الفاسدة لهذا التيار، مثل ان الله لن يعذب ابليس بالنار، لأن النار لا تؤثر في النار! فما كان من البهلول إلا أن حمل حجرة ودخل حلقة هذا الشيخ «المنظّر»، وكمن له في زاوية، فلما حانت فرصة أرسلها باتجاه جبهته، فشج رأسه وأسال دمه، فأخذ يصرخ متوجعاً. ولما التفت إلى البهلول محتجاً على فعلته، ردّ عليه: ألم تقل إن النار لا تؤثر في النار، فكيف يؤثر الطين في الطين؟

طبعاً لو جلس البهلول ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً، يناقش هذا الشيخ المتعجرف، لما اقتنع بكلمةٍ واحدةٍ من كلمات بهلول الحكيمة، فلا الحوار ينفع ولا الجدال بالتي هي أحسن. فالشيخ القادم من أزمنة الفتن المظلمة، لا يمتلك غير منطق الدفاع المجنون عن قتلة أبناء الأنبياء والمرسلين.

هذه الأيام، تحتفل قطاعات كبيرة من المسلمين بذكرى عاشوراء، إذ جرت أكبر مجزرة دموية في تاريخ الإسلام، حين اصطدمت نخبة صغيرة من طلاب الإصلاح والحرية ورفعة الإنسان، بجيش قوامه 32 ألف جندي مدجج بالسلاح، مالوا في ظهيرة يوم العاشر من المحرم عليهم بسيوفهم يقتلونهم بلارحمة، ويحرقون الخيام ويرهبون بنات نبي الأمة محمد (ص)، ووطأوا أجساد الرجال بالخيول، إمعاناً في ارتكاب الجريمة. كل ذلك تحت أوامر الخليفة في الشام، الذي أصدر أوامره الصارمة بقتل الحسين قبل الواقعة بشهرين، وبعث جواسيسه إلى مكة ليغتالوه ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة.

هذه الوقائع الواضحة، لم تثبت عند جماعةٍ من أدعياء العلم والمشيخة في القرن الحادي والعشرين! الجريمة المكتملة الأركان، بكل ما فيها من قصدٍ وإصرار، لم تثبت بعدُ عند هذه الجماعة على رغم مرور 1466 عاماً هجرياً على ارتكابها!

الواقعة التي هزّت الضمير الإسلامي وأيقظته من سباته العميق، وأعادت للإسلام حيويته، وأدت إلى سلسلة من الموجات الثورية التي قوضت في النهاية نظام بني أمية المستبد، لم تثبت بعدُ لدى هؤلاء!

هؤلاء المتنطعون البيزنطيون، لو عاشوا ألف سنة أخرى وفوقها خمسون عاماً أيضاً، فلن يثبث عندهم إجرام يزيد. أكل ذلك حباً فيه... أم بغضاً للحسين؟ كاشفونا يا «دعاة» القرن الحادي والعشرين

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1247 - الجمعة 03 فبراير 2006م الموافق 04 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً