طالعتنا «صفحة جهينة» بتباشير تهم الرجل قبل المرأة. وقد كانت لي بعض الملاحظات تستدعي الإشارة إليها سعياً للنهوض بالصفحة لتكون مرآة للمرأة والرجل على حد سواء .
الأستاذ حلمي الأسمر في صحيفته «الحقيقة الدولية» (صحيفة أردنية) قال أمس في إذاعة مونتي كارلو للأسف أصبحت الصحف للتشهير. وقد بنى استراتيجية صحيفته بطريقة حضارية تعكس الفائدة المرجوة من سطورها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وانطلاقاً من رؤيته في التشهير، يقول: «أزعجتني الصور الكاريكاتورية التي برزت في صفحة جهينة، إذ تنم عن سخرية واضحة تجاه المرأة ولا أظن أن الفرد ذكراً أم أنثى يسخر من أمه أو أخته أو ابنته» ذلك ما يدل على التخلف الذي ورثناه نحن كعرب ومسلمين ما أدى إلى قبع المرأة بين أربعة جدران لتنشغل فقط بالطهي والغسيل ورعاية الزوج والأبناء لدرجة انسلاخها لذاتها من أجل توظيفها لخلق جو شاعري يتيح للرجل أن يثقف نفسه، فهل له أن يكون فقيها في السياسة بسبب التضحيات التي أجادتها له المرأة. والآن جاءت الفرصة لتغيير المفاهيم الخاطئة التي انغرست في شرايين البشر لتبرز المرأة مهاراتها لتتجسد في قدرتها على صنع القرار .
فبناء الترسانة السياسية وإبداعاتها ليس بمستغرب على صانعة الرجال. إن الحكم العام على جميع النسوة بضحالة حنكتهن السياسية لهو إجحاف في حق من كان لها تاريخ سياسي وخصوصاً اللاتي درسن في الخارج والمنتميات إلى جمعيات سياسية شأنها شأن زميلها الرجل وان كان حظه أكبر منها لكونها امرأة شرقية ورثت عادات وتقاليد ساهمت في ضلوع الرجل سياسياً وإبعاد المرأة عن هذا الشأن، وهذا لا يعني استثناء شريحة من النسوة لديهن الحنكة السياسية ويمارسن بكفاءة لا تسمح بأي شكل من الأشكال تهميشها حقاً مهماً من حقوقها.
ليس من الإنصاف المس في قدرتها لتوضع موضع السخرية ما يعكس الإساءة لصاحب الكاريكاتير شخصياً حين أعطى العنان لقلمه أن يقلل من شأن المرأة التي يعود لها الفضل في قدرته للوقوف على رجليه، لم أتوخ أن يكتب للصفحة من أول وهلة ما لا يحمد عقباه.
ومن الملاحظات أيضا عمود «ثرثرة نسائية» ما يدعم النظرة المتخلفة للمرأة فالعبارات التي وردت في هذا العمود تنم عن سخرية لا تقل عن سخرية التعليقات على الكاريكاتير، وما يستوجب الأخذ به تعليق النائب عبدالنبي سلمان في حال عزم دخول المرأة في التجربة البرلمانية فتسلحها سياسياً واجب حتمي لكل امرأة تنوي الترشح فليس الممكن هو المطلوب وإنما المطلوب هو تحقيق الممكن أن يكون عبر تاريخ تجربة المرأة السياسية على الساحة المحلية والإقليمية فالفرق واضح بين الدماغ المصقول والدماغ الخام فالأول بمقدوره أن يخوض التجربة والثاني عليه أن يتعلم ليخوضها مستقبلاً.
إن حضور المرأة وقوة شخصيتها وقدرتها على الإقناع والمجادلة الإيجابية شيء مطلوب ولغة الحوار أمر لا يقل أهمية عن ذلك.
العدد 1269 - السبت 25 فبراير 2006م الموافق 26 محرم 1427هـ