العدد 1269 - السبت 25 فبراير 2006م الموافق 26 محرم 1427هـ

تجربة «العدالة والتنمية» المغربية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الوفد البرلماني المغربي الذي زار البحرين الأسبوع الماضي ضم الكتل البرلمانية، ومن بينها ممثل عن حزب العدالة والتنمية. والجميل في الوفد المغربي تعدديته التي اشتملت على مختلف الاتجاهات، والإسلاميون (العدالة والتنمية) جزء من هذه التعددية التي أغنت الممارسة الديمقراطية.

في المغرب هناك حركتان إسلاميتان رئيسيتان، إحداهما دخلت العملية السياسية، وهي «العدالة والتنمية»، والأخرى، وهي «العدل والاحسان»، قاطعتها. بالنسبة للعدالة والتنمية، فإن جذورها تمتد إلى فترة طويلة، ولكن الجماعة تشكلت على هيئة حزب يحمل الاسم المعروف حالياً في العام 1998. وكان على الحزب الإسلامي أن يحدد موقفه من قضايا استراتيجية لكي يمارس دوره من داخل النظام السياسي، وعليه فقد اتخذ منذ انطلاقته عدة مبادئ منها، اعتماد مرجعية الإسلام، ونبذ العنف، ومساندة «امارة المؤمنين»، وهي اللقب الذي يحمله الملك المغربي، بصفتها تمثل العرف الديني السياسي الذي جمع المغاربة ووحدهم تحت راية واحدة منذ مئات السنين.

في بادئ الأمر جرب الحزب الدخول في الانتخابات البلدية، وفاز نحو 600 من افراده في العام 1998 (عدد البلديين في المغرب يبلغ نحو 23 الف شخص)، وبناء على هذه التجربة اكتشف انهم استطاعوا ان يحققوا الكثير من تطلعات الشعب. وهذا شجعهم للدخول في الانتخابات النيابية في 2002، اتخذوا قراراً ارادياً بعدم ترشيح أنفسهم في الدوائر كلها (325 عضواً برلمانياً)، واقتصروا على جزء صغير من الساحة، بذلك دخل 42 عضوا منهم في البرلمان.

ومن خلال مشاركتهم الفاعلة داخل البرلمان ازدادت شعبيتهم، وخصوصاً أنهم طرحوا خطاباً إسلامياً جديداً يركز على التنمية وعلى مكافحة الفساد السياسي والإداري، واعتبروا ان كل القضايا الأخرى فرعية. وهذا التوجه ليس معتاداً على الحركات الإسلامية التي تركز على بعض مظاهر الحياة الاجتماعية، والممارسات المخلة بالضوابط الدينية.

وعليه، فإن أعضاء «العدالة والتنمية» يشعرون بأنهم تدرجوا في الدخول إلى العمل السياسي من داخل النظام، كما أنهم تدرجوا من ناحية حجم وجودهم لكي لايخيفوا الآخرين، والآخرون عرفوهم عن قرب الآن، ومن خلال هذه التجارب المتدرجة استطاعوا ان يعيدوا صوغ خطابهم الإسلامي مع التأصيل له من خلال الفقه (على اساس المذهب المالكي) ومن خلال الطروحات الفكرية الحديثة. ولذلك، فإن العام المقبل سيشهد الانتخابات البرلمانية المغربية، ومن المحتم ان يدخل حزب العدالة والتنمية بقوة، وفي حين قرر ذلك فإنه يحصل على غالبية المقاعد. وبحسب الدستور المغربي، فإن الملك يعين رئيس الوزراء وليس ملزما بأن يعينه من الحزب الفائز بالغالبية، ولكن مستقبلاً يتعدل الدستور، وتصل إلى رئاسة الوزراء شخصية إسلامية لها خطاب مختلف عما هو مطروح في الشارع الإسلامي.

إن تجربة العدالة والتنمية غنية بالدروس، وحبذا لو توجهت بعض جمعياتنا السياسية لدراستها، بل ومد الجسور معها، لكي تنتقل الخبرات النوعية لتجربتنا البحرينية، التي نأمل أن تركز على القضايا الجوهرية بدلاً من إضاعة الجهود في الفروع.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1269 - السبت 25 فبراير 2006م الموافق 26 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً