العدد 1215 - الإثنين 02 يناير 2006م الموافق 02 ذي الحجة 1426هـ

أسئلة بشأن الخروج

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

هل يكون 2006 عام الخروج من العراق كما توقعت بعض الصحف الأميركية؟ الاحتمال وارد اذا وجدت إدارة جورج بوش ان كلفة البقاء أعلى من كلفة الانسحاب. والكلفة تشمل الضحايا والمال والسمعة وانعكاس التجربة سلباً على شعبية الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. كذلك الاحتمال ليس وارداً إذا وجدت الإدارة ان الانسحاب يساوي هزيمة. وهذا يعني استراتيجياً بداية تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة لسنوات طويلة كما حصل في جنوب شرق آسيا في سبعينات القرن الماضي. بين الاحتمال الأول والثاني هناك قراءة مرتبكة للموقف الأميركي الصعب. فإذا بقي الاحتلال مشكلة، وإذا انسحب مشكلة، وإذا ماطل بوش في اتخاذ قرار حاسم كما هو حاله الآن فإن احتمال انفتاح أزمة الاحتلال على تداعيات جديدة ستزيد من الاثقال والاعباء. بوش حائر في حسم موقفه واتخاذ القرار الواضح بشأن مسألة الاحتلال والخروج من العراق. وهذه الحيرة تظهر في أسلوب إدارته للموضوع. فمرة يقول إن واشنطن حققت أهدافها ونجحت في نقل العراق من عصر الاستبداد إلى «عصر الديمقراطية»، وبالتالي عليها تسليم زمام الأمور إلى أهل البلاد لاستكمال ما تبقى من مهمات. ومرة يقول إن واشنطن نجحت في جوانب من مهماتها وعليها ان تستمر حتى تستكمل ما تبقى من أهداف. وبين نصف النجاح ونصف الفشل يتردد بوش في تحديد صيغة نهائية لسياساته التي دخلت في إطار يلفه الغموض. المعلومات الصحافية التي تنشرها منابر الاعلام الأميركية تشير إلى وجود خطة خروج جزئية من العراق في العام .2006 والسبب الذي تؤكد عليه الصحف الأميركية يعود إلى عدم وجود خيار آخر. فالخروج من المأزق هو الخيار الأفضل ولا يوجد امام واشنطن من مهرب آخر تتذرع به سوى نجاح الانتخابات العراقية واحتمال تشكيل حكومة اتحاد وطني تضم كل الأطراف والأطياف. فالصحافة تجد في الانتخابات وتشكيل حكومة عراقية بعد شهرين ذريعة كافية لبوش للإعلان عن نجاح مهماته وتبني خطة زمنية تحدد مواقيت الانسحاب. خيار الخروج هو الاقوى لأنه الأقل كلفة قياساً بالخيارات الأخرى وهي غير موجودة في رأي الكثير من الصحافيين الأميركيين. إلا أن تغليب خيار الخروج تعترضه سلسلة عقبات منها احتمال انفلات الوضع الأمني وانجرار العراق إلى مواجهات أهلية داخلية. وفي حال حصول الانهيار الداخلي فمعنى ذلك ان النموذج «الديمقراطي» الهش سيتعرض للتفكك وستجرفه حوادث العنف نحو هاوية لن تكون دول الجوار في منأى عن التورط فيها. فهل هذا هو «النجاح» الذي تفكر واشنطن في إعلانه سبباً للخروج وترك مصير المنطقة عرضة للاهتزاز وعدم الاستقرار الإقليمي إلى فترة طويلة؟ لا جواب على هذه المسألة، وهي من الأمور المحتمل حصولها في حال دخل العراق فترة فراغ أمني ستضطر بموجبه القوى الإقليمية المجاورة نحو الاندفاع لسد فجواته حتى تحمي حدودها وتضمن استقرارها الوطني. هذه المسألة تعتبر من المحاذير التي تفكر بها واشنطن، ويحتمل حصولها في حال قررت الانسحاب من العراق تاركة البلاد تتخبط بين «ديمقراطية» هشة وأمن مفقود... وهذا يعني ان فرضية الانسحاب لا تستبعد المزيد من الاضطراب والكثير من العنف الذي يحتمل انتشاره وامتداده إلى خارج حدود بلاد الرافدين. فإذا كانت هذه هي خطة واشنطن حين قررت الحرب فإن ترجيح الانسحاب أصبح من الفرضيات القوية على جدول أعمال بوش؟ الإدارة الأميركية تنفي حتى الآن انها كانت تخطط للفوضى ولكن النتائج الميدانية تؤكد وجود هذه الخطة، وخصوصاً أن التجربة «الديمقراطية» تبدو آيلة إلى السقوط في حال انسحبت قوات الاحتلال. الصحافة الأميركية تتحدث كثيراً عن انسحاب ولكنها غير متفقة على حجم الخروج ومدته الزمنية وهل يتم على مراحل واجزاء إلى نهاية السنة أو نهاية عهد بوش بعد ثلاث سنوات. إلا أن المسألة الأهم التي تتجنب الصحف الأميركية الحديث عنها هي تجاهل سلبيات أسئلة من نوع: لماذا قررت واشنطن الحرب ومن هو المستفيد منها؟ وما هي الفوائد التي جنتها سوى تخريب العراق وزرع الفتن في المنطقة وتهديد دول الجوار

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1215 - الإثنين 02 يناير 2006م الموافق 02 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً