أدرك عدد كبير من الناس في العالم الآن أن حرب العراق كانت خطأ فادحاً زاد من احتمالات التهديد العالمي للإرهاب. فقد نشرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أمس استطلاعاً دولياً للرأي يعزز هذا القول، وقالت الإذاعة التي استطلعت آراء 41856 شخصاً في 35 بلداً أن الدراسة أوضحت 60 في المئة يعتقدون بأن الحرب زادت من احتمالات الهجمات الإرهابية. واعتقد 12 في المئة فقط أن الحرب قللت من احتمال وقوع الأعمال الإرهابية بينما قال 15 في المئة ان الحرب لم يكن لها تأثير في الناحيتين.

وطبعاً يكفي آراء مواطنين شاركت دولهم في غزو العراق مثل بريطانيا، إذ اعتقد 77 في المئة من البريطانيين أن التهديد الإرهابي زاد منذ سقوط بغداد العام 2003 وقد كان لذلك تأثير مباشر على حياتهم تمثل في تفجيرات لندن العام الماضي. وخلصت الدراسة إلى أن الغالبية في 20 بلداً تؤيد انسحاب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق في الشهور القليلة المقبلة ما لم يكن هناك طلب محدد من الحكومة العراقية بالبقاء من دون ضغوط عليها.

ولاشك أن أقطاب الإدارة الأميركية اطلعوا على هذا الاستطلاع وليتهم يستجيبون للرأي العام العالمي. بيد أن إدارة بوش تعزي العنف الحالي في العالم إلى رفض الجماعات الإرهابية للعيش على نمط الحياة الديمقراطية المفروضة الآن بالقوة في بعض بلدان الشرق الأوسط. أما في العراق (النموذج) الذي يشهد أسوأ حرب أهلية من نوعها ولأول مرة بين المسلمين أنفسهم طالت المساجد والمزارات المقدسة فترجع إدارة بوش الأمر إلى العراقيين أنفسهم والطوائف الدينية المتعددة. وتتناسى واشنطن أنها كانت السبب الأول في هذه الفوضى منذ البداية.

وليت الإدارة الأميركية تأخذ العبرة الآن وتكف عن التدخل السافر في الشئون الداخلية للدول، ومحاولة التدخل العسكري في دول أخرى مثل إيران والسودان (دارفور)، وذلك نزولا لرغبة الغالبية في العالم التي يجسدها الاستطلاع أعلاه، ولكن هيهات هيهات فلا حياة لمن تنادي.