العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ

كيف تصنع المرأة الإعلام؟

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

أحد الكليشيهات المتعارف عليها في نقد تصوير المرأة في وسائل الإعلام العالمية يأتي من استخدام المرأة على أنها «أداة جنسية» محركة للغرائز في الإعلانات، الأمر الذي يغري المعلنين باستخدامها للإعلان عن المنتجات التي يريدون ترويجها، وبالتالي يتم استخدام «جسد المرأة» من أجل البيع.

وهي قضية شغلت ومازالت حيزاً كبيراً من وقت الإعلاميين والمعلنين والباحثين الإعلاميين على حد سواء، علاوة على الجمهور المتلقي الذي لا حول له ولا قوة في كل هذه الصور التي يقدمها له الإعلام على طبق من فضة، أو ذهب.

«صورة المرأة تبيع»

«صورة المرأة تبيع»، هذا هو المفهوم المتعارف عليه في وسائل الإعلام المختلفة، ويتم استخدامها بطرق مختلفة، تختلف باختلاف قيم المجتمع وتقاليده، وباختلاف وسائل الإعلام.

ولنقترب أكثر من النموذج العربي الإعلاني وتعامله مع المرأة. لقد أظهرت الدراسات أن انتقادات شديدة واجهت تصوير المرأة في الإعلانات التجارية في التلفزيونات العربية في وقت سابق، وكردة فعل لها بدأت موجة جديدة للإعلانات التجارية التلفزيونية مطلع هذا القرن لتعزز تصويراً أكثر «احتراماً» للمرأة، وإن لم يخل من صورة مؤطرة أخرى لها.

لقد بدأت الإعلانات التجارية تصور المرأة في حياتها اليومية كربة منزل سعيدة، محاطة بأطفالها أو بزوجها، تستخدم المنتجات التي تستخدمها المرأة العربية فعلاً في حياتها، وابتسامة كبيرة مرتسمة على شفاهها وشفاه أفراد أسرتها. وهي صورة إيجابية للمرأة إلى حد بعيد، إلا أنها مازالت تؤطر المرأة في إطار الأم وربة المنزل، في وقت لا تعكس فيه أي صور أخرى للمرأة سيدة عاملة أو منتجة.

ونود هنا الإشارة والتأكيد على أن صورة المرأة الأم وربة المنزل في الإعلانات التجارية هي صورة إيجابية وخلاقة، وعاكسة بشكل حقيقي دوراً كبيراً ومهماً للمرأة في المجتمع. إلا أن هذا الدور لا يلغي بالتالي أدواراً أخرى تلعبها المرأة العربية على أرض الواقع، بوصفها سيدة عاملة.

ومناقشة هذا الموضوع ضرورية، لما ثبت من تأثير للصور النمطية التي تطرح عبر وسائل الإعلام، والإعلانات المرئية خصوصاً على أذهان المتلقين في المدى البعيد.

الإعلاميات العربيات... كليشيه آخر

أما عن صورة المرأة «الإعلامية» في وسائل الإعلام العربية، فقد أصبحت كليشيهاً آخر وصورة نمطية أخرى، إذ تسري القاعدة التي سرت على الإعلانات التجارية، وإن اختلف التطبيق. ولا يخفى على القارئ الموجة القديمة، المتجددة من المذيعات العربيات اللاتي ظهرن على الساحة فجأة، بمقاييس وأنماط مستحدثة، تجاري عصر العولمة، وتحط بشكل كبير من مفهوم المرأة الإعلامية.

واستخدمت أشباه الإعلاميات تلك كأدوات بيع من نوع آخر، لبرامج منوعة وخفيفة، ليكرسن مفهوماً للمرأة في مجال الإعلام، بوصفها وجهاً جميلاً جاذباً، يصلح لتقديم البرامج الخفيفة والمنوعة، أو برامج الأزياء والتجميل والطبخ، بينما يترك العمل الجاد، من تقديم البرامج السياسية أو الحوارية للرجل، بوصفه الأقدر إعلامياً. وعلى رغم أن البرامج الترفيهية، والمنوعة، والخفيفة ذات أهمية على خريطة القنوات الفضائية، وعلى رغم أن برامج الأزياء والتجميل والطبخ أيضاً هي اهتمامات نسائية صرفة ولا عيب على الإطلاق من أن تقدمها نساء، فإن القصد هنا هو أن هناك إلغاء لأدوار إعلامية أخرى يمكن أن تلعبها المرأة في المؤسسات الإعلامية.

فالمرأة خاضت على استحياء مجال تقديم البرامج السياسية، والبرامج الحوارية الهادفة والجادة، وعلى رغم وجود نماذج ناجحة لبرامج سياسية أو حوارية تقدمها نساء، فإنها لا تكرس مفهوماً عاماً لدى المتلقي بدور المرأة الإعلامية وما يمكن أن تحققه.


المرأة لا يمكنها أن تصنع الإعلام

ولننتقل إلى صورة أخرى من صور المرأة الإعلامية، وهي وصولها إلى مواقع صنع القرار في المؤسسة الإعلامية، وقدرتها على اتخاذ القرار ولعب دور «حارس البوابة» للأخبار التي تنقلها الوسيلة الإعلامية، وكيف يمكن أن تنقلها. وربما تقترب هذه الجزئية كثيراً من الشعار الذي دعت إلى تطبيقه منظمة اليونسكو في يوم المرأة العالمي الذي يصادف 8 مارس من كل عام، إذ أطلقت شعارها «المرأة تصنع الإعلام»، داعية أصحاب المؤسسات الإعلامية إلى أن يتنحوا عن رئاسة تحرير صحفهم، أو مؤسساتهم الإعلامية ليوم واحد لزميلة «امرأة» تأكيداً على هذا الشعار. وربما عرفت منظمة اليونسكو أن المرأة لا تصل إلى مركز صنع القرار بسهولة، وهو المركز الذي يؤهلها بالتالي إلى أن «تصنع الإعلام» بحسب الشعار. وينطبق ذلك على جميع دول العالم، فأحبت المنظمة أن تعطي المرأة هذا الحق من باب التشريف ولو ليوم واحد، تعود بعده الأمور إلى نصابها ليتسلم الرجل زمام الأمور من جديد.


«أطوار» تصنع الإعلام

في الختام، تحية إجلال وإكبار إلى المراسلات العربيات اللاتي مازلن على رغم الحروب ومسلسل الدماء المستمر في مواقع مختلفة من العالم، يمارسن عملهن بشجاعة وجرأة ناقلات الحقيقة. وتحية إجلال إلى الزميلة أطوار بهجت السامرائي، التي تم اغتيالها حديثاً أثناء بحثها عن الحقيقة في مدينة سامراء العراقية، ودفعت حياتها ثمناً لذلك. نماذج مثل أطوار تحقق شعار منظمة اليونسكو، وتجعل المرأة فعلاً صانعة للإعلام

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً