العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ

العنف... والتخلي عن المسئولية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الساعة التاسعة من مساء أمس أغلق الشارع من دوار سار حتى ما بعد الدراز، وفي أماكن أخرى بالقرب من الديه والسنابس حدثت أمور مشابهة خلال الأيام الماضية... المشهد متكرر، إذ يقوم عدد من الشبان بحرق إطارات ورميها على الشارع العام بانتظار مجيء سيارات الأمن العام، التي تقوم بالرد من خلال إطلاق بعض الغازات المسيلة للدموع ومن ثم إزالة الإطارات المحترقة بعد غلق الشارع.

من يوجه هذه الأعمال؟... ولماذا؟... وما المرجو من توتير الوضع؟ أسئلة غير مطروحة في أوساط من يعنيهم الأمر. البعض يهمس، والأكثرية تفضل الصمت وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد.

البعض يود أن يقارن ما يجري بما حدث في انتفاضة التسعينات، ولكن الفرق شاسع جداً؛ حينها كانت قوانين الطوارئ هي التي تسيطر على الوضع، وزوار الفجر يقتحمون المنازل صباح كل يوم ويعتقلون أي شخص لأدنى شك في نشاطه السياسي... التسعينات ليست هي الفترة التي نعيشها حالياً، فليست لدينا قوانين الطوارئ، ولا وجود للعنف والإرهاب المسلط على رقاب الناس الذين كانوا يطالبون بحقوقهم المشروعة.

المتصدون للساحة يبتعدون بحديثهم عما يجري أمام أعينهم لأسباب لا يعلمها إلا الله، ولكن آثار ما يجري ليست محصورة في مجموعة هنا أو هناك، لأن بلادنا ابتليت بالتلوين الطائفي لكل نشاط ولكل فعالية، وما يجري أمام أعيننا يرمي بثقله على الشيعة أكثر مما يرمي على الدولة أو أي فئة أخرى من فئات المجتمع. بل إن ما يجري يصب في صالح النظرية التي يتبناها عدد غير قليل من الطائفيين والعنصريين والمتمصلحين الذين استفادوا من قوانين الطوارئ سابقاً ويودون لو تعود لهم تلك الأيام.

إن الابتعاد عن التصريح بالموقف فيما يجري أمام أعيننا قد يوفر فترة من الضبابية للاختفاء أو التخلي عن المسئولية عندما يستدعي الواجب تحملها، ولكن الآثار السلبية المترتبة على التهرب من المسئولية قد تتراكم لتنقلب لاحقاً على المتصدين للساحة العامة.

إن أقل ما هو متوقع لمن يتصدى للساحة هو أن «يصدع بالحق»... وأن يقول بصراحة إذا كان مع أم ضد هذه الأعمال. فإذا كان ضد هذه الأعمال، وهو متصد للساحة، فما البرامج والاجراءات التي تم اعتمادها لترشيد الساحة؟ أين المواقف الصريحة التي تختفي عندما يحتاجها الوضع؟

أتمنى من الذين وضعوا أنفسهم في موقع المتصدي لقيادة الناس أن ينتبهوا إلى مخاطر سكوتهم عما يجري أمام أعينهم قبل فوات الأوان... فالحياة الكريمة تتطلب من الإنسان أن يقول كلمة الحق، سواء كانت هذه الكلمة ستزعج من بيدهم السلطة، أو أنها ستزعج من يتصدى للعمل الشعبي... وفي هذه الحال فليسمح لي المتصدون للعمل السياسي المرتبط بالشارع المتحرك بأن أزعجهم وأقول لهم: إنكم مخطئون بسكوتكم وتخليكم عن مسئولياتكم.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً