العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ

دور مجلس النواب الرقابي والتشريعي في مجال حماية المركز المالي

فريد غازي جاسم رفيع comments [at] alwasatnews.com

اتبع مجلس النواب في مملكة البحرين منذ بدأ أعماله في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2002 سياسة إضفاء مزيد من الحماية لتشريعات الهيئتين (صندوق التقاعد والتأمينات)، وأيضاً فعل الأدوات الدستورية الرقابية على السلطة التنفيذية في مجال الحفاظ على حقوق المؤمن عليهم في القطاع الخاص والعام المنتمين لهاتين الهيئتين. وفي الحقيقة، فإن الحكومة استجابت لمعظم ما طرح في هذا الشأن من أجل زيادة موارد الصندوقين عن طريق رفع نسبة الاشتراكات أو عن طريق إضافة ميزات جديدة للمؤمن عليهم مع بحث إمكانية دمج الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية مع الهيئة العامة لصندوق التقاعد في المستقبل القريب بعد استكمال تصورات الخبير الاكتواري ورؤية الحكومة في هذا المجال. وباستعراض ما قدمه مجلس النواب في مملكة البحرين في هذا المجال نورد أن أعضاء المجلس بتاريخ 6/1/2003 أي بعد بدء أعمال المجلس بنحو 22 يوم تقدموا باقتراح برغبة بشأن توحيد مزايا التقاعد والتأمينات الاجتماعية، وقد وافق عليه المجلس وأحاله إلى الحكومة التي وافقت على هذا الاقتراح، وبتاريخ 26 يناير/ كانون الثاني 2003 قدم اقتراح برغبة آخر بشأن إدراج المواطنين البحرينيين العاملين في دول مجلس التعاون تحت مظلة التأمينات الاجتماعية والهيئة العامة لصندوق التقاعد، وقد وافق عليه المجلس والحكومة كما قدم اقتراح برغبة بتاريخ 7 ابريل/ نيسان 2003 بشأن التقاعد المبكر للمرأة وقد تمت الموافقة عليه أيضاً من المجلس والحكومة من حيث المبدأ وجارية دراسته نظراً إلى ما للمرأة من مكانة في القوة العاملة في مملكة البحرين، وفي يوم الثلثاء 15 ابريل 2003 من دور الانعقاد الاول السنوي العادي من الفصل التشريعي الأول صرح في جلسة المجلس الشيخ عيسى بن إبراهيم آل خليفة بوجود إفلاس اكتواري متوقع للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية سيحل خلال العام 2006. ملاحظة: يشار الى أن المدير العام للهيئة العامة لصندوق التقاعد صرح في صحيفة «أخبار الخليج» بتاريخ 23 سبتمبر/ أيلول 2002 تحت عنوان «وضع الهيئة يقترب من الخطر» أي يقترب من التوازن باقتراب مجموعة حصيلة الاشتراكات من المطلوبات، وفي ضوء ذلك تم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية فوراً استناداً الى نص المادة (69) من الدستور والمواد (160 - 161 - 162) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وذلك للتحقيق فيما أثاره مدير الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، على أن يشمل التحقيق الهيئة العامة لصندوق التقاعد وتم تشكيل اللجنة بثمانية أعضاء وشرفت بترأسها بموجب القرار التنفيذي رقم (5) و(6) من العام 2003 وباشرت اللجنة مهماتها وخلصت الى نتائج وملاحظات ووضع التقرير في صورته النهائية في 15 ديسمبر 2003 وما يهمنا في هذه الورقة هو توصيات اللجنة وإذا ما استجابت لها الحكومة ومدى هذه الاستجابة، ولما كانت توصيات اللجنة بالنسبة إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وضعت في (19) توصية جاءت أهمها في أن أوصت اللجنة بضرورة إعادة الاعتبار للشخصية الاعتبارية للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وإعادة هيكلة مجلس الادارة والجهاز التنفيذي وتشكيل جهاز أعلى للاستثمار، واسترجاع مبالغ قرض إنشاء مركز البحرين الدولي للمعارض مع الفوائد ووضع معايير لمدقق الحسابات الخارجي وزيادة نسبة الاشتراكات، كما أوصت بتوحيد المزايا في كل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة لصندوق التقاعد، وأوصت بدمجها وبالمثل وضعت اللجنة توصياتها بالنسبة إلى الهيئة العامة لصندوق التقاعد وجاءت على المستوى التنظيمي الإداري وعلى المستوى القانوني وعلى المستوى الاستثماري وعوائدها، إذ جاءت أهم توصية على المستوى الأول إعادة هيكلة مجلس الإدارة وذلك بغرض تحقيق تمثيل متكافئ لأصحاب المصلحة (الحكومة، المتقاعدين المدنيين والعسكريين)، وعلى المستوى الثاني اقترحت اللجنة حلولا قانونية أخذ بها فيما بعد في مشروع قانون الهيئة العامة لصندوق التقاعد وعلى المستوى الثالث جاءت توصية ضرورة إعادة هيكلة جهاز الاستثمار، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل استجابت الحكومة لهذه التوصيات؟

وفي هذا المقام أدعي وبالمستندات والوثائق أن نسبة نجاح لجنة التحقيق البرلمانية جاءت 100 في المئة وأن الحكومة استجابت للتوصيات بشكل كامل من دون استثناء، وتمثل ذلك في 4 خطابات موجهة إلى مجلس النواب وموقعة من سمو رئيس الوزراء، وهي الخطابات الآتية: خطاب 16 و23 مارس/ آذار 2004 وخطابان مؤرخان في 7 و10 ابريل 2004 استجابت الحكومة الى جميع توصيات لجنة التحقيق البرلمانية. جاء أهمها:

أولاً: قامت الحكومة بتعديل كل من أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976 والقانون رقم (13) لسنة 1975 بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة، وأحالت مشروعي قانون بتعديل القانونين المذكورين لمجلس النواب، وقد ضمنت الحكومة هذين القانونين بناء على توصية لجنة التحقيق إعادة هيكلة مجلس الإدارة، وهو من سيضطلع بمهمات تنفيذ بقية التوصيات بما فيها جهاز الاستثمار وتطوير أدواته.

ثانياً: قررت الحكومة إعادة المبالغ المقترضة من الهيئتين كاملة مع فوائدها وقررت في هذا الصدد تقديم تعويض عيني للهيئتين عن قيمة القرض المقدم لبناء مركز البحرين الدولي للمعارض والقرض المقدم للشركة الوطنية للفنادق وعن قيمة التبرعات التي قدمتها الهيئتان للمشروعات المختلفة، وذلك بقيمة 8,634,420 ديناراً للهيئة العامة لصندوق التقاعد و7,635,602 دينار للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.

ثالثاً: تعويض الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن كل من الأرض الكائنة في المنطقة الدبلوماسية والتي استملكت للمنفعة العامة، وكذلك تعويض الهيئة العامة لصندوق التقاعد عن الأرض التي تملكها بالمنطقة الدبلوماسية واستملكت للمنفعة العامة، واستجابت الحكومة لجميع التوصيات التي من اختصاصها وتركت التوصيات التي من اختصاص مجلس الإدارة المقبل لكل من الهيئتين لينفذها.

وقد أكد وزير العمل أخيراً في سؤال نيابي أن الحكومة أودعت مبالغ التعويضات في حساب الهيئتين، كما أن الحكومة تتجه أخيراً إلى رفع الاشتراكات في الهيئتين. وأكد ذلك وزير المالية في سؤال أخيراً عن الموضوع ذاته. ويتبين من نتائج التحقيق أن اللجنة توصلت الى تأكيد ما أوضحه الخبير الاكتواري في تقاريره وأكده مدير الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية السابق من وجود إفلاس اكتواري للهيئتين متوقع وما صرح به المدير العام للهيئة العامة لصندوق التقاعد في الصحافة وهو ما أكده تقرير ديوان الرقابة المالية في تقريره عن العام 2004، إذ جاء فيه أن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية تزيد فيها المزايا المدفوعة على الاشتراكات العام 2008 وأن العام الذي يتم فيه الإفلاس الكامل 2031 والهيئة العامة لصندوق التقاعد تزيد فيه المزايا المدفوعة على الاشتراكات العام 2006 وأن العام الذي يتم فيه الإفلاس الكامل 2032.

وأفاد التقرير «وإنه إذا ما أضيف العجز الاكتواري الى الدين العام للدولة، وكلاهما عبء على الاقتصاد الوطني، فإن إجمالي الالتزام الحكومي يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للمملكة».

ومما تقدم يتبين أن مجلس النواب منذ الدور الأول باشر صلاحياته الرقابية والتشريعية لخدمة المؤمن عليهم المشتركين في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد. وتأكد هذا الدور في الدور الثاني عندما تقدمت الحكومة بمشروعين بقانون، هما: تعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 1975 بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة المرافق للمرسوم الملكي رقم (9) لسنة 2004 ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976 المرافق للمرسوم الملكي رقم (9) لسنة 2004 وهما في مراحلهما النهائية في مجلس الشورى بعد مناقشته والانتهاء منه من مجلس النواب.

وما الاقتراح برغبة المقدم في 13 يناير 2004 بدمج الهيئة العامة لصندوق التقاعد مع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إلا تأكيد للدور الكبير الذي لعبه مجلس النواب في دعم الهيئة العامة للتأمينات وصندوق التقاعد من الناحية التشريعية والرقابية، وذلك حفاظاً عليهما وعلى حقوق المؤمن عليهم، نظراً إلى الدور الكبير الذي يلعبه الصندوقان في حياة المواطن المشترك فيهما. وعليه، فإن الدور البرلماني دائماً يعطي أولوية لمطالب واحتياجات المشتركين وهنا تكون المعادلة صعبة، إذ تكمن هذه الصعوبة في أهمية المعادلة بين احتياجات المواطن المشترك بإضافة ميزات جديدة له وموارد ومصروفات الصناديق وأهمية حمايتها من الإفلاس الاكتواري. وهنا يأتي دور المختصين في وضع جميع الضمانات القانونية والمحاسبية لضمان إعطاء ميزات بما يتوافق وأوضاع صناديق التأمينات المالية وما يضمن حياة كريمة للمشتركين فيها، مع المحافظة على هذه الصناديق لتمتد أعمارها الى الأجيال القادمة.

العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً