العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ

المجتمع المدني بين التطنيش والتطفيش!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

منذ تطبيق الدستور الجديد تشكلت منظمات ومؤسسات مختلفة لتنضم الى سرب المجتمع المدني. وحققت السنوات الأربع الماضية أرقاما قياسية في تأسيس الجمعيات المهنية والسياسية والاجتماعية، وهذا ما رفع حظ البحرين في التقارير الدولية. ومع نهاية العام الماضي تم تسجيل أكثر من 300 منظمة غير حكومية في البحرين ما ساعد على نمو المجتمع المدني وتقدم الحديث والنقاش عن الشأن العام. وتبذل الكثير من هذه المنظمات جهودا كبيرة في مجال حقوق الإنسان، وهو رقم يعد نموذجيا جدا قياسا بالمحيط الخليجي أو حتى العربي.

بالتأكيد أن وجود هذا الكم الكبير من المؤسسات النفعية العامة هو دليل على تحقيق إنجاز وطني ملموس على صعيد المجتمع المدني، ولكن في غمرة هذا الترحيب يلحظ المرء نشوء ظاهرة حكومية - ولا أعلم إن كانت هي سياسية مقرة فعلا - في إقصاء نشاط شرائح مهمة من المجتمع المدني سواء كان على مستوى الجمعيات السياسية أو الاتحاد النسائي أو الاتحاد الطلابي أو النقابات العمالية، فكل هذه المكونات المجتمعية تواجه مآزق كثيرة وعقبات مصطنعة في غالبيتها لكبح جماح هذه المؤسسات بطريقة غير مسئولة.

من المعيب جدا ونحن نعيش عصر التحول الديمقراطي أن تتجاهل الحكومة دور المجتمع المدني، ولا تعتبره شريكا في التنمية أو صناعة القرار، فمنذ سنوات ثلاث لم نسمع أن الوزارات والمؤسسات الحكومية استجابت دعوة لحضور فعاليات مهمة كثيرة تقيمها الجمعيات السياسية وكشاهد على ذلك يمكن التدليل بمؤتمر الحوار الوطني الأول الذي اشتركت فيه 12 جمعية سياسية، وقامت لجنته التحضيرية بدعوة الديوان الملكي والوزراء وأعضاء المجلس الوطني ولم يتحمل أحد من المسئولين الرسميين عبء الحضور والمشاركة في هذه الفعالية فضلا عن الندوات الجماهيرية العامة والحلقات النقاشية مثل توزيع الدوائر الانتخابية وتمويل الجمعيات السياسية وغيرها الكثير. المجتمع المدني البحريني تحصره مؤسسات الدولة اليوم بين فكي «التطنيش والتطفيش»، ولنا في الاتحاد النسائي مثال، ففي الوقت الذي تستطيع فيه الجمعيات النسائية تحقيق حكم قضائي متميز أفضى ضمنيا بإشهار الاتحاد النسائي، تعلن وزارة التنمية الاجتماعية رفضها لتطبيق القرار بحجج مختلفة، بل وتهدد بالملاحقة القانونية لعضوات الاتحاد كما شاهدناه في الصحافة أمس. كل هذه الخطوات التصعيدية التي تمارسها الأجهزة الحكومية ضد المجتمع المدني ستقابلها حال نفور عامة من المؤسسات المسجلة الى حال الحراك الشعبي المباشر والتمرد على القانون والنظام الذي يصبح في بعض الأحيان سيفا مسلطا على رقاب المجتمع

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً