العدد 3153 - الإثنين 25 أبريل 2011م الموافق 22 جمادى الأولى 1432هـ

المداوي وبوزبون

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

الاعتداء الذي تعرض له الشاعر عبدالعزيز المداوي في مدينة حمد، وقبل ذلك مهاجمة 3 أشخاص ملثمين الناشط الاجتماعي يوسف بوزبون بالقرب من منزله في المحرق، تصرفان لا يمتان لشعب البحرين بصلة، بل هما عملان لأشخاص هدفهما الأساس جر المجتمع إلى نزاع طائفي قائم على ثقافة الانتقام والثأر من الآخر. والإذعان لمثل هذه المحاولات قد يجرنا إلى إيقاع الظلم على أناس ليس لهم علاقة أو صلة بما جرى، بل هم أول من يدين هذه التصرفات ويشجبها.

أعني أن طائفة من قام بهذه الأفعال المشينة بحق الوطن، يجب أن لا تكون باباً يدفعنا نحو الاحتكام للعاطفة وتعطيل العقل، فمهما تكن جنسية وانتماء وثقافة وديانة من دفعته نفسه للاعتداء على سلامة الغير، فهو منبوذ وتصرفه تشجبه كل نفس سوية لا تزال إنسانيتها تنبض بالحياة.

وليعلم من يتخذ هذا الطريق مسلكاً لتعميق الشرخ الطائفي وتفويت الفرصة على الأصوات الرزينة التي تدعو لرص الصفوف ولم الشمل، أنه في الواقع لا يجرم بحق نفسه وحسب، بل يسيء إلى مسيرة طويلة من الوئام والتعايش الحميم بين سنة وشيعة هذا البلد، ومهما علا وتمادى فإنه سيواجه سداً منيعاً لم يتمكن الاستعمار البريطاني أن يدحره أو يحدث فيه شرخاً لمد سطوته على ربوع الوطن، فقد أثبت البحرينيين على مدى الأزمان أنهم أقوى من أي رياح تستهدف لحمتهم الاجتماعية.

ومن أصدر حكماً على المعتدين وألصقهم بفئة من الناس فقد ظلم نفسه، وحل كشاهد عيان في موقع الحدث، فيما كان ممن تلقوا الخبر عبر الصحافة المحلية أو وصلته رسالة عبر الهاتف، فكيف يوجه اصابع الاتهام دون دليل؟ ولماذا يصادر دور الأجهزة الأمنية في تعقب الجناة وتحويلهم إلى الجهات القضائية المختصة لمحاسبتهم، فيما أبسط أبجديات الأمانة المهنية تفترض ترك الأمور لجهات الاختصاص تحاشياً للوقوع في الظنون؟

أقول ذلك لأن بعض الأقلام الصحافية باتت تشعل فتيل أزمات بين الطائفتين الكريمتين ليس لها وجود، وترمي بعبارات حادة ومفردات قاسية لم يعهدها القارئ، يستشف منها الانحياز إلى التوجه الفكري أو العقائدي للكاتب، وليس الانحياز للوطن ومصلحته العليا في الحفاظ على استمرارية التعايش السلمي الآمن بين جميع مكوناته وأطيافه.

من اعتدى على بوزبون والمداوي لم يعتدِ على اثنين من السنة بل اعتدى على كل الوطن بشيعته وسنته، فالأول ناشط اجتماعي بارز في محافظة المحرق، وهو مؤسس جمعية البحرين للتسامح والتعايش بين الأديان، ومجبول على فعل الخير وتقديم يد العون للمحتاج أياً كانت ديانته أو مذهبه، ويشهد له القاصي والداني بذلك وليست المحرق وحدها.

أما المداوي، فهو شاعر وطني لم يدلِ بقول أو فعل ذي نفس طائفي، يتمتع بشخصية اجتماعية ويتواصل مع الجميع في مختلف الاحتفالات والمناسبات ولديه علاقات زمالة وصداقة مع أبناء البحرين من الطائفتين، فلتكف عنا الأيدي التي تريد بنا الفرقة والشتات لأننا وطن لا يقبل الانقسام على ذاته

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3153 - الإثنين 25 أبريل 2011م الموافق 22 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً