من الغريب جداً أن تصدر تصريحات رسمية متشنجة وغير دقيقة، وخصوصاً أن وزارة العدل من المفترض فيها أن تكون هادئة وعادلة وبعيدة عن التوتر في الأحكام والتصريحات.
وزارة العدل هاجمت ورشة العدالة الانتقالية بحجة أنها كانت مسيسة، وأن الجانب الرسمي كان مغيبا، وان الاجتماع كان مغلقاً ومحصوراً في بعض الافراد الذين لا يمثلون قانونيا من يتكلمون باسمهم... إلخ.
هذا التصريح يعبر عن توتر المصدر، والواقع أن وزارة الخارجية حضرت بصفة مراقب في الورشة، ونعلم - من خلال التصريحات الأخرى - أن الخبراء الثلاثة اتصلوا بوزارات الخارجية والداخلية والعدل وبالنيابة العامة، وطلبوا الاجتماع، وعقدوا اجتماعات مع مسئولين، كما عقدوا اجتماعات مع أطراف معنية بما حدث في الحقب الماضية التي سبقت المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي نقل البحرين بصورة نوعية ومن دون خشية من مفاهيم الإصلاح والديمقراطية، بما في ذلك العدالة الانتقالية.
وإذا كان جلالة الملك يؤكد ضرورة الانفتاح والتعامل بواقعية مع مختلف الشئون العامة، فلماذا تصدر من بعض المسئولين تصريحات تنم عن حال خائفة من الديمقراطية والشفافية؟
لقد أكد خبراء حقوق الإنسان أهمية الابتعاد عن الحساسيات من أجل بناء جسور الثقة ومن ثم مصارحة بعضنا الآخر عما حدث في الماضي، ومن ثم نطوي تلك الصفحة السوداء على أساس التراضي والمشاركة الفاعلة لكل من يهمهم الأمر، وهم شعب البحرين جميعا، الذي لا يحتاج إلى قانون في هذا الأمر، لأن حقوق الإنسان هي مصدر القانون.
ليس خطأ أن نعترف بزلات الماضي، لكن الخطأ هو محاولة تجاهله والاعتقاد بأن ذلك سيطمر في طي النسيان، لأن الأجيال تطالب بمصالحة مع ماضيها من أجل الانتقال إلى مستقبل أكثر اشراقا، وهذا هو مفهوم العدالة الانتقالية، وكان ينبغي لوزارة العدل أن تشكر الخبراء الثلاثة جو ستورك وهاني المجلي وادريس اليازمي الذين قدموا للبحرينيين خبرات من الدرجة الأولى ولاسيما تجربة المغاربة التي هي ليست غريبة عنا لما يربطنا بالمغاربة، شعبا وقيادة، من روابط وثيقة.
إن الرد المتشنج لوزارة العدل أمر مؤسف، ونأمل أن يتم تصحيحه من خلال إصدار توضيح آخر يقول إن جميع البحرينيين يرحبون بأي مبادرة صادقة تساعدهم على التلاحم وللوقوف صفاً واحداً خلف جلالة الملك لإنجاح المشروع الإصلاحي
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1329 - الأربعاء 26 أبريل 2006م الموافق 27 ربيع الاول 1427هـ