العدد 1331 - الجمعة 28 أبريل 2006م الموافق 29 ربيع الاول 1427هـ

لهجة «خلافية شديدة» أعقبت ورشة «مقاربات العدالة الانتقالية»

حلقة مفقودة بين رد وزارة العدل واللجنة المنظمة...

لم تستمر ورشة مقاربات العدالة الانتقالية أكثر من سويعات معدودة، إذ بدأت فعالياتها في الساعة الخامسة والنصف من عصر يوم الأحد 23 ابريل/ نيسان الجاري واستمرت حتى العاشرة ليلاً، لكن أبعادها كانت ساخنة!! فقد أصدرت وزارة العدل بياناً أوضحت فيه الموقف اذ عكس ذلك البيان وجود حلقة مفقودة بين الوزارة واللجنة المنظمة... لكن ما هي؟

فعقب يوم من انتهاء الورشة التي نظمتها جمعية دعم الحريات والديمقراطية، ظهرت لهجة خلافية، لم تنحصر في بيان النائب جاسم السعيدي الذي صرح في بعض الصحف المحلية بأن لجنته التي شكلها للمطالبة بتعويض ضحايا ارهاب التسعينات (ويقصد كل من تضرر بفعل أعمال الحرق والتخريب)... طردت من حضور تلك الورشة، لكن هناك بياناً رئيسياً صدر عن وزارة العدل.

والبيان، في حد ذاته، أشار إلى نقطة ايجابية وهو ذلك اللقاء المهم الذي استضافه وكيل وزارة العدل بناء على طلب النائب الأول لمجلس النواب عبدالهادي مرهون، فقد التقى وكيل وزارة العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة والعقيد محمد راشد بوحمود وكيل الوزارة المساعد للشئون القانونية بوزارة الداخلية ثلاثة خبراء دوليين مختصين بالعدالة الانتقالية، وذلك بمقر وزارة العدل... البيان ايضاً قال إن الافراد الذين قاموا بتكوين لجان متعلقة بهذه الامور لم يتقدموا بطلب تكوين جمعية لهم ولم يتعاطوا مع الدولة بأي شكل كان سوى المسيرات والمظاهرات والتجاوزات، ولم يقدموا للدولة بيانا بمن يعتبرونهم متضررين. وأبدت وزارة العدل استغرابها من دعوة خبراء أجانب لهذا الاجتماع وعرض الشأن الداخلي عليهم من منظور واحد منحاز يفتقر إلى الكثير من الدقة والشفافية في ايصال المعلومات، وخصوصا بعد منع وتجاهل الطرف الآخر من المتضررين الذين تعرضت ممتلكاتهم للحرق والتخريب، بالاضافة إلى تجاهل الجانب الرسمي في هذا الاجتماع.

المسئولون يطرحون خطوات «العدالة»

وتناول اللقاء الكثير من الموضوعات تم فيها تأكيد أن العدالة الانتقالية التي بدأتها البحرين بالعفو الشامل وميثاق العمل الوطني في ظل عهد عاهل البلاد المفدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة كانت أساس وضع حد للاحتقان الداخلي والخروج بالبلد من الأزمة السياسية والاجتماعية التي عانت منها في الحقبة الماضية وطي صفحة الماضي وتهيئة المناخ الملائم للحريات العامة.

وبشأن قيام مجموعات من الأفراد بتكوين لجان متعلقة بهذه الأمور، فإن أفرادها لم يتقدموا بطلب تكوين جمعية لهم، ولم يتعاطوا مع الدولة بأي شكل كان سوى المسيرات والتظاهرات والتجاوزات، بل لم يقدموا إلى الدولة بيانا بمن يعتبرونهم متضررين، فكان من نتاج ذلك اختفاء ملامح من يستحق المساعدة الإنسانية في خضم هذه الممارسة. أما بالنسبة إلى الاجتماع الذي تم بشأن ما سمي بالعدالة الانتقالية فمع الأسف الشديد أيضا تم تسييسه وحصره في اجتماع خاص مغلق لبعض الأفراد الذين لا يمثلون قانونيا من يتكلمون بشأنهم، بل زاد الأمر إلى الحد الذي يمنع فيه الطرف الآخر من المتضررين وهم من تعرضوا للحرق والتخريب من المشاركة، وكذلك تم تجاهل الجانب الرسمي في مثل هذا الاجتماع الخاص المغلق.

بحث التجارب الدولية

لكن المسئولين في اللجنة المنظمة يقولون غير ذلك؟ فهناك رسالة دعوة وجهت إلى الوزارة كما تم ترتيب لقاءات مع عدد من المسئولين للخبراء الثلاثة الذين حضروا الورشة وهم، المسئول الإقليمي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» جو ستورك، والناشط الحقوقي المغربي أمين عام الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (شئون المغرب العربي والشرق الأوسط) إدريس اليازمي بالإضافة إلى رئيس المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية هاني مجلي، شملت مسئولين بوزارات الداخلية والعدل والخارجية لبحث التجارب الدولية للعدالة الانتقالية ومدى مواءمتها للتجربة في البلاد، ومن ثم وضع التصورات التوافقية على مشروع العدالة الانتقالية في البحرين ومن المتوقع ان يتقدم بافكار ورؤى ستقدم للاطراف المعينة.

وبحسب الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري فإن هذه هي الورشة الرابعة التي تعقد في البحرين بشأن العدالة الانتقالية، وسبقتها ورشتان الأولى اقامتها الجمعية البحرينية لحقوق الانسان واللجنة العربية لحقوق الانسان في باريس، والورشة الثانية عقدت بشأن المحكمة الجنائية الدولية وأقيمت بتنظيم مشترك بين جمعية حقوق الانسان والفيدرالية الدولية لحقوق الانسان والثالثة كانت بين الجمعية والمعهد العربي لحقوق الانسان. وركز على أن دلالة تعاقب عقد هذه الورشة تعني ان الموضوع مهم للبحرين وخصوصا بالنسبة إلى الجمعيات الحقوقية في المملكة التي تجتهد لتأتي بخبرات دولية لطرحها على المهتمين في البحرين وتفتح الباب أمام اللقاءات مع المسئولين في الدولة والتنظيمات السياسية وممثلي الضحايا، وكل هذا جزء من ديناميكية لحلحلة هذا الملف المعلق حتى الآن.

السعيدي يتحرك لحشد التأييد أيضاً!

وتحولاً إلى منحى آخر في اطار الورشة وما وراءها، أصدر النائب الشيخ جاسم السعيدي، وهو رئيس اللجنة الوطنية للدفاع عن ضحايا الارهاب في التسعينيات بياناً وصف فيه «حرصه واستمراره لحشد التأييد المحلي والدولي لقضيته الحقوقية»، وذلك انطلاقا من عدالتها وتوافقها مع حقوق الانسان، مشيرا إلى ان ضحايا ارهاب التسعينيات لم يكونوا من طائفة واحدة، وانما جميع أبناء الوطن تضرروا من هذه الحوادث الارهابية بالاضافة إلى عشرات المقيمين الذين تضرروا وكان بعضهم ضحية لاعمال غوغائية شهدتها البلاد من البعض. وصدر ذلك البيان بعد لقاء عقده السعيدي، الذي أعلن في وقت سابق طرد لجنته من ورشة العمل مع نائب مدير الشرق الاوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش الاميركية جو ستورك، ورئيس المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية هاني مجلي، والامين العام للفيدرالية الدولية لحقوق الانسان ادريس اليازمي بفندق اليت سويتس في السنابس، إذ قدم السعيدي خلال المقابلة نبذة عن اعمال اللجنة ونسخة من احد كشوفات اللجنة التي توضح اسماء المتضررين ونوعية الاضرار التي لحقت بهم بالاضافة إلى كتيب وثائقي مدعم بالصور للحوادث الارهابية في التسعينيات.

محاولات ومشاورات ضحايا التسعينات

وناشد السعيدي منظمة هيومن رايتس ووتش الاميركية والمنظمة الدولية للعدالة الانتقالية والفيدرالية الدولية لحقوق الانسان النظر بعين الاهتمام إلى هذه القضية التي تمس شريحة واسعة من المواطنين لم تنصف بعد، واصبحت معاناتها تتفاقم، وخصوصاً في ظل المساعي التي تقوم بها بعض الاطراف لتكريم الاشخاص الذين ارتكبوا اعمالا ارهابية بحق انفسهم وبحق الممتلكات العامة والخاصة وبحق الوطن. وبين السعيدي ان الجهود لن تقتصر على الدعم الدولي بل ان هناك محاولات ومشاورات مع بعض الجهات لبحث طرح ملف ضحايا التسعينيات في السلطة التشريعية وتقديمه إلى السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة.

وحتى اليوم، لم يصدر توضيح من اللجنة المنظمة، إلا أن أحد الناشطين فيها أشار إلى أنه من المؤمل صدور توضيح بعد وضع التصور الخاص بتوصيات الورشة وبلورته في صورته النهائية

العدد 1331 - الجمعة 28 أبريل 2006م الموافق 29 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً