العدد 3171 - الجمعة 13 مايو 2011م الموافق 10 جمادى الآخرة 1432هـ

كفوا أيديكم عن بيوت الله

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أقدم مجهولون يوم أمس على اقتحام جامع الإمام الصادق في الدراز، والعبث بمحتوياته وتكسيرها وسرقة البعض منها. وبادر القائمون على الجامع بتقديم بلاغ في مركز شرطة البديع، حيث تم تسجيل الحادثة ضد مجهول. في مجتمع متدين مثل البحرين، تمس مثل هذه الاعتداءات مسألة عقائدية يصعب السكوت عليها. فلبيوت الله حرمتها التي لا يحق لأحد انتهاكها، وتحتل أماكن العبادة هذه موقعاً خاصاً في القلوب تحيل الاعتداء عليها إلى تحدٍّ للقيم والعقيدة على حد سواء، وتشكل سلوكاً مخالفاً لما يحافظ عليه المواطن، وتتمسك به الدولة.

فكلنا على علم بأنه منذ توليه سدة الحكم، حرص جلالة الملك على أن يلتقي بالقيادات الدينية دورياً للتباحث معها في شؤون البلاد، وخاصة عندما تمر البحرين بأزمة سياسية، كالتي تواجهنا اليوم، إدراكاً منه بما تمثله تلك القيادات من مكانة اجتماعية وموقع سياسي لدى المواطن العادي، تجعلها عنصراً مهماً من مكونات التحول إلى مجتمع مدني معاصر. ولا يمكن فصل هذه المكانة لهذه القيادات عن احترام أماكن العبادة التي تنسج من خلالها تلك القيادات علاقاتها مع المواطن.

ويستلهم جلالته هذه الممارسة، من تاريخنا الإسلامي الذي يختزن الكثير من الاحترام لبيوت الله وأماكن العبادة. يمكننا هنا العودة إلى زيارة الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب لإحدى الكنائس بعد فتح القدس في العام 368، فعندما حان موعد الصلاة طلب منه البطريرك «صفرونيوس» أن يؤديها حيث كان، فرفض حتى لا تكون تلك سنّة لمن يأتي بعده. أصر الفاروق وهو المنتصر أن لا يمس تقاليد الكنيسة خشية أن يتحول ذلك إلى سلوك يمارسه قادة المسلمين من بعده. وكان مصيباً في ذلك، ففي العام 1192، سمح صلاح الدين لفرسان الحملة الصليبية الثالثة بزيارة القبر المقدس ليطمئنوا على مراعاة المسلمين لمقدسات النصارى. وذهب عهد صلاح الدين الأيوبي، إلى أبعد من ذلك حينما أصر على أن «تسلم مفاتيح كنيسة القيامة إلى عائلتين مسلمتين هما نسيبة وجودة، وما زالت مفاتيحها في أيدي أحفاد العائلتين إلى اليوم، على أساس أن المفاتيح بيد آل جودة بينما عملية فتح الأبواب وإغلاقها من واجب آل نسيبة».

لذا، وبغض النظر عن تداعيات الأحداث الأخيرة وذيولها، يبقى هناك ما هو فوق كل شيء، وتلك هي بيوت الله التي لا يحق لأحد أن يعتدي عليها، ولا ينبغي أن نسمح لأيدي العابثين أن تطالها، فما حدث لجامع الإمام الصادق، أمر لا يمكن القبول به، ونأمل أن يكون حالة استثنائية لا تتكرر، وكف تلك الأيدي عن العبث ببيوت الله واجب وطني تقع مسئوليته على الجميع مواطنين وأجهزة دولة

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3171 - الجمعة 13 مايو 2011م الموافق 10 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً