العدد 3219 - الخميس 30 يونيو 2011م الموافق 28 رجب 1432هـ

العاهل: الحوار لن يغفل عن أية فئة من فئات المجتمع البحريني

جلالة الملك يستقبل عدداً من المقيمين الأجانب في المنامة

وجه عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، كلمة سامية خلال استقباله بقصر الروضة أمس الخميس (30 يونيو/ حزيران 2011) عدداً من المقيمين الأجانب في البحرين بحضور رئيس الوزراء سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، قال فيها: «يسرني اليوم أن أخاطبكم كممثلي القطاع الأوسع من مجتمعنا في مملكة البحرين وأيضاً كأصدقاء أعزاء علينا. تشهد مملكة البحرين الآن مرحلة قرب انتهاء الفترة الصعبة التي مرت بها البلاد وما شكلته من تحديات، وأود أن انتهز هذه الفرصة لمناقشة مستقبل هذا الوطن وأهله ونحن على أعتاب الدخول في فصل جديد من خطوات الإصلاح. كما تعلمون، فإن السبت المقبل هو اليوم الذي ينطلق فيه الحوار الوطني الذي سيكون جاداً وشاملاً لجميع القضايا ولن يغفل عن أية فئة من فئات المجتمع البحريني الواسع التنوع.

لن يكون الهدف من هذا الحوار هو تشكيل مستقبل البحرين وحسب بل سيكون أيضاً التأسيس لمستقبل الأجيال القادمة. إن هذا الحوار بني بالتوافق وعلى أساس التوافق ليأخذ في الحسبان تطلعات الجميع ولن يكون تحديده للبعض فقط. هناك حقيقة ثابتة وأساسية لمجتمع غني ومتنوع كالبحرين وهي أن التوجه المشترك والمتفق عليه يجب أن يأخذ في عين الاعتبار شمول جميع الرؤى مع السعي لعدم استثناء أي أحد في هذا الصدد. لا يمكن أن تكون هناك نتيجة يتقبلها الجميع إلا من خلال حوار يتكلم باسم الجميع ولذا فإن النطاق الواسع الذي يغطيه الحوار ويركز فيه لن يقتصر فقط على التنمية الديمقراطية بل أيضاً سيستوعب أهمية ما يطلبه استمرار تنمية وتقدم الوطن من تعزيز المعطيات الاجتماعية والاقتصادية. إن التأكيد على الثقة في التزام البحرين للمضي قدماً يستلزم أيضاً معالجة القضايا في الأمس القريب، وخصوصاً مراجعة وتقييم الأحداث الماضية للوقوف بشكل واضح وقاطع على ما بدر من السلطات والمحتجين والجماعات المعنية. إنني أيضاً واعٍ بشكل كبير إلى الحاجة لأن نعزز من تمسك البحرين بالالتزامات المحلية والدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، التي لن نحيد عن احترامها والعمل بها. وبناءً على كل هذا، فقد أعلنت يوم أمس (أمس الأول) عن تشكيل هيئة مستقلة بعضوية خبراء دوليين ممن يشهد لهم لقدراتهم وحيادهم وستغطي مهماتها نطاقاً كبيراً فيما يتعلق بأحداث شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011 وما نتج عنها من أحداث فيما بعد. وسيتاح للهيئة المجال بلا قيود للاطلاع على الملفات والسجلات الحكومية والتواصل مع المسئولين الحكوميين، وسيكون لها الاستقلال التام في ما تراه من تحديد مسار عملها، كما أن حقوق أي شخص يتعاون مع الهيئة سيتم ضمانها وحمايتها. لقد طلبت من الهيئة أن تسلم تقريرها في موعد أقصاه 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 وستعرض نتائجه للعموم. إن هذه الخطوة مهمة وبارزة وأساسية من أجل مواصلة برنامجنا الإصلاحي والدخول في مرحلة جديدة من تطويره. إن الذين يعرفون البحرين يدركون أنها تعتز دائماً بانفتاح وتسامح مجتمعها وأصبح هذا علامة فارقة في طبيعة البحرين لابد من أن تبقى دائماً فهي صفة وطنية ميزت البحرين لأنها نابعة من القلب وتصل للقلب وليست نتيجة تخطيط اجتماعي مسبق ولهذا فقد أضحى هذا عامل جذب يتفق عليه زوارنا ومن يعيشون معنا. أوجه لكم تحية خالصة وللمقيمين الكثر الذين سموا البحرين بيتاً لهم على ما قدمتموه من إسهام ودور فعال في بناء وطننا. إن الجالية المقيمة هي عنصر مهم من تنوع البحرين وقوتها، فلقد جلبتم خبرات جديدة لسوقنا التجارية وفتحتم شركات جديدة وساهمتم في توفير فرص العمل لأبناء البحرين وأثريتم مناخ الأعمال لدينا بشكل ملحوظ. وفوق كل ذلك، فلقد جعلتم أنفسكم جزءاً من البحرين كما أتمنى أن تشعروا أن البحرين تعتبركم بالمثل. لكم مني عظيم الشكر لدعمكم الموصول وإسهامكم الغني في تنمية البحرين المستمرة. إن قيمتكم في المجتمع لها منا بالغ التقدير فأنتم أعضاء فاعلون في مجتمعنا. شكرا لانضمامكم إليّ اليوم ولوضع أيديكم مع هذا البلد ونحن نأخذ خطوتنا نحو مستقبلنا المشترك بروح الوحدة والجماعة المتجددة.

وألقى الرئيس السابق للنادي البريطاني جون هيوز كلمة أكد فيها أنه ومنذ وصوله إلى البحرين في العام 1969 راقب البحرين عن كثب وهي تتحول من تلك الدولة الصغيرة إلى هذه المملكة الرائعة المتطورة وكل ذلك ما كان ليتحقق لولا القيادة والحكومة.

وأعرب هيوز عن سعادته بأن يجتمع هو والحضور بجلالة الملك، موجهاً الشكر والتقدير لجلالته بالأصالة عن نفسه ونيابة عن جميع الحضور لكل الدعم الذي تلقوه من جلالته، مؤكداً الالتزام والدعم التام لمملكة البحرين، ومعرباً عن ثقته في مستقبل مملكة البحرين.

وأضاف أنه والحضور لن يترددوا في تقديم المزيد للبحرين إن استطاعوا ذلك. مؤكداً وقوفهم الكامل وراء القيادة خلال هذه الفترة الصعبة من تاريخ البحرين.

كما أعرب عن تفهمه وتقديره للمهمات الكبيرة والمسئوليات الجسيمة الملقاة على عاتق القيادة والتي استطاعت القيادة أن تكون على قدر هذه المسئولية طوال 40 عاماً، مؤكداً أن البحرين مازالت دولة حديثة العهد مقارنة بغيرها من الدول، ومازال هناك مستقبل زاهر أمامها.

وكرر هيوز تقديره لجلالة الملك وثقته في مملكة البحرين كونها البلد التي اختار أبناء الجاليات الحاضرة في اللقاء الإقامة فيه ليس لكسب الرزق فحسب بل بسبب حبهم لها.

كما ألقى اندرو دوغلاس ستيفنسون كلمة قال فيها: «نيابةً عن زملائي الوافدين الحاضرين هنا، يسعدني أن أتقدم بأسمى آيات الشكر والامتنان لجلالتكم لدعوتكم لنا هذه الظهيرة. لو جمعنا مدة إقامتنا في مملكة البحرين بحسب الحاضرين في الغرفة الآن لوجدناها تفوق الألفي سنة. بعضنا عاش هنا لأكثر من أربعة عقود، وبإمكاننا أن نشهد لجلالتكم شخصياً بالطيبة وكرم الضيافة التي طالما ميزت سكان البحرين بمختلف أطيافهم. فالمرافق الممتازة المنتشرة على أرض مملكة البحرين تساعد أية عائلة أن تعيش في جو من السلام والتسامح والمودة. وخلافاً لمجتمعات أخرى تأوي وافدين فإن الطبيعة الخاصة للبحرين جعلت نشعر أننا جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي البحريني. فالبعض يعتبر «أرض البحرين» بيته الثاني، لكن بالنسبة لنا البحرين هي بيتنا وليس لدينا غيرها.هنا نعيش وهنا رزقنا أطفالنا وبعضنا سيموت هنا، لكن أتمنى ألا يكون ذلك الآن. ولهذه الأسباب نحن مهتمون بمستقبل هذا البلد، ومستعدون أن نضحي بكل ما نملك من أجلها وعلى كل المستويات. إننا نعبر عن دعمنا اللامحدود لجلالتكم وسنعمل معكم من أجل رفعة هذا البلد الذي نعتبره وطننا. كوافدين نشعر أن الكل يرحب بنا ويجعلنا نشعر حقيقة أننا ننتمي لهذه الأرض. وخلال العقود التي عشناها هنا تزوج العديد منا ورأى أطفاله يكبرون. ونعرف كذلك أن الآلاف من الوافدين مروا من هنا، ورجع بعضهم للاستقرار الدائم أو البعض الآخر للإقامة الوقتية. ونؤكد من خلال اتصالنا بهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي أن أغلبهم مازال يحتفظ بذكريات جميلة عن هذا البلد على رغم البعد. لقد سبب لنا الوضع الراهن في مملكة البحرين بعض الصعوبات والقلق، لكن البحرين التي نعرف ونحب لم تتغير وحسن ضيافة البحرينيين وطيبتهم لم تنقصا. لقد فشل الراديكاليون والأشخاص المغامرون والمنظمات والانتهازيون المدعومون من الخارج في تدمير نمط الحيات الراقي الذي كنا نتمتع به في ظل القيادة. لم ولن يجعلوا مشاعرنا الطيبة نحو هذه الأرض التي نعتز أن نسميها وطننا تتغير. كما أنهم لن يحولوا دون عزمنا العمل من أجل مستقبل هذا البلد وسلامته وأمنه. لقد استمتعنا خلال الأزمة برؤية طائرات جاءت لأخلائنا تنزل وتغادر شبه فارغة. المطلوب وقت الشدائد ليس القرارات السياسية الصحيحة بل محاولة فهم حقيقة ما يجري على الأرض. ما يهمنا كوافدين هو أن تصل مشاعرنا وآراؤنا إلى المسئولين. لقد شعر أغلب الوافدين بعدم الرغبة في مغادرة مملكة البحرين عندما كانت محتاجة إليهم. لقد شرنا بالحزن ونحن نشاهد كيفية تناول وسائل الإعلام العالمية للشأن البحريني أثناء الأزمة. لقد آلمتنا عدم حيادية القنوات الإخبارية وكذبها المتكرر. إن تلك المحطات التي لا تعرف ولا تهتم بخصوصية البحرين شوهت الحقيقة ودمرت مصالحنا الاقتصادية هنا. يرى البعض أن الأوضاع في العالم العربي تتطور ببطء. وهذا صحيح من ناحية وخاطئ من أخرى. لقد تطلبت الديمقراطية البريطانية آلاف السنين لتصل إلى ما هي عليه الآن، والبعض مازال يرى أنها لاتزال غير مثالية. لكن في البحرين تمكنتم من التحول إلى نظام انتخابات حرة ونزيهة في أقل من عشر سنوات. أبارك لكم ذلك يا جلالة الملك ولم يكن هناك بطء في هذا الشأن. كان على وسائل الإعلام العالمية أن تركز على بعض من إيجابيات حكمكم الكثيرة. هناك دستور يوائم كل معاهدات حقوق الإنسان العالمية وأنعم الله عليكم أنه حصل على دعم البحرينيين بنسبة 98.4 في المئة. نلاحظ أن هناك فصلاً بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وهناك مزيد من الشفافية في عمل الحكومة. ونشكركم يا جلالة الملك على تمكين الوافدين من التصويت في انتخابات المجالس البلدية، ورأينا العديد من الانتخابات البرلمانية والبلدية الناجحة. لقد كان النمو الاقتصادي في مملكة البحرين ملفتاً كذلك، ونفتخر بأن المجهود الوطني ساهم في خفض معدل البطالة من 16في المئة إلى 3.6 في المئة. إنني أحث زملائي الوافدين هنا أن يفعلوا كل ما بوسعهم لتصحيح صورة البحرين في بلدانهم الأصلية ولأصدقائهم ومعارفهم لكي يعرفوا حقيقة هذه الجزيرة الجميلة. إن أصالة وطيبة أهل البحرين يجعلاننا نقر بأن جودة ما نتمتع به هنا لا يوجد له مثيل في المنطقة. جلالة الملك، لقد أعلنتم أمس عن تكوين لجنة تقصي حقائق مستقلة متكونة من شخصيات تتمتع بصدقية عالمية وليست لها صلة بالحكومة البحرينية أو النظام السياسي. وستقوم هذه اللجنة برفع تقرير عن حقيقة ما حدث وتقديم ما تراه صالحاً من التوصيات. أتمنى من وسائل الإعلام العالمية أن تقدم تغطية إيجابية عن البحرين تبرز من خلالها الثقة التي تتمتع بها القيادة وشجاعتها».

ثم ألقت كل من الطالبة جابي ويلسون والطالبة جينيفر جيلبرت كلمة قالتا فيها: «لقد ولدنا هنا في البحرين، البحرين التي نعتبرها وطننا. لقد عشنا في هذه البلاد على مدى 17 سنة الماضية حيث غُرست في داخلنا شعور قوي جداً للانتماء لهذا المجتمع والحب لهذه الجزيرة الجميلة ونود أن نعرب عن امتناننا لحكومة وشعب البحرين على منحنا بيئة صديقة مليئة بالحب والترحيب وهما في تطور وازدهار مستمر، ونادراً ما نتذكر أننا أوصدنا أبواب بيوتنا وذلك لنعمة السلامة والأمن اللتين تتمتع بهما هذه الجزيرة الجميلة. إن نشأتنا هنا في البحرين وهبت لنا الكثير من الفرص وكنا محظوظين بشكل استثنائي بأن تكون لدينا فرصة الدراسة هنا في البحرين وفي مدرسة سانت كريستوفر طوال حياتنا المهنية الأكاديمية فهي بيئة أكاديمية قوية، ومتنوعة وغنية بالأنشطة الصيفية، وأيضاً التنوع في الجسم الطلابي الذي يعكس التنوع الغني في سكان البحرين. إن البحرين تحتضن عدداً من المدارس ذات المناهج المختلفة، بما فيها البريطانية والأميركية والآسيوية والعربية والذي كذلك يعزز هذا التنوع في البلاد، بالإضافة إلى الاستعداد لقبول مختلف العادات والثقافات والأديان في مملكة البحرين. نحن نشعر بالفخر الشديد لكوننا ننتمي للبحرين وهي وطننا، فكثيراً ما يطرح علينا السؤال «»من أين أنتم؟» ونحن نجيب من دون تردد «من البحرين» على رغم أننا بريطانيون. فإننا نرى أن الكثيرين في المجتمع ممن هم مغتربون يشعرون بشعورنا هذا الثابت من الولاء، وهي واحدة من الأسباب التي تميز البحرين وتجعله بلداً فريداً من نوعه وموحد. ومرت البحرين مؤخراً بمرحلة صعبة فنود أن نثني على جلالة الملك والحكومة البحرينية لاستعادة الاستقرار والثقة إلى البلاد وهذا يوضح لنا سياسة البحرين القوية نحو بناء مستقبل مزهر. وبني هذا البلد على أسس من القوة، والترابط والإيمان، ونحن مؤمنون بأن البحرين لن تحيد عن المسار الصحيح. وفي نهاية المطاف، سنغادر هذه الجزيرة قاصدين بلادنا لمواصلة دراستنا الجامعية وهو أمر يثير فينا العواطف ومع ذلك، فأينما سنذهب في المرحلة المقبلة من حياتنا فلن ننسى الدروس التي تعلمناها من الشعب البحريني عن الطيبة والوئام وحسن الخلق ولن تتغير محبتنا وولاؤنا للبحرين فنحن مدينون كثيراً لها فقد قضينا فيها طفولتنا والسنوات التي شكلت شخصياتنا في حياتنا وهي أفضل سنوات عمرنا والتي أمضيناها في هذه الجزيرة الرائعة. ونحن ندخل مرحلة النضوج فإننا نعتقد اعتقاداً راسخاً بأننا شُكلنا بهذه التركيبة من الشعب البحريني والتي ترعرعنا على جزيرتها. شكراً جلالة الملك، ومملكة البحرين لكل ما قدمتموه لنا. ستكونون دائماً في قلوبنا ونحن نعتقد اعتقاداً راسخاً أن يمكن لأي شخص من البحرين أن يعيش في مكان آخر... ولكن لا يمكنك أن تأخذ البحرين من روح هذا الشخص. شكراً وسهلاً جلالة الملك أنت لؤلؤة الخليج».

بعدها ألقت بتسي بي ماثيو زن قصيدة. كما قُدمت لجلالة الملك هدايا تذكارية لهذه المناسبة

العدد 3219 - الخميس 30 يونيو 2011م الموافق 28 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً