العدد 3247 - الخميس 28 يوليو 2011م الموافق 27 شعبان 1432هـ

الباكستانيون مازالوا يعانون من آثارها المدمرة

بعد مرور عام على كارثة الفيضانات

نجا مصري خان وقرابة 500 من أقاربه مما وصفته الأمم المتحدة بأنها أكبر كارثة طبيعية في التاريخ الحديث، لكنهم يواجهون مستقبلاً قاتماً. فقد وصل قدر ضئيل من المساعدات من الحكومة والمجتمع الدولي لمساعدته على إعادة بناء ما خسره في فيضانات العام الماضي.

ويواجه الآن حلقة شريرة محتملة من الديون باعتباره عامل مضمون بسندات في مزرعة، وهو عرف سائد في إقليم السند الجنوبي. وقال خان ( 35 عاماً) «كان بإمكاننا زراعة الأرز ، ولكن لم يكن لدينا المال لشراء البذور... ليس لدينا مال حتى لشراء الطعام، ناهيك عن البذور». وغمرت المياه أراضي خان التي تبلغ مساحتها 5 هكتارات في قرية حاجي صديق جات في ثاتا لعدة أشهر بعد الفيضانات العام الماضي. وخسر مخزونه من البذور والمواد الغذائية للعام بأكمله. وقال خان وهو يقف في القرية التي تضم 64 بيتاً طينياً «لم يأت أحد لإغاثتنا... إننا على قيد الحياة بمساعدة الله».

ولكن خان وأقاربه كانوا محظوطين حيث سمعوا تحذيراً بالإذاعة في 27 أغسطس/آب 2010 عن وجود تصدع في أحد السدود، فقام باستئجار جرار ومقطورة لنقل عائلته والماشية إلى طريق قريب ثم ذهبوا للإقامة مع أقاربهم لمدة شهر. وكانت تهاتا آخر مقاطعة تضربها الفيضانات الناجمة عن هطول أمطار موسمية غير عادية على شمال باكستان في أواخر يوليو/ تموز 2010. ودمرت الأمطار أجزاء من الشمال وغمرت ضفاف نهر اندوس الذي يبلغ طوله 3200 كيلومتراً ما تسبب في حدوث دمار في وسط وجنوب باكستان قبل أن تتدفق إلى المحيط الهندي. ولقى نحو 2000 شخص مصرعهم وتشرد قرابة ثمن سكان باكستان البالغ عددهم 170 مليون نسمة. ووفقاً لدراسة أعدها البنك الدولي والبنك الآسيوي للتنمية، فإن باكستان الفقيرة أصلاً عانت من خسائر تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار. فقد دمرت الفيضانات 7ر1 مليون منزل و3ر2 مليون هكتار من المحاصيل وجرفت مئات الطرق والجسور. وكان الأكثر تضرراً هم الأكثر عرضة للخطر لوضعهم الاجتماعى مثل خان، الذي لم يكن يوجد بقريته كهرباء أو مدرسة أو عيادة صحية أو مياه شرب نظيفة حتى قبل الفيضانات.

ونفذت الحكومة ومنظمات الإغاثة الدولية حملة إغاثة بطيئة ولكنها فعالة لتنقذ عشرات الآلاف من الأرواح عن طريق توفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، لكن برنامج الانعاش الأولي لم يسر على ما يرام في مجالات عديدة. وقامت مؤسسة آغا خان، وهي منظمة محلية غير حكومية، ببناء ملاجئ مؤقتة بألواح الخيزران والملاءات البلاستيكية، ولكنها قاومت الطقس لبضعة أشهر فقط. ولم تقدم المزيد من المساعدة لقرية خان. ووعدت الحكومة الباكستانية بتقديم تعويضات، ولكن فقط 25 في المئة منها وصل المواطنين الأكثر تضرراً على شكل دفعة أولى تبلغ 20 ألف روبية باكستانية (250 دولاراً) لكل عائلة. وحتى للحصول على هذا المال، اضطرت العديد من العائلات لدفع رشاً لمسئولين في سلطة قاعدة البيانات والتسجيل الوطنية. ويقول خان، الذي يعيش حالياً في كوخ من الخيزران يبلغ طوله 5ر3 أمتار وعرضه 5ر2 متر مع زوجته وثمانية أطفال وأبويه، إن بناء «بيت طيني يتكلف أكثر من 100 ألف روبية نظراً لأن الخشب مكلف للغاية». وأضاف قائلاً وهو يحمل ابنته البالغة من العمر خمسة أشهر التي لا يبدو أن عمرها يزيد على شهر واحد بسبب سوء التغذية «لقد قمنا ببيع مواشينا لإطعام أنفسنا خلال العام الماضي، لكننا لسنا قادرين على الحصول على ثلاث وجبات في اليوم». وأعلنت الأمم المتحدة أنها تفتقر إلى التمويل اللازم لبرنامج الانعاش. وقالت نائب رئيس مكتب تنسيق الشئون الإنسانية في باكستان، ياسمين روكنفيلر إن المنظمة لم تحصل بعد على نحو 30 في المئة من المساعدات التي طلبتها للإغاثة والانعاش وتبلغ قيمتها 9ر1 مليار دولار. وربما تكون تلك الأموال غير المدفوعة هي التي منعت الأمم المتحدة من مساعدة المناطق النائية كقرية خان حيث استطاع الكثيرون من المناطق الأخرى الحصول على البذور وزراعة أراضيهم. ويؤدي غياب المساعدات عن حاجي صديق جات و20 قرية أخرى قريبة منها إلى وقوع السكان تحت رحمة المرابين. وقال خان «سوف اقترض المال من مقرض لزراعة الأرض الخاصة بجميع المواطنين في هذه القرية ، ولكن لا أعرف أين سيؤدي ذلك بنا... إذا جاء المحصول جيداً سنبقى على قيد الحياة وإذا لم يكن، فإننا قد نصبح في مزارع أحد الاقطاعيين لسنوات عديدة قادمة». وتساءل «ماذا يمكنني أن أفعل؟.. الله وحده الذي يقرر مصائرنا... أحمده على كل حال»

العدد 3247 - الخميس 28 يوليو 2011م الموافق 27 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً