العدد 3247 - الخميس 28 يوليو 2011م الموافق 27 شعبان 1432هـ

مؤتمر الحوار الوطني ما بين المطرقة والسندان

علي الحداد comments [at] alwasatnews.com

بدأت الجولة الثانية من حوار التوافق الوطني وكانت أولى مفاجآته انسحاب وفد «الوفاق» وعدم تكملة جلسة الحسم والتوافقات. ولجمعية «الوفاق» عذرها في ذلك فهي ما بين المطرقة والسندان.

فالضغوطات الدولية تطالبها بأن تكون جزءًا من الحوار وليس خارجه؛ بينما جماهيرها الغفيرة تطالبها بأن تكون أمينة على مطالبها المتمثلة ببرلمان منتخب يمثل الشعب وينفرد بالتشريع، وحكومة منتخبة تمثل إرادة الشعب، ودوائر انتخابية عادلة، وخلق أرضية تتناسب مع جو الحوار من عودة المفصولين عن العمل سواء في القطاع العام أو الخاص، بما فيهم الطاقم الطبي. ووقف المزيد من التسريح وحملات الاعتقال التي بدورها لا تبعث الطمأنينة بأن المخرج من هذه الأزمة هو حوار التوافق الوطني. علاوة على تشكيلة المؤتمر التي لا تشكل المعارضة بما فيها القوى الليبرالية عن 13 في المئة من مجموع الحضور.

علاوة على ذلك، فإن صياغة بعض المرئيات بشكل مربك لا يمكن أن تتوافق عليها, وعامل الزمن المحصور في ثلاث دقائق لكل متداخل في قاعة تضم بين 60 - 70 عضواً، لا تؤدي المراد توضيحه لكل مرئية. وفي حين يتوافق البعض على مرئية معينة تتهافت الأصوات المضادة لإجهاضها، وهنا المشكلة، فبينما يترقب الجميع خروج المؤتمر بحل يرضي الجميع، إلا أنه بهذه الآلية سيكون عدم التوافق هو النتيجة.

القوى الليبرالية (وعد والمنبر والتجمع القومي) فضلت مواصلة الطريق حتى نهايته، برغم عدم قناعتهم بأن هذا المؤتمر مجرد منتدى للتعبير وليس للحلول كما جاء في البيان. ففي المحور السياسي (الجمعيات السياسية) تم مناقشة بند الطائفية ما يقارب أربع ساعات للخروج من تصنيف الجمعيات على أساس وطني أو طائفي. وبالغ الكثير حول كون التركيبة الطائفية للجمعيات هي السبب الوحيد في السلوك الطائفي وطالبها بتصحيح أوضاعها, بينما الجمعيات الدينية ترفض هذا الاتهام، ما يضعنا في دوامة لا نستطيع إيجاد حل توافقي يرضي الجميع حتى بقوة القانون.

والسؤال: هل بالفعل تصحيح التركيبة داخل هذه الجمعيات ستمحي صفة الطائفية؟ لا أعتقد ذلك، فالتركيبة الطائفية هي أحد عوامل الطائفية وتصحيحه لا يلغي تهمة الطائفية طالما بقيت برامجها وخطابها وسلوكها وممارساتها اليومية تصب في اتجاهها الطائفي. والمخرج هو بالرقابة الذاتية والقانونية لكل من يثبت عليه ممارسة الطائفية.

فيما يخص تحويل الجمعيات السياسية إلى أحزاب كانت الصاعقة أكبر، فغالبية المداخلات أكدت أننا شعب قنوع ولسنا بحاجة إلى أحزاب تسيء إلى مجتمعنا وتسبب الفوضى! وتجربة الكويت في عدم تبنيها الأحزاب أكبر مثال على ذلك. والأغرب من ذلك عدم الاحتذاء بتجربة الكويت البرلمانية عندما طرحت مرئية البرلمان!

والحقيقة أن القوى الليبرالية كان موقفها ودفاعها واضحاً، حيث أوضحت أن أغلب الجمعيات السياسية قبل تحولها من العمل السري إلى العمل العلني بعد مرحلة الإصلاح، كانت أحزاباً سياسية مثل الجبهة الشعبية التي تمثل جمعية العمل الوطني، وجبهة التحرير الوطني التي تمثل المنبر الديمقراطي التقدمي، وغيرها من الجمعيات السياسية. كما إن المواثيق الدولية ودساتير بعض الدول العربية تنص على حرية تكوين الأحزاب السياسية كحق متفرع من حق تكوين الجمعيات. ومع ذلك انتهت الجولة الحوارية حول بند الأحزاب بعدم التوافق كنتيجة حتمية لذلك.

أما فيما يتعلق ببرلمان منتخب ينفرد بالتشريع، فكانت مداخلات كثيرة تصب في عدم الرغبة في التغيير، رغم التوافق على رئاسة المجلسين من قبل رئاسة مجلس الشعب، بما يعني الموافقة على الوضع الحالي للمجلسين.

لقد أعطى جلالة الملك مطلق الحرية للجميع في تقديم مرئياتهم، ولم يضع سقفاً محدداً أو خطوطاً حمراء في الطرح والمناقشة، ليتم التوافق بشكل جماعي، بما فيها البرلمان كامل الصلاحية، وهي رغبة يتبناها شعبنا منذ أمد طويل، إلا أن الرغبة بعدم التغيير سادت القاعة. وهذا يذكرنا بالموقف الفلسطيني عندما قررت عصبة الأمم المتحدة في الخمسينيات وبدعم من الاتحاد السوفياتي، إعطاء فلسطين حق تقرير المصير لإقامة الدولة الفلسطينية لحدود 1947 إلا أن الشعب الفلسطيني آنذاك رفض هذا الاقتراح، متشدداً بالمطالبة بكامل التراب الفلسطيني, والآن يفاوض الشعب الفلسطيني للحصول على منطقة أريحا ولا يجد آذاناً صاغية من الكيان الصهيوني ولا المجتمع الدولي. وبهذا يؤكد لنا التاريخ أن الظروف أعطتنا الفرصة من أجل الأفضل، إلا أن بعض المتحاورين يرفض ذلك، ولم يتم التوافق على هذا المطلب.

لا نريد أن نهضم بعض المحاور الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي تم التوافق على كثير منها، كتحسين المستوى المعيشي وتعديل أسعار السلع والسيطرة على مستوى التضخم ودعم الموازنة من خلال الحلول الضريبية على المؤسسات الكبيرة والشركات، ودعم الأفراد عبر البطاقة التموينية كما هي مستخدمة في الكويت. أما المحور السياسي الذي ظل عالقاً في أغلب مرئياته ولم يتم التوافق على أهم مرئياته من برلمان منتخب ينفرد بالتشريع وحكومة منتخبة تمثل إرادة الشعب ودوائر انتخابية عادلة هي أهم مرتكزات المحور السياسي. والتي في نهاية المطاف سترفع إلى جلالة الملك ليقرر ما هو لمصلحة الوطن والمواطنين

إقرأ أيضا لـ "علي الحداد"

العدد 3247 - الخميس 28 يوليو 2011م الموافق 27 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:01 ص

      منتدى للتوافق- مواطن مغترب

      الحقيةماجرى يمثل في منهجه منتدى للحوار لبناءقاعدة توافقيةتؤسس لمنهج حقيقي تتبنى فيه جميع الاطراف -قيادة ومعارضة وموالاة-مدخلات واقعية لحوار وطني لاحق يدخل في الحسبان اننا جميعا نبحر في مركب واحد وعلينا ان نحسن توجيهه لصونه من مخاطر الغرق،لذلك ارى ان من انسحب ومن بقى ومن لم يستجيب للمطالب الفعلية كلهم يشكلون معادلةواحدةمحورها الوطن والانتماء وينبغي من العقلاء في بلادنا وهم كثر تنظيم حملة مرثونية لوقف المهاترات والتاجيج الطائفي وتصحيح مسار الخطاب الاجتماعي في المنابر الدينية والاعلامية والجماهيرية

    • زائر 1 | 1:36 ص

      الحوار انتم في وادر والناس في واد آخر

      لا وجود للإهتمام بالحوار إلا في الإعلام

اقرأ ايضاً