العدد 3262 - الجمعة 12 أغسطس 2011م الموافق 12 رمضان 1432هـ

خبراء: تنظيم إدارة الموارد يضمن الأمن الغذائي والمائي للمنطقة العربية

تصدرت قضية الأمن الغذائي في الوطن العربي جلسات ومناقشات المؤتمر العالمي للصحافيين العلميين الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة يوم (28 يونيو/ حزيران 2011) ونظمته مؤسسة قطـر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، أجمع الخبراء على أهمية إدارة الموارد المائية والغذائية بالمنطقة العربية، باستخدام «العلوم» والإعلام العلمي الفاعل في التغيير.

وطالبوا بضرورة التوسع في دراسة قضايا الأمن الغذائي، وتغير المناخ ودور الصحافة في التغيير باستخدام العلوم، وخصوصاً في الدول النامية التي تعتمد اعتماداً كبيراً على استيراد المواد الغذائية.

وقال الخبراء - خلال المؤتمر الذي شارك فيه ما يزيد على 700 صحافي - إن المنطقة العربية مطالبة بتنظيم إدارة مواردها، من أجل تحقيق أمن غذائي ومائي، كما إن العمل على تحصين المنطقة العربية من النواحي الغذائية والمائية وفق خطة مدروسة بشكل علمي أمر يتوجب الإلتزام به من جانب الأطراف المعنية والحكومية منها تحديداً.


إنتاج زراعي منخفض المستوى

وأكدت المناقشات أن المناطق العربية هي الأكثر عرضة لتقلبات الأسعار، كما إن الإمكانيات الاجتماعية والاقتصادية لها تأثير على الزراعة ما يجعل مستويات الإنتاجية منخفضة، وإن أكثر من نصف احتياجات الاستهلاك الغذائي في العالم العربي من خلال الواردات، أضف إلى ذلك أن تقييد زيادة إنتاج الأغذية في المنطقة العربية يكون من خلال العديد من العوامل منها وجود الأراضي الصالحة للزراعة محدودة، وندرة المياه وتغير المناخ، إضافة إلى أن العلوم والتكنولوجيا تتيح فرصاً حاسمة لدعم الزراعة العربية على أسس مستدامة.

وتم التركيز على الغذاء لكونه من أولويات البحوث الزراعية في المنطقة، وأفضل السبل لنشر النتائج العلمية لصالح الملايين من المؤسسات البحثية حول العالم، مثل المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة.

ويجري العمل على نقل نواتج المعرفة البحثية، والتكنولوجيات المناسبة لصغار منتجي الأغذية في جميع أنحاء المنطقة، على أساس الجمع بين الخبرة، سيسلط الحدث الضوء على حلول عملية وسياسات مؤاتية من شأنها أن تساعد على زيادة الإنتاجية الزراعية من خلال تحسين التكنولوجيا.


تمويل البحوث

من جهته، قدم مدير الصندوق الدولي للتنمية الزراعية تيسير غانم عرضاً للتأثير الناتج عن أزمة الأمن الغذائي بالدول العربية لاعتمادها على الاستيراد بتركيزه على العلوم والتكنولوجيا باعتبارهما ركناً له دور كبير في زيادة الإنتاج الزراعي الغذائي في العالم عبر تحسين الإنتاج الزراعي للحد من الفقر الريفي عبر تمويل برامج البحوث العلمية التي تهم الفلاحين، وضرب المثل ببحث لتحسين إنتاج القمح باختيار البذور المحسنة، والذي أدى إلى زيادة المحصول، بالإضافة إلى تكرار نفس المشروع القمح والشعير والحمص والبقول والفول، وتوجد كمية هائلة من البذور التي تم تحسينها، حيث تم نقل التكنولوجيا للمستخدم النهائي عبر المشاريع التنموية والقروض الصغيرة وتوفير المعرفة والخبرات».

ووجه غانم، الدعوة إلى الحكومات لدعم السياسات الزراعية، وخاصة فيما يخص توفير احتياجات صغار المزارعين، لأن عددهم أكبر ويعانون الفقر، لافتاً إلى أن البرامج البحثية التي يتم تمويلها من المركز الدولي للبحوث الزراعية عبر الإيفاد وصندوق التنمية الزراعية أثبتت فعاليتها، حيث حسّنت من حياة صغار المزارعين، لكنه لم يُغفل دور الصحافة العلمية الذي يأتي في هذا المضمار للتعريف بنتائج البحوث العلمية ومردودها بما ينشر التجربة ويحسّن من حياة المجتمع بأكمله.

وفي شأن موضوع الفقر في المناطق الريفية، لفت غانم إلى: «أنه من صميم مشاكل الأمن الغذائي للدول العربية، فنحو ربع سكان البلدان العربية فقيرة، و76 في المئة من هؤلاء الفقراء يعيشون في المناطق الريفية، وإن معدلات الفقر في المناطق الريفية أيضاً تنخفض ببطء أكثر في المناطق الحضرية».

وحث على تحسين الأمن الغذائي في البلدان العربية سوف يسارع الطلب على الغذاء في الدول العربية وينمو بصورة كبيرة في العام 2030 وما بعده، والإنتاج لا يكون قادراً على مواكبته، ما سيؤدي إلى زيادة الاعتماد على المواد الغذائية المستوردة، وإذا لم يتم اتخاذ تدابير التخفيف سوف تصبح أكثر وأكثر عرضة لصدمات أسعار الغذاء العالمية، وسيكون الاعتماد على واردات الحبوب بنسبة 64 في المئة تقريباً، ما يؤدي إلى تفاقم العجز الغذائي في معظم البلدان العربية، وكان إجمالي الطلب على الحبوب في الدول العربية بالعام 2000 من نحو 84 مليون طن متري إلى ما يقرب من 142 مليون طن متري بحلول العام 2030، مع زيادة الاستثمار في مجال الزراعة والابتكار التكنولوجي، وإنتاج الحبوب لديه القدرة على زيادة عن التقديرات بين 37 و69 مليون طن متري على مدى الفترة الزمنية نفسها، ولذلك فمن المتوقع المبلغ الإجمالي من الحبوب المستوردة التي تتطلبها المنطقة ليرتفع 55 في المئة 47 - 73 مليون طن متري بحلول العام 2030.


ندرة المياه

أما بالنسبة لزيادة استخدام المياه، فبالإضافة إلى تزايد السكان والمياه الشحيحة على نحو متزايد في البلدان العربية، كما يطرح غانم، «فإنه منذ العام 1950 إلى الوقت الحاضر، ونصيب الفرد من موارد المياه المتجددة قد انخفض بنسبة نحو 75 في المئة، فمن المتوقع أن ينخفض بنسبة 40 في المئة إضافية من المستويات الحالية بحلول العام 2050، ومن المحتمل أن يكون هذا الاتجاه نحو الانخفاض المتسارع لتغير المناخ، ولذا، تحتاج البلدان إلى اتخاذ نهج مختلف لمعالجة شحة المياه والاعتماد على الري».

أما بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فيقول: «يتم الاعتماد كلياً على الري نظراً لمستويات متدنية للغاية من الأمطار، أما في بلدان المشرق العربي (العراق، الأردن، لبنان، وسورية)، وتتراوح نسبة الأراضي المروية 27-43 في المئة من الأراضي الزراعية الكلية، أما الدول المغاربية (الجزائر، ليبيا، موريتانيا، المغرب، وتونس) هي أقل اعتماداً بكثير على الري (7 إلى 18 في المئة)، في حين أن مصر وجيبوتي ما يقرب من 100 في المئة المروية. على الرغم من أن الموارد المائية في السودان هي أقل نسبيّاً شُحَّةً، فإن نسبة الأراضي المروية لاتزال أقل من 10 في المئة».

ووقوفاً على عنصر (الطلب)، فإن غانم يرى: «أن ذلك سيتطلب المزيد من البحث عن الطعام استجابة لتزايد عدد السكان، فمنذ العام 1950، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع معدلات الخصوبة، أربعة أضعاف عدد سكان منطقة الشرق الأوسط، من 104 ملايين حتى 432 مليون في حلول 2007، ومن المتوقع زيادة إضافية إلى 692 مليون دولار للعام 2050، إذ المنطقة ستنمو بوتيرة أسرع بكثير من غيرها من المناطق الأقل نمواً».


التكنولوجيا في الزراعة

وفي إحدى الجلسات، قدم مدير مشروع غرب النوبارية في مصر عواد حسين شرحاً حول المشروع الذي يتم من خلاله زراعة العديد من أنواع الفاكهة والقمح والخضراوات بغرض التصدير، وقد نجح المشروع في تطبيق تكنولوجيات الزراعة الحديثة، إلا أن تجربته لم تنقل بسبب عدم تغطية الصحافة لها محمِّلاً الصحافة العلمية مسئولية نقل التجربة وتعريف المجتمع والفلاحين بها.

ورداً على سؤال أن العالم العربي يتعرض لندرة في المياه، بينما هناك دول تستخدم المياه لزراعة القمح التي يحتاج إلى كثير من المياه، قال حسين: «إننا نحاول مع الحكومات وضع تسعيرة للمياه التي تستخدم بكميات أكبر من المطلوب وذلك للحد من استخدام المياه بالصورة التي تستهلك الكثير منه».

وماذا عن مبادرة قطر لبناء تحالف أمني غذائي؟ في هذا الجانب، أكد رئيس برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي فهد العطية: «على أن إطلاق مبادرة قطر في الأمم المتحدة مبادرة لبناء تحالف تستهدف تعزيز الأمن الغذائي في البلدان النامية، ليتشارك الجميع في حل معضلة شح المياه والبحث عن حلول لزراعة الأراضي الجافة والتكنولوجيا والعلوم بين هذه الدول جميعها».

أما من ناحية استخدام المبيدات في الزراعة قال: «يجب أن يكون القانون صارم لاستخدام المبيدات، ومن المعروف بأن دول مجلس التعاون تتبنى مثل هذه القوانين للحد من استخدام المفرط للمبيدات».

وقال العطية: «إن الحل يكمن في توفير الغذاء أساساً من الإنتاج المحلي، ومن ثم تعويض ما نقص من الإنتاج المحلي من الاستيراد، وهذا هو ما نريد الوصول إليه بحلول العام 2023، منوّهاً بأن تطبيق خطة غذائية متكاملة يتطلب مجهوداً إضافيّاً ومتسعاً من الوقت لدراسة الخيارات المتاحة الآنية والمستقبلية، وذلك لتشعب تلك المشكلة وكذلك الحلول».

وفي سؤال عن اعتماد بعض من دول الخليج مثل البحرين وقطر على استيراد نحو 90 في المئة من حاجياتها الغذائية من الخارج، ألا يشكل هذا الشيء قلقاً لكم في سياسة برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي؟ قال: «بالنسبة لقطر هو مثل البحرين، فقطر أطلقت مبادرتها الخاصة لتحقيق الأمن الغذائي في 2008 بعد أن عانت من تضخم في أسعار الغذاء، ونظراً لصغر مساحة الدولة فإن اللجوء إلى الاستيراد من اقتصادات ذات حجم كبير يشكل خطوة محددة الأهداف لحماية احتياجات البلاد من مشتريات الغذاء، صحيح أننا نستورد 90 في المئة من غذائنا وهذا يمثل «تعرضاً» لمخاطر كبيرة يستوجب تلافيها مستقبلاً».

وأشار، «إلى أن قطر تقوم بتأمين الحاجيات الدائمة لها من خلال ذراعها الاستثماري في مجال استيراد الغذاء داخل الدولة وخارجها لتوفير قدر من الاستقرار في الإمدادات والموارد الغذائية على المديين القصير والبعيد».

ويرى العطية، «أن الحل يكمن في توفير الغذاء أساساً من الإنتاج المحلي، ومن ثم تعويض ما نقص من الإنتاج المحلي من الاستيراد، وهذا هو ما نريد الوصول إليه بحلول العام 2023، حيث إن تطبيق خطة غذائية متكاملة يتطلب مجهوداً إضافياً ومتسعاً من الوقت لدراسة الخيارات المتاحة الآنية» والمستقبلية وذلك لتشعب تلك المشكلة

العدد 3262 - الجمعة 12 أغسطس 2011م الموافق 12 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً