العدد 1337 - الخميس 04 مايو 2006م الموافق 05 ربيع الثاني 1427هـ

اتجاهات تستحق المراقبة 1 - 2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من ضمن التقارير الاستراتيجية التي تصدرها شركة مكنزي للأبحاث، نشرت حديثا على موقعها على الإنترنت مقالة استراتيجية من إعداد أيان ديفس، وهو مدير شركة مكنزي الإداري، وإليزابيث ستفينسون، وهي احدى استشاريي الشركة العاملين في مكتب سانفرانسيسكو. حملت المقالة عنوان «اتجاهات تستحق المراقبة في العام 2006». يجد القارئ ترجمة لها مع بعض التصرف تخاطب القارئ العربي.

يرى التقرير أنه ستطرأ تغييرات عميقة على معالم المؤسسات خلال السنوات المقبلة بفضل التطورات التي سيشهدها العالم على مستوى عوامل ماكرواقتصادية، وقضايا اجتماعية وبيئية، إلى جانب عوامل أخرى ذات علاقة بالصناعة والأعمال.

ويرتكب خطأ فاحشا كل الذين يعتقدون أن نجاح الأعمال يعود إلى حد بعيد إلى الإجراءات التنفيذية. فالمنتج الملائم للأسواق، والتكنولوجيا، وكذلك الجغرافيا، جميعها مكونات أساسية من أجل أداء اقتصادي ناجح على المدى الطويل. وفي أغلب الأحيان تهزم الصناعات الرديئة اداراتها الجيدة. لكن ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنه في قطاعات صناعية مثل المصارف والاتصالات والتكنولوجيا، يعود النمو العضوي لما يقارب من ثلثي الشركات الغربية المدرجة في الأسواق المالية إلى الجغرافيا واختيار الأسواق الصحيحة. والشركات التي تركب الموجة الصحيحة هي التي تحقق النجاح، في حين تعاني تلك التي تسبح ضد التيار. من هنا فإن ركوب الموجة الصحيحة والقدرة على تطوير استراتيجية سليمة للإبحار عليها هي من القضايا المصيرية لنجاح أية مؤسسة.

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما هي هذه الاتجاهات التي ستجعل من العالم في العام 2015 موقعا مختلفا لمزاولة الأعمال عن العالم الذي نعيشه اليوم ومن الحماقة بمكان محاولة رسم صورة لتلك المعالم على المدى القصير، لكن وضع تصور لذلك الاتجاه على المدى الطويل أمر يمكن تحقيقه من خلال تحليلات لأعماق التاريخ بدلا من الماضي الضحل. حتى الإنترنت ذاته، استغرق الأمر ما يربو على 30 عاما قبل ان يصبح الإنترنت ظاهرة عامة.

الاتجاهات الماكرو اقتصادية

ويلقي تقرير مكنزي الضوء على عشرة اتجاهات من شأنها معالم الأعمال. ويستهل التقرير ذلك بتحديد ثلاثة منها على صعيد الاتجاه الماكرو اقتصادي والتي سيكون لها تأثيرا عميقا على التحولات التي ستضع أسس الاقتصاد العالمي.

1. تحول عميق في مركز الاقتصاد العالمي ليس على الصعيد العالمي فحسب، وإنما على الصعيد الإقليمي أيضا. وكنتيجة مباشرة لتحرير الاقتصاد، والتقدم التكنولوجي، وتطوير أسواق رأس المال، إلى جانب التغير الديمغرافي، فإن العالم على أهبة اصطفاف واسع النطاق على مستوى الأنشطة الاقتصادية. هذا الاصطفاف لابد وأن يحدث، دون إغفال دور واحتمالات بعض التراجع أو الصدمات. فاليوم، وباستثناء اليابان، تشغل آسيا 13 في المئة من الناتج الإجمالي القومي، بينما تشغل أوروبا الغربية ما يزيد على 30 في المئة. لكن في غضون العشرين السنة المقبلة ستتقارب النسب. لكن هناك بعض الأنشطة والقطاعات الصناعية مثل الإنتاج الصناعي وخدمات تقنيات المعلومات، على سبيل المثال، ستشهد تطورا أكثر درامية. والقصة أكثر تعقيدا من السير قدما نحو آسيا فقط. والتغيرات التي ستطرأ على كل إقليم على حدة ستحمل الأهمية ذاتها لتلك التي ستتطور على امتداد البعد الإقليمي بشكل عام. وفي خضم كل ذلك ستحتفظ الولايات المتحدة بنصيب الأسد على مستوى النمو الاقتصادي المطلق على امتداد العقدين المقبلين.

2. انفجار أنشطة القطاع العام ، الأمر الذي سيجعل الإنتاجية تكسب المزيد من الأهمية والحضور. فشيخوخة المواطن على نحو لم يسبق له مثيل في العالم في البلدان المتطورة، سيطالب مستويات متقدمة وجديدة من الإنتاجية والإبداع من القطاع العام. وفي غياب مكاسب إنتاجية ملموسة وواضحة من القطاع العام، سترهق خدمات التقاعد والرعاية الصحية الحصص الضريبية. ولن تكون هذه المشكلة قصرا على الدول المتقدمة فحسب بل وحتى في البلدان النامية أيضا. وسيجد الكثير من حكومات الأسواق الناشئة أنها مجبرة على اتخاذ قرار بشأن مستوى الخدمات الاجتماعية التي ستقدمها لسكانها، الذين يزداد مستوى إلحاحهم مطالبين الدولة بتقديم المزيد من ضمانات الحماية لمواطنيها، في مجالات الرعاية الصحية وضمانات التقاعد. ويبدو أن تبني الأنماط التي يأخذ بها القطاع الخاص والتي أثبتت جدواها هي الأكثر حظا في العالمين المتقدم والنامي.

3. تغير معالم المستهلك واتساع نطاقه على نحو كبير، فهناك ما يربو على مليار مستهلك جديد سيلجون السوق العالمية خلال العقد المقبل، فالنمو الذي ستشهده الأسواق الجديدة ستدفع بهم إلى مستوى دخل سنوي يتجاوز الـ 5 آلاف دولار سنويا، وهي نقطة، عادة ما يبدأ عندها الإنسان في الصرف على بضائع استهلاكية غير ضرورية. ومن الآن وحتى حلول العام 2015، سترتفع حصة إنفاق المستهلك في الأسواق الجديدة من 4 تريليونات دولار أميركي، إلى 9 تريليونات دولار أميركي، وهذه هي القدرة الإنفاقية في أسواق أوروبا الغربية اليوم. هذا التحول في صفوف المستهلك في الأسواق الناشئة سيكون عميقا جدا. فلن يكون هناك موضوع شيخوخة السكان فحسب، بل ستطرأ على تلك الأسواق الكثير من التغيرات، فعلى سبيل المثال بحلول العام 2015 ستبلغ القدرة الشرائية للسكان الأميركيين من أصل أميركي جنوبي (Hispanic) نحو 60 في المئة من القدرة الشرائية للصين. وبالقدر ذاته ستزداد فرص المستهلك، بغض النظر عن مكان إقامته، في الحصول على المعلومات عن والولوج إلى المنتجات أو الماركات التي يبحث عنها.

التحولات الاجتماعية والبيئية

بعد ذلك يحدد تقرير مكنزي أربع تحولات اجتماعية وبيئية. وكما ورد في التقرير، فإنها ستغير إلى حد بعيد أنماط سلوكنا الحياتي والمعيشي والمهني، على رغم صعوبة التكهن بأشكالها، ناهيك عن عمق تأثراتها ومداها على عالم الأعمال.

4. تكنولوجيا الاتصالات، ستغير تكنولوجيا الاتصالات من طريقة الاتصال بين الناس وكيفية معيشتهم، وهذا ما بدأت تقوم به ثورة التكنولوجيا، التي مانزال نحن في مراحلها المبكرة، وهي ماتزال غير راشدة أيضا. ويبذل الأفراد والقطاع العام، وقطاع الأعمال جهودا كبيرة من أجل تعلم كيفية تحقيق الفائدة القصوى من تقنية المعلومات، سواء في سبل تصميم الإجراءات أو في تطوير المعرفة والولوج لمصادرها. هذه التطورات نشاهدها في حقول مثل البيوتكنولوجي، وتكنولوجيا الليزر، والنانوتكنولوجي، والتي بدأت تتجاوز أسيجة الخدمات والمنتجات. وأكثر من التحولات التي تشهدها التكنولوجيا ذاتها، هناك التغيرات التي نشاهدها في السلوكيات التي تحرجها تلك التكنولوجيا. ونحن اليوم فلم نعد نعمل على النطاق العالمي فحسب وإنما أيضا على نحو خارق السرعة. لقد بتنا نبني المجتمعات ونقيم العلاقات على نحو جديد، فهناك ما يربو على 12 في المئة من الزيجات التي تمت في الولايات المتحدة في العام الماضي كانت بدايات التعارف فيها عبر الإنترنت. ويبلغ من يستخدمون الهواتف النقالة نحو ملياري شخص. ويصل عدد الرسائل الإلكترونية نحو 9 تريليونات خطاب. كما يصل عدد حالات البحث من خلال محرك البحث غوغل إلى مليار حالة بحث يوميا، نصفها تماما باللغة الإنجليزية. وربما لأول مرة في تاريخ العنصر البشري تتلاشى العقبات التي تفرضها الجغرافيا للحد من نطاق الأعمال والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية التي تمارسها المؤسسات. سردت الحلقة الأولى أربعة تحولات من العشرة التي وردت في تقرير مكنزي. وتتناول الحلقة القادمة الستة تحولات الباقية

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1337 - الخميس 04 مايو 2006م الموافق 05 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً