العدد 1340 - الأحد 07 مايو 2006م الموافق 08 ربيع الثاني 1427هـ

هل تختفي «أجندة المؤامرة» خلف حوادث التخريب المتعمدة؟

وسط الدعوات إلى تجنب الاتهامات الجاهزة والاتفاق على كشف المجهولين... (1)

مرت إجازة نهاية الأسبوع على خير هذه المرة، فمن لطف الله أنه لم تسجل أية حادثة حرق أو تدمير أو تخريب متعمدة كما تشير كل الدلائل بالنسبة إلى الحوادث التي وقعت أخيراً والتي تؤكد أن هناك مؤامرة مخططاً لها تهدف إلى تحقيق أهداف رئيسية، منها إشعال التوتر الأمني والاجتماعي في البلاد، والتأثير على السلام المجتمعي وانجاح المحاولات (الفاشلة) لضرب الوحدة الوطنية وزيادة شقة الخلاف بين المواطنين - وخصوصاً من الطائفتين الرئيسيتين السنة والشيعة - وإظهار حال من الاضطراب الأمني للتأثير على الجو السياسي في البلاد مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية والنيابية.

ويمكن للمتابع أن يكتشف «براءة الأيدي الوطنية الخالصة» من كل ما يحدث من وقائع مؤسفة، فمن بيانات أهالي القرى إلى بيانات الجمعيات السياسية، وفي مقدمتها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وحركة حق للتنديد بحوادث التخريب الأخيرة وشجبها، بيد أن العقلية الأوتوماتيكية ما فتئت توجه الاتهام إلى تيار واحد... وخط واحد، من دون جمع أدلة اثبات إدانة... فمن بين عشرات القصص، تتصدر قصة واحدة القائمة لتشير إلى التحليل (الخطير) في ربط الحوادث الأخيرة بحوادث التسعينات!

لكن، أليس من المهم التجرد من الاتهامات الجاهزة والاتفاق على آلية كشف المجهولين؟ وإذا كان أهالي القرى يصرحون دائماً وأبداً بأن من يحرق ويدمر ليس منهم؟ أليس مجدياً التحرك للتصدي لأولئك المجهولين والقبض على عينة منهم لكشف المؤامرة؟ وهل يتجنب الأهالي تلك الفكرة خوفاً من تسلح من يحرق سيارة شرطة أو يهاجم ممتلكات عامة وخاصة؟

هل المطلوب الآن الجلوس لقراءة المقالات والأعمدة السطحية التي توجه اتهاماً طائفياً بغيضاً، أم ان المطلوب هو تحرك ميداني منسق بين وزارة الداخلية والجهات الأهلية ضمن الشراكة المجتمعية لتطويق العصابات المجهولة التي ينذر وجودها ونموها بخطر كبير يسعى إلى الإطاحة بكل إضاءة ايجابية تحققت في العهد الإصلاحي الذي أطلقه عاهل البلاد؟ في هذه السلسلة، سنحاول الوصول إلى فئات مختلفة لمناقشتها في موضوع «أعمال التخريب المتعمدة»، وسنبدأ بقراءة التصريحات والبيانات التي صدرت في الفترة الأخيرة:

وزير الداخلية يساند رجال الأمن

كان للتصريح الذي أدلى به وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة انعكاسات كثيرة، أولها على رجال الأمن الذين شعروا بأن ذلك التصريح وضعهم في موضع الاهتمام والمساندة من جانب الرجل الأول في الوزارة، فقد دعا الوزير المؤسسات الدستورية والرسمية ومؤسسات المجتمع المدني إلى أن تنهض بمسئولياتها، وأن تقوم بدورها للحفاظ على أمن البحرين وسلامتها، وأن يكون ذلك في أولوية اهتمامها، ومقدمة أهدافها حرصاً على حماية المصلحة الوطنية التي هي غاية الجميع، مؤكداً أن مسئولية الحفاظ على الأمن هي مسئولية الجميع.

ولم يغفل الوزير في تصريحه مساحات الحوار المتاحة، إذ أشار إلى أن البحرين بلد يتمتع بأجواء الديمقراطية والحرية، وأن الأبواب مشرعة للحوار الهادف البناء، وان ما يحدث من أساليب الإرهاب والعنف والتحريض عليه أعمال مشينة تخل بالأمن والاستقرار، وتهدف إلى ترويع الآمنين، وتسيء إلى سمعة الوطن وإنجازاته وتعتبر خروجاً عن الإجماع الوطني، إذ إنها لا تتماشى مع متطلبات الحياة الديمقراطية والانفتاح السياسي الذي يعتبر الحوار السبيل الأفضل لمناقشة القضايا وإيجاد الحلول المناسبة إليها، وان مثل هذه الأعمال أصبحت مرفوضة من المجتمع البحريني الذي يتمسك بعاداته وتقاليده وعراقته وبأهداب الفضيلة والأخلاق الحميدة.

حين يعزل العنف... المعارضة

في خطبة الجمعة الأخيرة، قال الشيخ عيسى أحمد قاسم: إن التعدي على المصالح العامة أو الخاصة، وعلى الأنفس من شرطة وغيرهم لابد أن يعلم الجميع بحرمته الشرعية الواضحة، مشيراً إلى أنه «أياً كان القائم بهذا المنكر، ولا يمكنني تحديده، فهو آثم (...)، فكرة أخرى لابد من حضنها والتركيز عليها، والشعب غير مستعد للانجرار وراء أية محاولة لتوسيع مثل هذه الممارسات والتعديات، والاستجابة لأي نداء يقود لهذا الوضع، ومن ناحية سياسية فإن العنف والتعدي غير الشرعي يعزل المعارضة، ويمزقها، ويقزمها، ويقطع الطريق عليها بأن تبلغ غايتها، إنه سبب كاف لفشل المعارضة بلا مراء»، موضحاً أن «على الحكومة وبدل اللجوء إلى اللغة الجهنمية أن تتحدث بلغة العقل والمنطق والحكمة والحوار الهادئ والجاد المخلص المنقذ مع المعارضة التي كثيراً ما نادت بالأخذ بهذه اللغة وطرقت الباب لتحكيمها، ومعالجة البعد الأمني غير منفصلة بتاتاً عن معالجة البعد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني.

من يزعزع أمنه وأمن أسرته؟

ولم يختلف المضمون بين خطبة الشيخ عيسى قاسم وخطبة خطيب جامع مركز الفاتح الإسلامي بالمنامة الشيخ عدنان القطان الذي ركز فيها على أهمية الحفاظ على الأمن باعتباره نعمة كبيرة ومكسباً حضارياً لا يجوز شرعاً ولا عقلاً ولا قانوناً التفريط فيه، مديناً حوادث العنف التي شهدتها بعض مناطق البحرين مثل حرق سيارة الأمن الأسبوع الماضي، موضحاً أن العنف والتخريب لا يحملان مشروعاً، ومزعزع الأمن ومخلخله إنما يزعزع أمنه وأمن أسرته وأمن مجتمعه ووطنه، ورجال الأمن والشرطة ومنتسبو وزارة الداخلية والقائمون عليهم (...) مسخرون للخير وخدمة البلاد والعباد، مشيراً إلى أن مهاجمتهم والتعدي عليهم وإهانتهم ومحاولة اغتيالهم جريمة كبرى تنكرها النفوس الأبية ولا يقرها ضمير ولا شريف أو غيور.

وأضاف القطان أن «العنف والتخريب يورثان عكس مقصود أصحابهما وكل القوى الخيرة تلتقي على استنكارهما والبراءة منهما، ونشر الرعب والترويع في أوساط المجتمع فساد عظيم»، مشيراً إلى أن «المجتمع كله يجب أن يرتفع صوته وتتوحد كلمته وجهوده من أجل حماية البلاد والعباد، لأن الضرر والهلاك لن يستثنيا أحداً إذا فرطنا في نعمة الأمن»، مردفاً أن «مسئولية الأمن تقع على عاتق الجميع وخصوصاً ممثلي الشعب من أعضاء مجلسي الشورى والنواب وليس على أجهزة الأمن وحدها»، موضحاً أنه «إذا كان من البيان الواضح أن المجرم لابد أن يلقى جزاءه العادل، فان الفكر المعوج المتطرف يجب أن يقابل بالفكر الصالح النير، ولابد للكلمة أن تحاور الكلمة».

البحث عن مصدر الطلقة!

يجمع الكثير من الناشطين السياسيين والاجتماعيين على أن الوقت أصبح ملائماً جداً للحديث بصراحة عن التوتر الأمني الذي يظهر بين الفينة والأخرى، والذي يراد منه زعزعة الأمن في البلاد لتحقيق مطالب خفية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال توجيه أصابع الاتهام إلى جهة ما، لكن لابد من اتهام طرف مجهول يحاول اشعال نار الاضطراب في البلاد ضمن اطار مدروس، وبالتالي، يوجب ذلك العمل كشف أولئك الذين يخططون في الظلام لحرق البلاد، ولن تتم هذه الخطوة بترك الثقل كله على المؤسسة الأمنية، ففي مثل هذه الظروف يجب أن يكون كل مواطن، عيناً أمنية وذراعاً قوية تتصدى للعابثين في الظلام، ومتى ما تم كشفهم، فستظهر الحقيقة أمام الجميع..

العدد 1340 - الأحد 07 مايو 2006م الموافق 08 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً