العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ

الإمام علي: السيف آخر أسلحة الشجعان وأول أسلحة الجبناء

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

الإمام علي (ع) رجل السلام والمحبة، وهو القائل في دعواته المتكررة للحب والسلام: السيف آخر أسلحة الشجعان وأول أسلحة الجبناء. دعا مفتي مصر الشيخ محمد جمعة عبر ندوة ألقاها بجامعة الأزهر إلى تصفية المتشددين جسدياً ووصفهم بالأوباش. هذه الخطبة التي ألقاها تعتبر بمثابة تفجير قنبلة في وادٍ كان مليئاً بالصمت.

كثير من المثقفين العرب راحوا يطالبون علماء الدين بالخروج عن صمتهم لما يجري من عمليات قتل وإبادة باسم الإسلام. فكثير منهم كان يتحرّج في طرح رؤاه خوفاً من الفرز المجتمعي، أو الاتهام بالتواطؤ ضد الدين، في عالم عربي أصبح مشبعا بثقافة التخوين. يقول طاغور: «يارب! ساعدني على ألا أرى الناحية الأخرى من الصورة: لا تتركني اتهم خصومي بأنهم خونة؛ لأنهم اختلفوا معي في الرأي».

هذا على المستوى النظرى، أما على المستوى العملى، فكل الفقهاء يتفقون لو أن إنسانا التجأ إلى القتل المتعمد، فإنه يقع عليه القصاص، تماماً كما واجه الإمام علي في حربه للخوارج، فإنه أعطاهم كل الحرية في الحديث والنقد إلى درجة أن بعضهم يأتي للصلاة خلفه ويرتل سورة المنافقين قاصداً الإمام بها ولم يقل له شيئاً. وذات يوم كان الإمام يخطب خطبة على منبر بمسجد الكوفة وكان من الجالسين رجل تكفيري، فأعجبته بلاغة خطبة الإمام فوقف قائلاً وهو يشير إلى الإمام: «قاتله الله كافراً ما أفقهه»، ففزع القوم لضربه فأوقفهم الإمام قائلاً: «اتركوه... فهو إما سب بسب أو عفو عن ذنب، وأنا عفوت عنه».

الإمام لم يلتجئ إلى مواجهة الخوارج بالسيف حتى وصل بهم الأمر الى سفك الدماء وإباحة الأعراض وتهديد الأمن القومي لدولته.

بالنسبة إلى وضع العنف في منطقتنا العربية وفي مصر وغيرها ليس الحل هو في التطرف أيضاً بتصفية المتشددين، بل ينبغي أولا: معرفة أسباب شيوع فكر التكفير؟ ولماذا يلتجئ شاب في مقتبل العمر إلى قتل الناس وأحياناً ذبح أصدقائه؟ أولاً: ينبغي تغيير الثقافة وفتح قنوات حوار مع هؤلاء الشباب لمحاورتهم والنقاش معهم خصوصاً الشبان منهم، وينبغي إعادة مراجعة المناهج الدراسية وقراءة طبيعة المنابر التي يتلقون من خلالها ثقافتهم مع دراسة الكتب الثقافية التي تعمل على تشكيل وعيهم حتى يتم إعادة صياغة أنماط التفكير التي يتبعونها. الحل ليس بالالتجاء إلى التصفية والعنف. يقول هيكل: لقد تم ابتعاث 20 ألف شاب عربي للتدريب على السلاح في أفغانستان أيام الغزو السوفياتي. بعض شبابنا عمل له غسيل ذهني ووقع ضحية هذا التفكير النمطى لكل ما هو آخر. أزمة الأدمغة المفخخة في عالمنا الإسلامي تعتبر من الاشكالات المركبة ساهم في صناعتها الحكومات والكتب الفقهية وبعض خطب الجمعة، وكذلك الدول العظمى. وبعض علماء الدين هم ضحايا للتاريخ المفخخ، والتاريخ المفخخ صنعه نظام المصالح، وهناك دكاكين طائفية فتحت على مدى التاريخ، كانت تعتاش على التناقضات المجتمعية بين الأديان والمذاهب والحكومات، وكانت تعمل على اقتناص الروايات في صيد إيديولوجي مفخخ، لتفجرها بين الطوائف والمذاهب والأديان. واستمر تدحرج هذه القنابل المؤدلجة على مر التاريخ، تتدحرج على سور التاريخ العربي والإسلامي للتنفجر في الأماكن التي يكثر فيها اشتعال الحرائق.

أنا أؤمن بالرؤية القرآنية الداعية للقصاص وهي محل إجماع كل فقهاء الإسلام، لكني أتمنى عدم نسيان دور الحوار الجدي في فتح قنوات تأثيرية لاستبدال ثقافة الموت بثقافة الحياة لشبابنا وفتحهم على التفكير بدلاً من التكفير وعلى العقل النقدي بدلاً من العقل النقلي.

الإمام علي (ع) مارس دوراً فاعلاً وحواراً صعباً وشاقاً مع الخوارج عن طريق ابن عباس، فتأثر من الخوارج أكثر من ثلاثة آلاف شخص وعادوا إلى السلم وأصبحوا مع الإمام. يجب أن نعمل جميعاً لمعرفة سبب شيوع ظاهرة العنف لنستوعبها بصورة علمية من جميع جوانبها من دون أن نبرر للإرهاب. فلنعمل على تأسيس مؤسسات اللاعنف فهي خير حل لواقعنا العربي والإسلامي

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً