العدد 1347 - الأحد 14 مايو 2006م الموافق 15 ربيع الثاني 1427هـ

حرب أم لا (2)

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

حرب أم لا حرب. نعم ولا في الآن. ومن يملك الجواب النهائي يربح المليون. المسألة إذاً ليست «مزحة». والمبالغة في القوة أو المراهنة على سيناريو واحد يزيد من الاطمئنان وبدفع نحو المزيد من الأخطاء وربما المغامرة.

موضوع سيناريو الحرب ليس ضربة حظ... إنه ضربات جوية. والنهاية لن تكون لا غالب ولا مغلوب. فمثل هذه الحروب لا تنتهي عادة بالتعادل السلبي والضربات الترجيحية. لابد إذاً من منتصر ومهزوم. والمنتصر عسكرياً ليس بالضرورة أن ينتصر سياسياً. كذلك المهزوم عسكرياً لا يعني أنه خرج من المعادلة السياسية نهائياً. فالمعارك تحتمل كل الألوان وفيها تندرج مختلف السيناريوهات التي قد تبدأ بسيطة وتنتهي كبيرة ومعقدة.

الترجيح إذاً يجب أن يحصل قبل وقوع الحرب، لأنه يفتح الباب أمام تسوية معقولة. اما إذا وقعت الواقعة فمن الصعب تدارك الموضوع قبل الوصول إلى نهايات السيناريو المرسوم. وفي ضوء نتائج السيناريو تبدأ حسابات الربح والخسارة لتتأسس عليها تسوية من نوع مختلف.

احتمال الحرب يجب أن يكون من ضمن السيناريوهات حتى تكون القراءة متوازنة وتأخذ كل العناصر في الحسابات. وهذا ما يمكن فهمه من التحذيرات المستمرة التي صدرت أخيراً عن موسكو وبكين. فبكين التي نبهت من مخاطر الحرب لم تكن مضطرة إليه لولا أنها تملك معلومات عن احتمال حصولها. كذلك موسكو نبهت بدورها من سلبيات الحرب وتداعياتها وهذا الشيء صدر عن الكرملين ليس للتخويف وانما (ربما) لورود معلومات إلى القيادة الروسية تشير إلى مثل هذا الاحتمال.

موسكو لم تكتف بالتنبيه وانما أبدت قلقها من معلومات أشار إليها كبير موظفي الكرملين سيرغي سوبيايين قبل يومين مستنداً إلى تقارير عن تجهيز الولايات المتحدة صواريخ استراتيجية (بالستية) بعيدة المدى برؤوس حربية تقليدية. ووصف الموظف في الكرملين تلك الخطوة بأنها «غير مسئولة» وتشكل «منحى خطراً وغير عادي».

السؤال: لماذا تجهز واشنطن صواريخها الاستراتيجية التقليدية؟ هل تريد الحرب مع روسيا أو الصين مثلاً؟ الأمر مستبعد أن تكون الولايات المتحدة بصدد إعلان الحرب على روسيا والصين. إذاً لماذا زودت صواريخها برؤوس حربية تقليدية؟ سؤال ليس بحاجة إلى نباهة للإجابة عنه إذا صحت تقارير الكرملين. ومثل تلك المعلومات الخطيرة لا تطلق من دون استناد إلى مصادر أو صور التقطتها الأقمار الاصطناعية.

إلى تقارير الكرملين تضاف الكثير من المعلومات التي تسربت وذكرت علناً. مثلاً نقل قوات أميركية إلى قواعد عسكرية في بلغاريا ورومانيا (شرق القارة الأوروبية وقريباً من حدود روسيا وتركيا). كذلك تسربت معلومات عن إنشاء قواعد جوية (مهابط طيران ضخمة وحديثة) في العراق. وغيرها من تقارير ذكرت أن واشنطن صممت لـ «إسرائيل» أحدث طائرة عسكرية تناسب حاجتها وتتطابق مع مواصفات طلبتها تل أبيب. يضاف أيضاً إلى هذه التسريبات التي قد تكون كاذبة و«مفبركة» أن الولايات المتحدة أنزلت إلى السوق طائرة حربية جديدة (اف 22) منذ ستة أشهر لم تستخدم سابقاً. وأيضاً هناك معلومات عن نقل قنابل تقليدية ضخمة (9 أطنان) إلى المنطقة توازن قوة القنابل النووية التكتيكية الصغيرة. وهذا يعني أن واشنطن مقتنعة أنها تملك من الإمكانات التقليدية ما يكفيها لخوض معركة مربحة من دون حاجة إلى استخدام قوتها غير التقليدية.

الحرب إذاً ليست مستبعدة على الاطلاق وهي أيضاً ليست مزحة في حال حصولها. وهي قد تحصل وقد لا تحصل. ولكن الخطأ السياسي الكبير أن يتم استبعادها والتعامل مع احتمال وقوعها باستخفاف. فالمسألة ليست أن تقع أو لا تقع. ولا من يربح المليون. بل تبدأ المشكلة في الشائعات وعدم تصديقها... بينما الشائعات هي جزء من الحرب. والتعامل مع الشائعة ليس للتندر والسخرية وانما للانتباه من ذاك «الشبح» الذي بدأ يبسط جناحيه في أجواء المنطقة وفوق حقولها ومؤسساتها

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1347 - الأحد 14 مايو 2006م الموافق 15 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً