العدد 1353 - السبت 20 مايو 2006م الموافق 21 ربيع الثاني 1427هـ

الأديب علي التاجر

حسين راشد الصباغ comments [at] alwasatnews.com

التقيت المرحوم الأديب علي التاجر في صيف 1968 في المكتبة العامة، في مكتب مديرها الصديق محمد حسن صنقور أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية. وكنت التحقت لتوي موظفا بدائرة الإعلام التابعة لحكومة البحرين. وتوالت لقاءاتنا هنا وفي نادي العروبة، ووجدته علماً بارزاً في ميدان الأدب والنقد والفكر، على اطلاع واسع بأمهات الكتب العربية والأجنبية. وكنت أيضا ألتقي الشاعر المرحوم إبراهيم العريض بصورة دائمة، إذ درج على زيارتنا بين حين وآخر في مقر دائرة الإعلام. وقل مثل ذلك عن رئيس تحرير «الأضواء» المرحوم محمود المردي الذي يزورنا بصورة دائمة، إذ يلتقي مدير دائرة الإعلام الشيخ محمد بن مبارك لتسقط الأخبار وتبادل الآراء والأفكار، وخصوصاً في تلك الفترة العصيبة من تاريخ البحرين والحبلى بأمور الاستقلال.

أما حسن الجشي فتعرفت عليه لأول مرة في القاهرة العام 1959 أثناء دراستي الجامعية بكلية الآداب، والفضل في معرفتي به يعود إلى زميلتي في الدراسة الجامعية شقيقته بهية الجشي. وربطتني علاقة صداقة قوية وحميمة بالجشي، وزاد إعجابي به عندما اطلعت على إنتاجه الأدبي والفكري الغزير. كما ربطتني علاقة طيبة بنجل علي التاجر المرحوم أحمد التاجر، الذي كان محامياً نشطاً في دبي، وكان زميل دراسة في القاهرة. وفي مطلع الخمسينات، ونحن طلبة بالمدرسة الثانوية الوحيدة في القضيبية، كنا نعرج على حديقة الحيوانات الصغيرة جداً التي تضم أعداداً قليلة من الحيوانات، ويطلق عليها حديقة «الباقشا»، ثم نذهب إلى المكتبة التجارية لمحمد علي التاجر، وهو أديب وشاعر ومؤرخ أيضاً، نشتري من مكتبته الطوابع البريدية التاريخية والعملات النقدية القديمة، إذ كنت من هواة جمع الطوابع فتجمعت لدي ذخيرة كبيرة منها. ولازمتني هذه الهواية حتى بداية المرحلة الجامعية، فهجرتها بعد ذلك هجراً مبيناً.

وستذكر أجيال كبيرة من أبناء البحرين جميل المرحوم عبدالرسول التاجر بالوفاء والتقدير والإكبار لتفانيه في توفير تعليم اللغة الإنجليزية والرياضيات والضرب على الآلة الكاتبة في مدرسته الأهلية التي أسسها العام 1955، وكانت معلماً تعليمياً ومهنياً بارزاً في تلك الفترة المهمة من تاريخ البحرين، وتخرج منها أعداد كبيرة من أبنائها.

وفي مكتب محمد صنقور بالمكتبة العامة التقيت أيضاً بصورة دائمة جليل العريض الذي أصبح بعد ذلك وكيلا لوزارة التربية. وكنت أتردد على المكتبة مرتين كل أسبوع، وعادة أستعير كتاباً أسبوعياً منها، وأطلع على كثير من الكتب في مختلف المعارف التي تزخر بها المكتبة. وكنت أقدم برنامجاً إذاعيا في إذاعة البحرين، تحت عنوان «كتاب الأسبوع» أعرض فيه كتاباً، ويذاع مرتين أسبوعياً واستمر عدة سنوات. كما كان الكثير من مثقفي البحرين وأدبائها يؤمون مكتب محمد صنقور. وعلى رغم تواضع دخله المالي فإنه ذو شخصية حانية وحميمة وكريمة، وكثيراً ما دعاني إلى منزله على العشاء بين الحين والآخر. ومن الشخصيات التي التقيها كثيراً يوسف الشيراوي وماجد الجشي وآخرين.

كانت نهاية سنوات الخمسينات والستينات ومطلع السبعينات سنوات مخاض سياسي، وحكى لي محمد صنقور قصة مؤثرة لاتزال بالذاكرة عن وزير الخارجية الإماراتي المرحوم سيف غباش، الذي أصابته رصاصة غادرة طائشة فأردته قتيلاً في مطار أبو ظبي، إذ كان في استقبال وزير الخارجية السوري آنذاك عبدالحليم خدام، الذي كان مستهدفاً من المخابرات العراقية لصراع النظامين السوري والعراقي، إلا أن المنية عاجلت غباش، تلك الشخصية الفذة التي خسرتها الإمارات. وجاء إلى البحرين العام 1948 في سن صغيرة جدا للدراسة في مدارسها الابتدائية،

ولم يكن حينها يحسن القراءة والكتابة إلا لماما، إلا أن نبوغه وذكاءه الفطري أهلاه خلال فترة وجيزة جداً لاتقانها كتابة وخطابة، والتفوق على أقرانه في الابتدائية، وأخذ يرتقي سلم التعليم بجدارة حتى أنهى تعليمه الجامعي في موسكو. إنه من الفعاليات العمانية العظيمة وتذكرني شخصيته الفذة بشخصية أستاذنا عبدالله محمد الطائي العماني الذي درست على يديه مع أقراني في مدرسة الهداية الخليفية مطلع الخمسينات، ثم أصبح وزيراً للإعلام في دولة الإمارات في حقبة السبعينات.

كاتب بحريني وسفير سابق

إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"

العدد 1353 - السبت 20 مايو 2006م الموافق 21 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً