العدد 1363 - الثلثاء 30 مايو 2006م الموافق 02 جمادى الأولى 1427هـ

«العرب» و«العجم» أمنيات جميلة وواقع مر!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

من جملة من لي مداومة على متابعة كتاباتهم محمد صادق الحسيني. ليس لتشابه اسمينا (محمد)، أو لإحساسي بصدق قلمه كما اسمه الثاني (صادق)، وليس لسبب صلته بعروبتنا وإسلامنا، وصلته بـ «آل بيت» نبينا (ص) كما يدل لقبه؛ بل لقرب تحليلاته من الواقع أحيانا، ومن المأمول أحياناً أخرى. ولكن السبت الماضي، كان رئيس المنتدى العربي الإيراني محمد صادق الحسيني بعيداً عن الواقع قريباً من الأحلام والأمنيات.

في بداية الثورة وضع «الإسلاميون» العرب كل ثقتهم وثقلهم خلف إيران، إذ كانت بالنسبة لهم نموذجاً، وأكثر الأنظمة السياسية قرباً أيديولوجياً منهم؛ حتى كتب عبدالله النفيسي فيما كان يكتبه في تلك الفترة (ابان ملاحقات «رجال الثورة» في طهران للسافاك وبقايا المخابرات والخصوم السياسيين) بالحرف: «اضرب خميني بوركت يداك». ولكن الثورة خذلتهم بعد ذلك؛ كيف لا وقد «أكلت» من هم أولى بها منهم وهم أبناؤها! وصدق المثل القائل: «أول ما تأكل الثورة أبناءها».

الحسيني برهافة حسه وسيلان قلمه العميق كان بوسعه نقش إيضاحات، ورسم لوحة نقدية لتدخلات إيران، وجهاز «اطلاعات» تحديداً، في الشأن الداخلي للعراق، وهو ما يؤثر على علاقات إيران بالدول العربية... وكان لي أمل في أن يكون «المنتدى» أكثر خروجاً على التقاليد والبروتوكولات الرسمية، وبالتالي محاولة تقريب الصورة أكثر عند الإيرانيين بخطورة تدخلاتهم وانعكاس ذلك على علاقاتهم مع جيرانهم العرب... ولكن ذلك لم يحدث!

العالم يتكتل، وإيران أقرب لنا من أميركا وأوروبا وغيرها من دول، ولكن هل إيران موافقة على تعامل الند للند مع الدول العربية؟ ثم، هناك حلقة مفقودة بيننا وبين الإيرانيين، كنت أتمنى أن يضعها الحسيني في الاعتبار؛ وهي أنه من أجل فهم الآخر، لابد من التواصل معه، ومعرفة رأيه مباشرة وليس مداورة. وذلك ما لم يحدث في أي وقت مضى! في هذا المجال، من المناسب طرح مسألة غاية في الأهمية لردم الهوة السحيقة بين عرب الخليج والإيرانيين وهي مسألة التبادل الثقافي (أي إصدار صحف إيرانية ناطقة بالعربية تعبر عن وجهة النظر الإيرانية تصل إلينا، وإصدار صحف ناطقة بالإيرانية وتعبر عن وجهة النظر العربية تصل إليهم)... ذلك أن شعوب الخليج لا تطلع على السياسة الإيرانية الداخلية أو الخارجية إلا من خلال الصحافة الأوروبية أو الدعاية الأميركية، أي عن طريق غير مباشر!

أما الدرس البليغ الذي استشهد به السيد الحسيني، فلا سبيل لتحقيقه والوضع القائم هو ما نراه حاصلاً في العراق من تدخلات، ومن تعزيز النزعة المعادية للعروبة داخل إيران، وإقليم عربستان شاهد على ذلك، وتغذية النزعة المذهبية بصورة فاضحة أكثرها ابتزازاً اشتراط القيادة الإيرانية على «حماس» إنشاء مجلس علمائي للشيعة في فلسطين مقابل الحصول على المساعدة المالية المخصصة!

بعد ذلك، ونأمل ألا يطول الزمان بنا أكثر فالعالم يتكتل، من الممكن أن نلبي دعوة التضامن، ونتأمل قصة تكسر العصي منفردة وغلبتها على الانكسار وهي مجتمعة... وتتحقق أمنيات الحسيني الجميلة ونتجاوز الواقع المر... و«نتضامن مع بعضنا بعضاً وهو أضعف الإيمان»

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1363 - الثلثاء 30 مايو 2006م الموافق 02 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً