العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ

مطالبات بالمزيد من الإصلاحات وتفعيل المشاركة في اليوم العالمي للديمقراطية

طالبت فعاليات وطنية بتحقيق المزيد من الإصلاحات السياسية في مملكة البحرين، وبتفعيل المشاركة الشعبية بغرض الوصول إلى الديمقراطية.

يأتي ذلك في اليوم العالمي للديمقراطية، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007، ويصادف تاريخ 15 سبتمبر/أيلول من كل عام.

وفي هذا الصدد، قال المحامي وأستاذ القانون عباس هلال: «إن الديمقراطية أفضل ما وصل إليه الفكر الإنساني في الحكم وفي المجتمعات وفي العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ولا يعني بالتأكيد أنه نظام منزه وخالٍ من العيوب، ولكنه أفضل ما وصل إليه المجتمع الإنساني في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والرئيس والمرؤوس».

وأضاف أن «كانت الديمقراطية حلم ومطلب كل المفكرين والساسة والفلاسفة، لكنها تبلورت بشكل فكري واضح بعد الثورة الفرنسية، ولدى الفلاسفة الفرنسيين، وأيضاً في المنطقة العربية والإسلامية بما سمي برواد النهضة مثل الكواكبي في كتابه «طبائع الاستبداد»، والإمام محمد عبده، وغيرهما من الدعاة والكتاب والساسة».


داء... ودواء

وأشار هلال إلى ارتباط الديمقراطية بالليبرالية، معتبراً أن ذلك سبب في أن الأنظمة الغربية التي أخذت بالديمقراطية، حققت استقراراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، معلقاً بأن «الديمقراطية فيها جناح داء وجناح دواء، وفي كثير من الأحيان قد لا تفرز الديمقراطية الأفضل والأكفأ، لكنها إذا ما استقرت استقراراً كافياً، تحفظ العلاقة وتجعلها تتقدم وتستقر».

وأضاف «نأمل أن تتطور الديمقراطية في الوطن العربي، وخصوصاً بعد أن شهدت انتفاضة شعوبها ضد الاستبداد والديكتاتورية وتجلت المطالبات بالديمقراطية والشراكة، ونأمل أن تتطور وتزدهر أكثر، على رغم تشاؤم البعض وعلى رغم حيرة فئة كبيرة طارحة عنواناً كبيراً في غير محله وسابقاً لأوانه، ومن باب المصادرة على المطلوب، بشأن البديل والخوف من البديل، ولكن هذا العنوان الكبير في تشاؤم البعض ما هو إلا فزاعة غير حقيقية».

كما اعتبر هلال أن الديمقراطيين لا يخافون من الديمقراطية، وأن الديمقراطية تعالج عيوبها بالديمقراطية، وقال: «أنظمة الحكم التي قامت في الشرق الأوسط في الوطن العربي، قامت على فزاعة القضية الفلسطينية، فخنقت الديمقراطية خنقاً، واستبدت استبداداً فهلكت الشعوب، ونهبت ثرواتها وأحلامها، باسم الأنظمة الثورية والليبرالية العرجاء، فلا هي ثورية ولا هي ديمقراطية ولا هي ليبرالية».

أما فيما يتعلق بالخليج ومملكة البحرين، فأشار هلال إلى أن الحراك الديمقراطي والمطالبات بالديمقراطية والنضال من أجل الشراكة بدأ منذ الثلاثينيات والخمسينيات، وأنه بعد الاستقلال والدستور والمجلس الوطني في البحرين، بدأت تجربة ممتازة فيها تنوع تضم الوسط الليبرالي واليسار والكتلة الدينية، إلا أن العوامل الداخلية والإقليمية حالت دون إكمال التجربة، على حد تعبيره.

وقال: «بسبب القانون السيئ الصيت بشأن تدابير أمن الدولة، ومحكمة أمن الدولة، دفع شعب البحرين ثمناً باهظاً، ومع بداية المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وعودة المنفيين من غير شروط وتبييض السجون والعفو العام والخاص وإلغاء محكمة أمن الدولة، ورفع سقف الحريات، بدأت تباشير الديمقراطية والإصلاحات، وإن اكتنفها بعض التراجعات في الأعوام الأخيرة».

وواصل «حان الوقت لتوفير المزيد من الديمقراطية والمزيد من الإصلاحات، ونحن نشهد صورة متكررة عن الماضي، فإننا نطالب بوقف المحاكمات وإطلاق سراح المعتقلين، ووقف لجان التحقيق ومجالس التأديب، وعودة الموقوفين والمفصولين إلى أعمالهم، وتفعيل مبادرة ولي العهد سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بمحاورها السبعة».

وأشار هلال إلى أن الشعب مازال معلقاً الآمال على رمز الوحدة الوطنية عاهل البلاد الذي عود شعبه على إطلاق المبادرة تلو الأخرى، وخصوصاً أن شعب البحرين يستحق الكثير، كالحرية والشراكة والتنمية بأكبر ما يكون وأوسع ما يكون، على حد قوله.

وجدد هلال تأكيده على ضرورة الأخذ بالديمقراطية كاملة، بحسناتها غير المعدودة، وعيوبها التي لا تصمد أمام منافعها، مشيراً إلى أن الديمقراطية هي كل متكامل، وبها يرتفع شأن الشعوب وتزدهر البلدان وتعمر الأوطان، وتحفظ كرامة وحقوق الإنسان، وفقاً له.


لانريد ديمقراطية شكلية

ومن جهته، اعتبر رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري أن الديمقراطية في البحرين مازالت شكلية، مشيراً إلى أنه وعلى رغم أن الدستور والقوانين المحلية تنص على فصل السلطات والحريات العامة، إلا أن ذلك يكتنفه بعض النواقص، ويفتقر إلى روح الديمقراطية.

وقال: «روح الديمقراطية تتطلب المشاركة الشعبية في كل الشئون الإدارية والسياسية والاقتصادية والحريات، وهذا ما لا يتحقق في البحرين إلا في حدود ضيقة. فمازلنا بحاجة لتفعيل مبدأ الفصل بين السلطات، وتنفيذ مبدأ أن الشعب مصدر السلطات».

وأضاف «على رغم أن الدستور يؤكد حق المواطن في الحصول على العمل، ولكن الواقع يؤكد أن هناك عدداً كبيراً من العاطلين عن العمل، وأن هناك استمراراً في عمليات التسريح من العمل وحرمان المواطن من حقوقه الأساسية، وهو ما يعبر عن انتقاص حق المواطن».

واعتبر العكري أن مبدأ الشعب مصدر السلطات يمكن أن يتحقق من خلال الاستفتاءات الشعبية مثلما حدث في ميثاق العمل الوطني، أو من خلال ممثليه المنتخبين انتخاباً حراً، عبر الانتخابات البلدية والنيابية، معلقاً بأن «المواطن يجب أن يكون محور الدولة لا تحت رحمتها».

وأشار العكري إلى منظمة الديمقراطيات الناشئة والمستعادة، وهي منظمة دولية، تعد الدول الأعضاء فيها تقارير دولية عما حققته على صعيد الديمقراطية، غير أنه أكد أن البحرين لم تقدم أي تقارير عما حققته في هذا الشأن.


ديمقراطية ليست منهجاً واحداً

أما عضو جمعية الوفاق الوطني الإسلامية هادي الموسوي فاعتبر أن صيغ إدارة الشعوب بالمنهج الديمقراطي، تتعدد بحسب أشكال الحكم، وقال: «الديمقراطية ليست منهجاً واحداً، وإنما لها عدة مناهج ما يسمح لجميع أشكال الحكم أن يأخذ ما يناسبه منها، إلا أن جوهرها واحد، وهو أن يحترم رأي الشعب ويكون الحكم معبراً عن رأي الشعب، سواء كان ملكياً جمهورياً أو كونفدرالياً، فإنه نابع من الشعب».

وأضاف أن «المشكلة في الديمقراطية هذه الأيام، أن من يعمل من السلطات بجزء منها يدعيها كلها أو يدعي أنه يأخذ بها، كما أن الشعوب سبقت الحكومات في المناداة بالديمقراطية، لضمان استقرارها ولم تستوعب السلطات أن الديمقراطية ستؤكد استمرارها أو استقرارها».

وأكد الموسوي أن الديمقراطية أخذت في العقود السابقة في الوطن العربي جزءاً كبيراً من التداول الفكري والنظري بشأنها، بينما تحول التعاطي الشعبي مع مفاهيم الديمقراطية من التداول الفكري والنظري إلى السعي بالتضحيات نحو الأخذ بها، مضيفاً أن «لا يمكن لأحد أن يقول إن الديمقراطية لا تصلح لنا، لأنها في الأساس مرنة ويمكن أن تتقارب مع جميع أنواع الحكم».


المجلس الوطني من ثمرات الإصلاح

إلى ذلك، اعتبر النائب محمود المحمود أن البحرين تنفست أجواء الديمقراطية بعد مرحلة ميثاق العمل الوطني من خلال المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، والذي كان أبرز ثماره المجلس الوطني بغرفتيه، الشورى والنواب.

وأكد المحمود، أن الديمقراطية تسمح بمساحة من الحرية، يتحرك فيها الناس بكل الأمور التي تتعلق باحتياجاتهم ومتطلباتهم، غير أنه شدد على ضرورة ارتباط الديمقراطية ارتباطاً مباشراً بالتنمية، وأن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال النظر للإنسان على أنه ركيزة هذه العملية، حتى يمارسها بكل طمأنينة وشفافية، ليست في القوانين التي يضعها ويطبقها أو يعمل عليها، وإنما المنشود من هذه التنمية هو الاستقرار النفسي لإنسان، والاستقرار بما يعني الأمن والطمأنينة بالطرق السلمية، على حد تعبيره.

وقال: «في البحرين نعتقد أن الديمقراطية بدأت مع ميثاق العمل الوطني، من خلال إطلاق مشروع ميثاق العمل الوطني الذي قاده عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتأسيس دولة المؤسسات والقانون العصرية».

وتابع أن «خلال العشرة أعوام الأخيرة تحققت الكثير من الأمور في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن هناك بعض القصور ليس من ناحية القيادة السياسية، وإنما القصور منا نحن، لأننا في يدنا أن نعمل شيئاً ولم نستطع القيام به».

وأشار إلى أن الممارسات الديمقراطية وإن اختلفت وتباينت ولكنها تعود لركيزة الإنسان نفسه، إذ يكون واعياً وقادراً على التعامل مع أدوات الديمقراطية شرط أن يرقى ويتقبل الرأي والرأي الآخر، على حد تعبيره، مضيفاً أن «ليس بإمكاننا التشبث بآرائنا لأنها صح، ولكن واجب علينا أن نتصرف بشكل صحيح، من أجل تعزيز الممارسات الديمقراطية وتطوير القواعد الدستورية وإصدار التشريعات اللازمة بهذا الخصوص، حتى وإن دعا الأمر لتعديل بعض مواد الدستور، حتى تكون متطابقة ومتفقة مع رأي الأغلبية».

كما اعتبر المحمود أن الديمقراطية في البحرين عززت مفهوم النزاهة، ومن هذا الباب وصلت الديمقراطية في البحرين لمراحل متقدمة وليست نهاية المطاف.

وختم حديثه بالقول: «قد تكون هناك رغبة من قبل الكثيرين ببعض الإصلاحات، وهذا حق شرعي، وإنما ذلك يجب أن يتم تداوله عبر القنوات والمؤسسات التشريعية، التي من ضمنها البرلمان وغيره من المؤسسات الدستورية»

العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً