العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ

«مؤشر برتلسمان»: الإصلاح في البحرين وصل لمرحلة حرجة وبحاجة لمعالجة

تقدمت في التحول الديمقراطي والسياسي وتراجعت في الإدارة السياسية

اعتبرت «مؤسسة برتلسمان» الألمانية، أن عملية الإصلاح في البحرين وصلت إلى مرحلة حرجة، وأن هناك مخاوف من أن الحريات المدنية والسياسية التي تحققت في وقت سابق قد تتراجع، وأن على الحكومة البحرينية معالجة التوترات الحالية، وخصوصاً على صعيد التشريعات المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية، وسيادة القانون، والتمييز، وإجراء حوار شامل بشأن أهداف المشروع الإصلاحي.

جاء ذلك في تقرير مؤشر برتلسمان للتحول نحو الديمقراطية واقتصاد السوق، والذي يتناول أبعاد الديمقراطية واقتصاد السوق والإدارة السياسية في كل بلد على حدة، بناءً على 17 معياراً موزعاً على 52 سؤالاً.

وحلت البحرين بحسب مؤشر برتلسمان في الترتيب 51 عالمياً، والثانية خليجياً (بعد قطر)، في القدرة على التحول الديمقراطي والاقتصادي، وهو المؤشر الذي تقدمت فيه البحرين عن آخر مؤشر صدر للمؤسسة في العام 2008، وكانت البحرين تحتل فيه الترتيب 57 عالمياً، فيما حافظت على ترتيبها الثاني خليجياً (بعد قطر).

فيما حلت في الترتيب 85 عالمياً، والرابعة خليجياً (بعد قطر والإمارات وعُمان) في مؤشر الإدارة السياسية، وهو المؤشر الذي تراجعت فيه البحرين عن ترتيبها في العام 2008 عالمياً، الذي احتلت فيه الترتيب 78، كما تراجعت خليجياً، إذ كانت في الترتيب الثالث (بعد الإمارات وعُمان).

ودعا التقرير فيما يتعلق بالبحرين إلى إعادة النظر في عدد من القوانين، ومن بينها قانون الجمعيات، من خلال تعزيز استقلالية المنظمات غير الحكومية وتقليل صلاحيات السلطة التنفيذية.

أما فيما يتعلق بقانون الجمعيات السياسية، فأوصى التقرير بالسماح لمنتسبي الجمعيات الحصول على التدريب من الخارج، والسماح للجمعيات بتنظيم حملات المطالبة بالتعديل الدستوري أو الحملات ذات الأهداف الدينية، كما اعتبر التقرير أن تعريف الإرهاب في قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، هو تعريف غامض بشكل غير مقبول وينبغي أن يكون متفقا مع الممارسات الدولية، وفقاً للتقرير.

ووصف التقرير قانون المطبوعات والنشر بأنه «في غاية التشدد»، إذ تضمن عقوبة السجن للصحافي، مؤكداً ضرورة السماح بحرية الدخول للمواقع الإلكترونية.

كما انتقد التقرير التعديلات الأخيرة على قانون الاجتماعات والتجمعات العامة والمسيرات، والذي حمّل منظمي هذه التجمعات المسئولية المدنية والجنائية الكاملة عن أي ضرر يلحق بالممتلكات الخاصة والعامة خلالها، مشيراً التقرير إلى أن التعديلات تهدف للحد من التظاهرات بدلاً من تنظيمها.

إلى ذلك، طالب التقرير الحكومة البحرينية بإجراء تحقيقات شاملة ومحايدة في ادعاءات التعذيب، وتوفير التدريب على حقوق الإنسان للعاملين في مراكز الاعتقال والسجون وقوات الأمن.

كما أكد التقرير ضرورة أن تنظر الحكومة في مسألة إصلاح القانون الانتخابي، وأن يتم رسم الدوائر الانتخابية مع ضمان تساوي الأصوات في كل الدوائر.

ودعا التقرير البحرين للتحقيق في انتهاكات الماضي والحاضر لحقوق الإنسان، مع ضرورة تعديل مرسوم العفو العام، وتعويض ضحايا الانتهاكات والتعذيب في فترة التسعينات.

وأوصى التقرير باتباع الشفافية في جميع القطاعات لمكافحة الممارسات التمييزية، ومن بينها التعيينات الحكومية، معتبراً التقرير أن ذلك من شأنه أن يسهم أيضاً في مكافحة الممارسات التمييزية ضد المرأة.

وجاء في التقرير «على الحكومة أن تمارس الشفافية في منح جوازات السفر البحرينية، وخصوصاً في ظل استمرار ادعاءات المعارضة البحرينية بوجود التجنيس السياسي».

ونوه التقرير بضرورة إجراء حوار شامل بشأن أهداف المشروع الإصلاحي، تجنباً للعودة إلى حال الاضطراب والعنف التي اتسمت بها البحرين خلال فترة التسعينات، وأن على الحكومة الشروع في حوار صادق يهدف لمعالجة مشكلة البلاد السياسية وإعادة إحياء عملية الإصلاح على المدى الطويل.

واعتبر التقرير أن الموضوعات الأكثر إلحاحا والتي بحاجة للمعالجة، هي تطوير السلطة التشريعية، وخصوصاً أن النواب المنتخبين ليسوا وحدهم المسئولين عن تمرير التشريعات، وأن على الحكومة البحرينية دراسة ومناقشة كيفية تعزيز صلاحيات الممثلين المنتخبين في المدى الطويل.

كما جاء في التقرير أن «على الحكومة البحرينية إلزام نفسها بحماية الحقوق المدنية والسياسية وحقوق الإنسان، والدخول في حوار مع جميع الجهات المعنية للعمل على ضمان وسيلة لتقويتها. أما في مجال رصد حقوق الإنسان، وتوفير تدريب حقوق الإنسان، فيجب على الحكومة العمل من خلال المزيد من التعاون والتنسيق بين المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني».

وفي الجانب المتعلق بالديمقراطية، أشار التقرير إلى وجود ما وصفه بـ»المشكلات الخطيرة» فيما يتعلق بالمساواة بين المواطنين البحرينيين التي مازالت من دون حل، وهي السياسة التي نفتها الحكومة، لافتاً التقرير إلى أنه من الصعب التحقق من هذه الحقيقة أو دحضها لعدم توافر الأدلة.

وفي الجانب المتعلق بالهوية الدينية، اعتبر التقرير أن البحرين واحدة من الدول العربية القليلة التي ليس لديها قانون لأحكام الأسرة (بشقه الشيعي)، لافتاً في الوقت نفسه إلى محاولات الحكومة لتدوين قانون الأسرة الذي ووجه بمعارضة شديدة من بين الطائفة الشيعية.

وبشأن الإدارة الأساسية للبلاد، أكد التقرير قدرة البحرين المحافظة على بنية الأداء الإداري في جميع أنحاء البلاد، إلا أنه ومع ذلك فإن هناك بعض المسئوليات غير الواضحة بين الوزارات والإدارات، إذ يتم تعيين لجان وزارية تعمل مع مهمات وواجبات مماثلة لإدارات حكومية، وأن اللجان التي أنشئت حديثاً من قبل الجهات الرسمية البحرينية، هي في كثير من الأحيان مكررة وقائمة فعلاً في الوزارات.

كما اعتبر التقرير أن انتخاب المجالس البلدية في العام 2002 أدى إلى تعقيد العمل البلدي، نتيجة عدم وجود اختلاف بين اختصاصات البلديات والمحافظات.


المشاركة السياسية

وذكر التقرير أن نتائج الانتخابات في البحرين لا تحدد تشكيل الحكومة، وأن الانتخابات تتم لاختيار أعضاء أحد مجلسي السلطة التشريعية وهو مجلس النواب، إلا أنه انتقد في الوقت نفسه عدم تساوي الدوائر الانتخابية في المساحة أو عدد الناخبين، مشيرا التقرير إلى أن أكبر الدوائر الانتخابية تضم أكثر من 12 ألف ناخب، في حين أن أصغر دائرة تضم نحو 500 ناخب فقط.

كما أشار التقرير إلى أن البحرين تبدي المزيد من التسامح مع النشاطات السياسية التي تُمارس بخلاف غيرها من دول الخليج، وأنه على رغم أن التشريعات المحلية تسمح بالحق في ممارسة التجمعات، إلا أن سلطات الأمن تتدخل في بعض الحالات لتفريق التجمعات، وأن هذا التعاطي قد زاد بشكل كبير في الفترة الأخيرة. وأوضح التقرير أيضاً أن منظمي التجمعات في البحرين، يشترط عليهم الحصول على تصريح لتنظيم التظاهرات أو المسيرات، وأن التسامح الذي كانت تبديه الحكومة مع هذه التجمعات لم يعد مستمراً في الوقت الحالي.

ولفت تقرير برتلسمان إلى أن الأحزاب السياسية مازالت غير قانونية في البحرين، ومع ذلك فإنه يحق للجمعيات السياسية دعم مرشحين عنها للانتخابات وتشكيل الكتل البرلمانية.

وأشار إلى أن قانون الجمعيات السياسية يحظر إنشاء الجمعيات السياسية على أساس مذهبي أو عرقي أو جغرافي، كما لا يسمح للعسكريين بالانتساب لهذه الجمعيات، وأن الحكومة تسمح لجميع الجمعيات السياسية، بما فيها جمعيات المعارضة بممارسة نشاطاتها، بصرف النظر عن توجهها الخاص.

واعتبر التقرير، أن حرية التعبير في البحرين تدهورت بشكل ملحوظ، على رغم الضمانات الدستورية لحرية الرأي والتعبير، ناهيك عن زيادة الرقابة على الإنترنت بشكل كبير، وحجب 66 من المواقع الإلكترونية التي تمثل المعارضة، وأصبح من غير الممكن الولوج إليها من داخل البحرين، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن التلفزيون الرسمي والإذاعة يعكسان وجهات النظر الرسمية فقط.


سيادة القانون

وأشار التقرير إلى أنه على رغم أن الدستور البحريني ينص على التزام مبدأ الفصل بين السلطات، فإن امتيازات السلطة التنفيذية تفوق السلطة التشريعية المكونة من مجلسين، وأن البرلمان هو من يمرر موازنة الحكومة، إلا أن برنامج عمل الحكومة الذي يُقدم لمجلس النواب هو تقرير عام جداً.

وجاء في التقرير كذلك أن «الفساد المتفشي في البيروقراطية ليس مشكلة سائدة، إلا أنه وعلى رغم وجود قوانين لمكافحة الفساد، فإن هناك مستوى عالياً من الفساد في العقود والمناقصات في بعض الاستثمارات الاقتصادية، ونادراً ما تتم مقاضاة الفاسدين».

وتطرق التقرير كذلك إلى ما وصفه «بتزايد التقارير بشأن سوء معاملة السجناء بشكل منهجي»، التي ارتفعت بشكل كبير، بحسب ما جاء في التقرير.

وأكد التقرير كذلك أن هناك بعض الممارسات التمييزية في البحرين، على أساس المساواة بين الجنسين وعلى أساس مذهبي.

وذكر التقرير أن البحرين تسعى جاهدة لتمكين المرأة، وأن عاهل البلاد عيّن نساء في مجلس الشورى كما عيّن وزيرات وسفيرات من الإناث، إلا أنه من ناحية أخرى تم رفض نظام المحاصصة في الانتخابات التشريعية وتتعرض النساء لعدم المساواة في المعاملة وخصوصا فيما يتعلق بالأحوال الشخصية.

وانتقد التقرير عدم تمتع القوى العاملة الأجنبية في البحرين، ولاسيما خدم المنازل، بحماية كافية من ناحية قانونية، ناهيك عن عدم حصولهم على أية حقوق مدنية أو سياسية.


استقرار المؤسسات الديمقراطية

ذكر التقرير أن صناع القرار الرئيسيين غير منتخبين ديمقراطيا، وأن معظم النواب يفتقرون إلى الخبرة في الرقابة المالية، كما أن الموازنة العامة للدولة عادة ما تكون غير مفصلة وتستبعد ذكر تفاصيل موازنات بعض الجهات الرسمية، ومن بينها موازنة الأمن.

وجاء في التقرير: «المؤسسات الديمقراطية في البحرين هي جزء من الحكومة، وهو ما يعرضها لانتقادات عدد كبير من البحرينيين».


التكامل السياسي والاجتماعي

ذكر التقرير أن الجمعيات السياسية في البحرين لها نشاط كبير، ولكن غالبيتها ليس لها دور حاسم في الحياة السياسية البحرينية، كما أن بعضها تشكلت نتيجة الحركات السرية السابقة، وبعضها عبارة عن جمعيات خيرية إسلامية، وأخرى تشكلت للتعبير عن المشروع الإصلاحي.

كما أشار إلى تعدد النوادي والجمعيات الأهلية في البحرين، إلا أن غالبيتها يتم إنشاؤها وفق اعتبارات طائفية، وأن المجتمعات المدنية تسعى لإسماع صوتها من خلال تقديم العرائض وإجراء المحادثات غير الرسمية مع مسئولي الحكومة والتظاهرات، وخصوصاً أن العديد من المنظمات غير الحكومية هي في الواقع تابعة لجمعيات سياسية معينة.

وذكر التقرير أنه «على رغم عدم توافر قاعدة معلومات تبين المواقف تجاه الديمقراطية في البحرين، ومع ذلك، فإن معظم الحركات السياسية تدعو إلى المشاركة الديمقراطية في إطار نظام ملكي دستوري».

وتابع التقرير «أدرجت الجمعيات السياسية البحرينية بمختلف توجهاتها مفاهيم الديمقراطية في برامج عملها الخاصة. ونظم بعضها عدداً من الاحتجاجات للمطالبة بالمزيد من الديمقراطية, ومع ذلك، فإنه من الواضح أنه لا يمكن قياس مدى فهم المشاركين في هذه الاحتجاجات للمعنى العميق للمعايير الديمقراطية»

العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 12:20 م

      ماذا يعني

      ماذا يعني هذا التقرير ان البحرين .. يعني البحرين
      تحتاج الى اصلاح حقيقي يلبي طموح الشعب

اقرأ ايضاً