العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

«التربية» تمنح طالبة متفوقة بعثة تمريض فيضطر والدها الاقتراض لتأمين دراستها الطب بالصين

جلب معه ملفا عريضا سعته تتجاوز 15 سنتيمترا، يتضمن كل الشهادات والوثائق والمستندات التي تدلل على صحة كلامه من مغبة - لا سمح الله - وقوع ظن أو شبهة أو شك في كلامه على المستمع والقارئ... أخذ يقلب الصفحة تلو الأخرى، كل واحدة تحكي مشوارا من الجد والمثابرة لتاريخ هذه الطالبة (ابنته) التي تخرجت من صفوف المرحلة الثانوية لعام 2011، و «جازتها» وزارة التربية والتعليم في نهاية المطاف بجائرة بخسة قصمت ظهر عزيمتها لفترة من الوقت.

هي تلك التي حازت بدءا من الصف الأول الابتدائي على أعلى المراتب، وكان ترتيبها في الصف لا يتجاوز تسلسل الثالثة على مستوى الفصل والمدرسة معا، وظلت مثابرة محتفظة بالمركز ذاته والمنصب حتى آخر نفس لها، رغم العقبات والصعوبات التي اعترضت طريقها ولكن بإيمانها، وقوة إرادتها، وتشجيع الأهل والوالدين كانت عوامل كفيلة بانتشالها من الوضع البائس الذي بلغت إليه حتى وصولها حد التفوق المنقطع النظير، ويشهد لها القاصي والداني على جدها واجتهادها في الدراسة.

لم يدر بخلد هذه الطالبة أن حصيلة مشوارها الدراسي سيجابه بهذا البرود من قبل وزارة التربية، وهي الوزارة المعنية بإعداد الموهوبين والمجتهدين وجيل المستقبل الطموح! هل تقابل طموحي المتسق مع تفوقي بهذا الجزاء العقيم؟ (ظلت تردد هذا السؤال) هل بعد المثابرة الطويلة والتحمل والإرهاق الشديد أرقى الى مستوى وضيع لم احسبه يوما بأنني سأحظى به طوال حياتي؟!

تتحدث عن نفسها قائلة: نعم بتلك الكلمات ابعث بزفرة الوجع التي اعتلتني وقتما علمت بأمر توزيع البعثات لتطالني وا أسفاه بعثة التمريض، أنا الطالبة التي حزت على معدل مقداره 98.5 في المئة... نعم أنا الطالبة التي تشهد كل حيطان وجدران المدرسة على جدارتي وتفوقي أحظى بهذه المرتبة في نظر وزارة التربية... كانت الطامة الكبرى الجواب الذي استندت عليه الأخيرة في تبرير موقفها الداعي بعدم استحقاقي لبعثة الطب بحجة ان مستوى المقابلة التي أجريت لتقييم استحقاقي للبعثة قد أثبت فشلي في اجتيازها؟!... أي تقييم استندت عليه التربية في حصد نتيجة خسارتي وفشلي في اجتياز المقابلة؟ هل على بيئة المقابلة التي تنعدم وتخلو من أبرز معايير وشروط انعقادها، إذ كانت الجلسة التي اتخذتها فوق كرسي كان يقبع على مسافة بعيدة من مكان تواجد لجنة التقييم خلال المقابلة، ما استدعى من احد الأشخاص أن يدخل في جدال مع زميله مؤنبا إياه على وضع الكرسي في مكان بعيد عن مقر تواجد اللجنة! إذ كنت أنا الطالبة الأولى التي تدخل الى تقييم اللجنة، ناهيك عن غرابة هذا الحدث ووقعه على نفسيتي، كما ان الأشخاص المتواجدين في اللجنة كانوا ثلاثة، طرح الأول سؤالا أشبه بالأضحوكة يسألني فيه - بعدما اطلع على اسمي من البطاقة الذكية - عن صلة قرابتي بفلان ذاكرا لي اسمه وطارحا السؤال ذاته هل يقرب لي «اخوك»؟ حقيقة تعجبت من السؤال ذاته الذي ليست له صلة بالمقابلة المعلن عنها، وما أثار عجبي أكثر أن الشخص الثاني الذي كان حاضرا في المقابلة لتقييم قدراتي، كان ربما في حالة من «السرحان»، ما اضطره زميله ان يوقظه ويحرك بيده طالبا منه ان يعي ويستيقظ لما يجري حوله، والأنكى من كل ذلك ان يتملك الأخير الحماس والجرأة على طرح السؤال ذاته وصلة قرابتي بفلان؟ حتى قام زميله بتنبيهه من عدم طرح السؤال ذاته الذي طرح سابقا؟!

جواب فشلي بالمقابلة حصلت عليه خلال لقاء جمعني مع احد المسئولين في قسم البعثات بوزارة التربية هو المبرر الذي استندت عليه التربية في عدم استحقاقي لدراسة تخصص الطب، ويا ليت أجواء المقابلة كانت متوافقة مع المقابلات المعهودة ضمن الشروط والمعايير المحددة سلفا كي أدحض كل تلك المزاعم التي زعمت بها التربية لتبرر فشلي فيها... وعلى رغم ان المقابلة جاءت باللغة العربية الأم قد فشلت فيها من وجهة نظر التربية، بينما المقابلة التي أجريت لي باللغة الانجليزية مع إحدى الجامعات قد اجتزتها بتفوق وأحرزت فيها أحسن النقاط؟ وأي فشل تتذرع به طالما ان تاريخي الدراسي وارشيفي التعليمي يشهد على أنشطتي الكثيرة والفعاليات التي كنت أشارك فيها سواء في مجال المسرح أم الخطابة أم المساجلة الإثرائية وغيرها والكثير من الأنشطة يعجز اللسان عن ذكر تفاصيلها في هذه الأسطر.

تواصل حديثها قائلة: هل هذه المقابلة التي لم تدم سوى 10 دقائق كانت كافية لتقييم مدى استحقاقي لدراسة الطب أم لا؟! على رغم ان بعثات الطب قد طالت زملاء لي بالمدرسة نفسها وذوي معدلات أقل مني بينما أنا التي أحرزت مرتبة عالية وبتفوق، أحظى بتخصص تمريض؟! أي عجب ذلك، وأي مساواة تتشدق بها وزارة التربية وأي عنصرية ترتكبها في حقي.

رسالتا تظلم رفعتهما الى الوزارة، إحداهما الى الوزير ذاته، والأخرى الى الوكيل وكلتاهما لم أحظ منهما بأي نصيب من الجواب ليشفي غليل الحرقة والانتظار، فقط ما حصلت عليه جواب شفهي من خلال مراجعاتي الدؤوبة عبر الهاتف يفيد بعدم توافر شواغر لتخصص الطب لي أنا المتفوقة المتخرجة من إحدى المدارس التي حازت على مرتبة الامتياز في الجودة والتميز، إذا كان التميز الذي حظيت به تلك المدرسة نابعا من جهود معلماتها الفاضلات، ألسن هن المعلمات ذواتهن اللاتي سعين جاهدات إلى تخريج جيل متفوق ومن بينهن أنا (الطالبة)!

الأب يضيف قائلا: «ليس هذا فحسب، بل كانت مدرسة ابنتي، إحدى المدارس التي طالها قرار تمديد الدوام المدرسي وطبق مع نهاية العام 2009 وبداية 2010، وقد انعكس سلبا وارتد ذلك القرار على صحة ابنتي ومن ثم على مستوى تحصيلها الدراسي، فكانت تعود في فترة متأخرة من النهار وتحديدا عند الساعة الثالثة ظهرا ما سبب لها إرهاقا جسديا ونفسيا كونها لم تعتد على مسيرة الدوام المتأخر وأخيرا ارتد سلبا الأمر على مستوى تحصيلها الدراسي وفترات الدراسة وانخفض مستواها خلال ثاني فصل دراسي الى الجيد جدا، حتى تمكنت بفضل من الله وقوة إيمانها وإرادتها الصلبة ان تستعيد قواها وتتأهب لخوض معركة التفوق من جديد وها هي قد بلغت حافة التخرج ولكنها مكلومة وكسيرة الظهر جراء عدم حصولها على البعثة التي كانت تطمح إليها منذ الطفولة. وعلى إثر ذلك اضطررت أنا والدها رغم ضيق ذات اليد وعسر الحال المادية أن اقترض لها مبلغا من المال من احد أهل الخير لأتكفل ولأضمن لها دراسة التخصص الذي كانت دوما تطمح لدراسته ألا وهو الطب ولكن لدى إحدى الجامعات الأقل كلفة فكان نصيبها جامعة في الصين التي قبلت بها، ومن المفترض ان تشرع بها الدراسة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول.

ولكي أرضي ضميري وأضمن سلامة ابنتي التي أخذت تجوب وتعصف في تفكير عميق وحالة نفسية سيئة إثر خسارتها لحلمها بدراسة الطب تحملت عبء القرض على كاهلي لأسعد ابنتي في نهاية المطاف في المقابل ترى في الكفة الأخرى أن التربية لم تعبأ بمصير ابنتي المتفوقة وتصر على موقفها مستندة على حجة فشل الطالبة في اجتياز المقابلة التي كانت أشبه بالمسرحية الأضحوكة... أسئلة سريعة نوجهها الى وزارة التربية ونأمل الحصول منها على إجابة شافية بخصوصها، هل المقابلة كفيلة بتقييم استحقاق ابنتي للبعثة التي جهدت طوال عمرها على نيلها منذ نعومة أظافرها، فيما رصيد إنجازاتها يدحض كل كلمة سيقت لتبرير عدم استحقاقها للبعثة، وتشهد لها الشهادات بقدرتها وكفاءتها في التمثيل والشعر والمساجلة والجدال والرسم... الخ.

ان كانت المعلمات اللاتي قبلن بالعمل في فترة تمديد الدوام قد تمت مجازاتهن وتعويضهن براتب إضافي هل هؤلاء الطالبات المتضررات من الدوام جزاءهن الخسارة وفوق ذلك عدم التقدير من تبعات الإرهاق والصبر من العودة المتأخرة من المدرسة ومن ثم البدء الفعلي للتحضير الى الدراسة والمراجعة للامتحانات؟ نأمل أن نحصل على إجابة شافية من الوزارة الموقرة.

(الاسم والعنوان لدى المحرر

العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 11:09 ص

      الله يعوضش خير اختي.

      انا الأخرى خريجة تخصص الأحياء والكيمياء اقبع عاطلة بلاعمل ولا ادنى دخل ينتشلني من الفقر والحرمان.

اقرأ ايضاً