العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ

مع بدء العام الدراسي... أين جودة التعليم؟

عيسى سيار comments [at] alwasatnews.com

-

نشرت الصحف المحلية قبل خمسة أشهر تقريباً ملخصاً للتقرير السنوي الصادر عن هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب عن مستوى جودة مخرجات ومدخلات التعليم والتدريب في ثلاثة قطاعات؛ هي: التعليم الأساسي، والتعليم العالي، والتدريب، وكان التقرير صادماً وبالذات الجزء الخاص بمدارس الدولة التي تشرف على إدارتها وزارة التربية والتعليم، حيث حصلت 28 مدرسة من أصل 112 مدرسة تم تقييمها على تقرير غير ملائم، أي ضعيف وتشكل ثلث المدارس، بنسبة 25 في المئة من عدد المدارس التي تم تقييمها! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ هو: ما هي الأسباب التي تكمن وراء هذا الوضع غير المقبول بالنسبة إلى جودة التعليم في مدارسنا بعد مرور 92 سنة على بداية التعليم النظامي في مملكة البحرين في العام 1919! وبعد مرور ست سنوات على تطبيق المشروع الوطني لإصلاح التعليم والتدريب الذي بدأ العام 2005، وبالتالي يحق لنا أن نسأل وبمشروعية عن من المسئول عن هذه النتيجة الصادمة؟

لقد طغت أوضاع الأزمة التي مرت بها البحرين خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/آذار 2011 على ما ورد في هذا التقرير المهم جدّاً وأصبح ليس بالأهمية ذاتها أمام الأوضاع الأخرى كالشأن الأمني، والوضع المعيشي، والحوار الوطني، والتجاذبات السياسية وغيرها! لذلك سنسلط الضوء ونقدم قراءة متأنية لتشخيص الأسباب الكامنة وراء تدني مستوى جودة التعليم في مدارسنا ثم سنعمل على تقديم حلولٍ مقترحة.


أولاً - القرار السياسي:

يلعب القرار السياسي دوراً مفصليّاً في العملية التعليمية؛ فالنظام السياسي في أي بلد يجب عليه أن يضع خريطة طريق واضحة المعالم للعملية التعليمية في القطاعات والمجالات كافة يتم بموجبها ربط قطاع التعليم بالقطاعات المختلفة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وهنا يجب الوقوف عند سؤال مفصلي؛ ألا وهو: ماذا نريد من التعليم؟ لقد توصلت دول كثيرة إلى إجابات واضحة المعالم لهذا السؤال، منها الولايات المتحدة الأميركية، ودول أوروبا الغربية والصين، واليابان ودول ما يسمى بالنمور الآسيوية من أمثال: ماليزيا، كوريا الجنوبية، وسنغافورة، إلا أننا لم تصل بعد إلى الإجابة على هذا السؤال.

إن الدولة بأركانها يجب أن تكون لها نظرة وفلسفة وآليات عمل واضحة تجاه التعليم والتدريب، والدول التي تمتلك الرؤية الواضحة؛ كالدول التي ذكرناها سابقاً؛ نجحت في تحريك جميع مناحي الحياة فيها عندما أدركت أن التعليم هو أساس التطور والنمو المؤدي إلى تحقيق بل التنمية المستدامة، ولكن هل نملك نحن في مملكة البحرين رؤية وفلسفة وآليات عمل واضحة لمستقبل التعليم الأساسي في البحرين؟

أعتقد أن التعليم الأساسي في مملكة البحرين يعاني تخبطاً واضحاً في الرؤية والفلسفة والخطط والبرامج التي عادة ما توضع على هيئة إجراءات ردود أفعال، وإلا كيف يحصل 25 في المئة من 112 مدرسة على تقدير غير ملائم في بلد نشأ فيها التعليم منذ 92 سنة؟!لقد جربت وزارة التربية والتعليم الكثير من التجارب من كندا وبريطانيا وسنغافورة...إلخ وحتى الآن لم تصل الوزارة في تقديرنا إلى ماذا تريد!؟

أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى وقفة جادة من قبل القيادة السياسية في البلد من أجل دراسة هذا التقرير الصادر عن هيئة ضمان الجودة والمخيب للآمال والتعامل معه بشفافية، ومحاسبة المسئولين عن ذلك ووضع الحلول الجذرية له في ضوء المشروع الوطني لإصلاح التعليم والتدريب!؟


ثانياً - الإشرف على قطاع التعليم:

يجب إعادة النظر في قيادات قطاع التعليم الأساسي والفريق الذي يشرف على قطاع التعليم الأساسي (المدارس) والذي هو الفريق نفسه تقريباً منذ العام 2004، (...)، وهو الفريق الذي عرض تقريراً عن مدارسنا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 خلال ورشة إصلاح التعليم والتدريب التي أقيمت تحت رعاية سمو ولي العهد وحضرها جميع القيادات السياسية، والتعليمية، والاقتصادية، والمنظمات غير الحكومية. لقد كانت نتائج التقرير الذي عرض عن مدارسنا محبطة ومخيبة للآمال؛ فقد أرجع التقرير ضعف أداء الطلبة في مدارسنا إلى سببين: الأول المناهج الدراسية والتي تركزت على المعرفة وليس على المهارات، وثانياً نوعية طرائق التدريس الضعيفة وغير المشوقة بالنسبة إلى الطلبة، بالإضافة إلى ضعف تدريب المعلمين؛ حيث جاءت وبناءً على ذلك نتائج أداء الطلبة البحرينيين عن الاختبار الدولي (TIMSS) للصف الثاني الإعدادي صادقاً واحتلت البحرين مراتب متأخرة؛ فقد جاء ترتيب طلبتها في الرياضيات في المرتبة 37 من أصل 45 دولة! قبل دولة فلسطين بدرجة، وكلنا بالطبع نعرف ظروف فلسطين تحت الاحتلال!؟ وأما في العلوم فقد جاء ترتيب طلبتها 33 من أصل 45 دولة!؟

يتبين لنا أنه، وبعد مرور ست سنوات على ذلك التقرير؛ وفي ضوء تقرير هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، أن التعليم في مدارسنا يعيش في أزمة وخلال السنوات الست الماضية لم يحدث التطور المنشود في مدارسنا والذي يتطلع إلى تحقيقه المشروع الإصلاحي.

والأسئلة المشروعة التي يحق لنا أن نطرحها، ما الذي استطاع فريق وزارة التربية والتعليم إحداثه من تطوير؟ وما هو مستوى أداء طلبتنا على المقاييس العالمية لمقياس (TIMSS) الآن مقارنة بالعام 2005، أي بعد مضي 6 سنوات؟ وما هي الأسباب الكامنة وراء حصول 25 في المئة من المدارس التي تم تقييمها على أداء غير مرض!؟


ثالثاً - الطرق والآليات التي تدار بها مدارسنا:

إن إحداث تغيير في الشكليات والمظاهر واللافتات التي توضع على أبواب المكاتب في وزارة التربية والتعليم وكذلك على أبواب مرافق المدارس لا يمكن أن تحدث تغييراً حقيقيّاً في العملية التعليمية؛ فالمطلوب تغيير الرؤى والأفكار؛ أي طريقة التفكير برمتها لدى العاملين على قطاع التعليم الأساسي بشكل عام ولدى القائمين على أداء هذا القطاع بشكل خاص.

إن إدارة المدارس بالطريقة التقليدية، والتي عفا عليها الزمن، لن تحدث التغيير والتطوير المطلوبين ولن نستطع تحقيق رؤية 2030 من خلال ذلك، فالمركزية والتسلط مازالا هما المسيطرين على إدارة المدارس؛ فمدير المدرسة لا يمكنه أن يحرك ساكناً أو أن «يشك خيطاً في إبرة» إلا بعد الرجوع إلى أكبر كبير في وزارة التربية والتعليم، والمدرس لا يستطيع أن يلتفت يمينه أو يساره إلا بإذن من مدير المدرسة، إذن كيف لنا أن نتطور إذا كنا ندير مدارسنا بهذه العقلية المهزوزة والتسلطية، وما هي نوعية مخرجات التعليم التي تدار بعقول متخبطة متسلطة!؟

وقبل أن نسلط الضوء على ما هو المطلوب؛ نود أن نطرح الكثير من الاستفسارات المهمة، ومن منطلق التقرير الذي قدم إلى ورشة إصلاح التعليم والتدريب في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، ما الذي تحقق بعد ست سنوات بالنسبة إلى مجالات التطوير الأساسية، وهي: جودة المعلمين، والمناهج والموارد، والإدارة المدرسية والتنسيق، إننا كمجتمع بحريني يهمنا أن تطلعنا وبشفافية على الذي تحقق في ضوء النتائج المخيبة للآمال التي وردت في تقرير هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب!؟


رابعاً - ما هو المطلوب؟

وبعد ذلك كله نطرح السؤال المحوري الذي يطرح نفسه: ما هو المطلوب لكي نجعل من مدارسنا الانطلاقة الحقيقية والواعدة للتطوير والتنمية البشرية المأمولة؟

نعتقد جازمين بأن إحداث أي تغيير جوهري يحتاج إلى قرار يجعل من إصلاح التعليم عملية ديناميكية متطورة، تقوم على تغيير ثقافة التفكير في مختلف نواحي العملية التعليمية، فريق يؤمن بالإبداع ويشجع على الابتكار ويحترم قدرات الفرد، فريق يؤمن بالتفكير العلمي نظريّاً وتطبيقاً. أ

أعتقد بأنه وبعد حوار التوافق الوطني، وفي ضوء المرئيات التي قدمت إلى القيادة السياسية ينبغي إحداث تغيير جوهري في وزارة التربية والتعليم

إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"

العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 4:06 م

      مع الخيل يا الشقرة

      يا استاذ عيسى جودة التعليم موجودة . و الدليل تفوق ابنائنا في الجامعات الأجنبية . و إلا مع الخيل يا الشقرة .
      فما دليل تفوق طلبتنا في المحافل الدولية و المسابقات . اخي الفاضل المناهج معدة من قبل ناس لهم باع في التعليم و مخرجاته و لديهم من الخبرة و الكفائة . هل لك ان تعد لنا منهاج لكل مادة لكي نتدارسة . لعلمك و في بريطانيا طلبة انجليز لا يجدون الكتابة بالأنجليزي . و كنا نصلح لهم اخطائهم الأملائية . و كنا احسن منهم في الرياضيات و المواد العلمية فما دليل ذلك ؟ مع تحيات حسن المرزوقي

    • زائر 13 | 11:03 ص

      هذا سابقا

      إذا كان هذا هو الحال من قبل، فكسف سيكون الوضع بعد هذا التخبط وتدمير قطاع التعليم بعد عملية تنصيب المتطوعين؟

    • زائر 11 | 7:01 ص

      الجودة

      الجودة في مهب الربببببببببببببح

    • زائر 10 | 6:15 ص

      التقرير غير دقيق

      كوني مدرس واعرف امتحان التيمز الذي أعطي التقرير على نتائجة، أؤكد وأجزم بأنه أقل من ( غير مرض )، ولكن بمساعدة المدرسين للطلبة والغش المتبادل بينهم جعله غير مرض ، ولكنه حقيقة أقل من ذلك بكثير

    • زائر 7 | 1:03 ص

      ولا اروع

      استادي الجليل , تحليلك ولا اروع , والاهم ان يصل الى كل من له ضمير ويهمه مستقبل شبابا واجيال قادمة لا يعلم مستقبلها احد . ونرجوك ان تكمل ما بدأت ... تحياتي

    • زائر 4 | 12:34 ص

      السبب هو

      يجب وضع الشخص المناسب في المكان المناسب فأغلب مدراء المدارس لم يعينوا لمعيار الكفاءة بل معايير أخرى مثل العائلة والمذهب والمعارف نعم للأسف هذا اللي حاصل في مدارسنا وهذا الشيء يسبب احباط لدى أصحاب الكفاءات فينكفئون عن العمل..

    • زائر 2 | 11:35 م

      في رأيك

      هل تعتقد ان تثبيت المتطوعين الغير مؤهلين في المدارس سيطور العملية التعليمية التعلمية؟

اقرأ ايضاً