العدد 3302 - الأربعاء 21 سبتمبر 2011م الموافق 23 شوال 1432هـ

الهدف من وجود الأمم المتحدة «خدمة الشعوب» (1)

بان كي مون comments [at] alwasatnews.com

الأمين العام للأمم المتحدة

في أواخر الشهر المقبل سيولد الطفل المكمل لسبعة مليارات مواطن على كوكبنا الأرض. ولنفترض أن المولود بنت. الأرجح أنها ستكون فقيرة. وقد تبقى على قيد الحياة لتكبر وتتمتع بالصحة والعافية، وقد لا تبقى وإذا حالفها الحظ بصفة خاصة، ستذهب إلى المدرسة وتخرج إلى العالم وكلها طموحات وأحلام. أما ما عدا ذلك، فالأمر الوحيد الذي نعرفه يقينا أن هذه البنت ستأتي إلى عالم حافل بالتغيرات الهائلة التي يصعب التنبؤ بها في جوانبه البيئية والاقتصادية والجيوسياسية والتكنولوجية والديمغرافية.

فلقد تضاعف عدد سكان العالم ثلاث مرات منذ إنشاء الأمم المتحدة. ولا نزال نزداد عدداً. ولا تزال الضغوط تزداد على الأرض والطاقة والغذاء والمياه. ولا تزال الأزمة الاقتصادية العالمية تهز أركان الشركات والحكومات والأسر في جميع أنحاء العالم.

أما نسبة البطالة ففي ارتفاع مستمر. وأما التفاوتات الاجتماعية فتزداد اتساعا. وما أكثر من يخيم على حياتهم الخوف.

إن الهدف من وجود الأمم المتحدة أن تخدم من باسمهم أُنشئت «نحن الشعوب». في السنوات الخمس التي انقضت وأنا أمين عام للأمم المتحدة، سافرت حول العالم لملاقاة الناس حيث يعيشون ... لأسمع منهم آمالهم ومخاوفهم.

فمنذ أسبوعين فقط زرت كيريباس وجزرَ سليمان. وأَعرب لي سكان القرى هناك عن تخوفهم من تغير المناخ. فقد ارتفع منسوب مياه البحر حتى صارت تدخل عليهم بيوتهم. وقد يأتي عليهم يوم يُجرفون فيه جرفا. واستجمعت فتاة منهم شجاعتها ثم تكلمت، وكان اسمها تاموري، فسألت: ”ما المصير الذي ينتظرنا؟ وما الذي تستطيع الأمم المتحدة أن تفعله من أجلنا؟

واليوم ألقي عليكم سؤالها، أنتم قادةَ العالم. ما الذي يمكننا فعله؟ ما السبيل إلى مساعدة أهلنا لينعموا بمزيد من السلام والرخاء والعدالة في عالم تتقاذفه الأزمات؟

لما أنظر إلى ما مضى من وقت وأنا في هذا المنصب، أزداد حماسا واقتناعا وثباتا على إيماني الذي لا يتزعزع بأن لهذه المنظمة النبيلة، الأمم المتحدة، أهمية لا تنقطع.

وأود اليوم أن أشارككم وجهة نظري في سبل العمل مستقبلا. إنني أرى خمس ضرورات ملقاة على عاتقنا وهي خمس فرص متاحة لجيلنا كي يصوغ عالم الغد بما نتخذه اليوم من قرارات.

إن أول وأعظم هذه الضرورات هي التنمية المستدامة وهي ضرورة القرن الحادي والعشرين. فإنقاذ كوكبنا ... وانتشال الناس من براثن الفقر ... والنهوض بالنمو الاقتصادي، هذه جميعا معركة واحدة لا انفصال فيها. إذ يجب علينا إدراك ما يوجد من اتصال بين تغير المناخ، وندرة المياه، ونقص الطاقة، والصحة العالمية، والأمن الغذائي، وتمكين المرأة. فما من حلول نجدها لمشكلة إلا وينبغي أن تحمل حلولا للمشاكل الأخرى جميعا، ويجب أن يكلل مؤتمر ريو + 20 بالنجاح. ومن واجبنا أن نحرز تقدما بشأن تغير المناخ. فلسنا نريد إلقاء النار في طريقنا نحو المستقبل. وليس بوسعنا أن نزعم أن الخطر غير قائم، أو نغض الطرف ظنا بأنه إنما يحيق بغيرنا.

وأدعوكم اليوم إلى التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن تغير المناخ اتفاق بأهداف أكثر طموحا للانبعاثات على الصعيدين الوطني والعالمي. فنحن بحاجة إلى عمل ملموس على أرض الواقع، والآن بشأن خفض الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ.

إن الطاقة هي الأساس لكوكبنا ولأسلوبنا في الحياة. ولهذا أطلقنا مبادرة رائدة جديدة سميناها الطاقة المستدامة للجميع. ويجب أن نستثمر في الموارد البشرية، ولا سيما في مجالي التعليم وصحة المرأة والطفل. فالتنمية لا تكون مستدامة إلا إذا كانت عادلة ونافعة للناس جميعا. وعلينا أن نكثف جهودنا لنحقق الأهداف الإنمائية للألفية وأكثر. واليوم أحثكم على التحليق بفكركم أعلى وأبعد من موعد عام 2015. فلْنصُغْ جيلا جديدا من أهداف التنمية المستدامة التي نوليها اهتمامنا بعد أن ينتهي أمد الأهداف الإنمائية للألفية. ولنتفق على سبل تحقيق هذه الأهداف.

إن فرصتنا العظيمة الثانية تكمن في الوقاية. هذا العام، ستبلغ ميزانية الأمم المتحدة لحفظ السلام ما مجموعه 8 مليارات دولار. وانظروا ما يمكن تحقيقه من وفورات لو أننا نتصرف قبل نشوب النزاعات، وذلك بإيفاد بعثات الوساطة السياسية، على سبيل المثال، بدلا من نشر القوات.

إن لدينا الخبرة اللازمة للقيام بذلك. وفي سجل إنجازاتنا ما يثبت ذلك في غينيا وكينيا وقيرغيزستان. ولكي نمنع انتهاكات حقوق الإنسان، يجب أن نعمل من أجل سيادة القانون ونقف ضد الإفلات من العقاب. ولقد رسمنا لمسؤولية الحماية بعدا جديدا. وسوف نستمر على هذا النهج. ولمنع وقوع أضرار تخرج عن نطاق السيطرة بسبب الكوارث الطبيعية، يجب أن نعمل للحد من مخاطر الكوارث والتأهب لها بصورة أفضل. ولْنتذكر دائما أن: التنمية هي أفضل وقاية في نهاية المطاف. واليوم أطلب منكم الدعم. فإننا بحاجة إلى اعتماد الموارد المطلوبة؛ وإلى رفع ”الوقاية“ من مفهومٍ مجردٍ إلى مبدأ عملي محوري فيما نقوم به من أعمال مهما اختلفت.

إن الضرورة الثالثة هي أن نبني عالما أكثر أمنا وأمانا وهذه مسؤوليتنا الأساسية، نحن الأمم المتحدة. لقد كان عامنا هذا عام اختبار عسير. ففي كوت ديفوار وقفنا بحزم في صف الديمقراطية وحقوق الإنسان. وبفضل عملنا بالتعاون الوثيق مع شركائنا في المنطقة، كان لنا تأثير إيجابي في حياة الملايين من الناس. وفي أفغانستان والعراق، سنواصل الاضطلاع بمهامنا بعزم والتزام بقضايا الناس في هذين البلدين الأبيين.

وفي دارفور، ما زلنا ننقذ الأرواح ونساعد في الحفاظ على السلام في ظروف صعبة. ولكي ننجح في مهامنا لا بد من التعاون والدعم الكامل من المجتمع الدولي والأطراف على أرض الميدان والحكومة السودانية.

وفي السودان، يجب على أطراف اتفاق السلام الشامل أن تعمل سويا لمنع نشوب النزاعات وتسوية القضايا العالقة.

وفي الشرق الأوسط، يجب علينا كسر حالة الجمود. فلقد مضى حين من الدهر ونحن متفقون على أن من حق الفلسطينيين أن تكون لهم دولة. وإسرائيل بحاجة إلى الأمن. وكلاهما يريدان السلام. وإننا نتعهد ببذل جهودنا الدؤوبة للمساعدة على تحقيق هذا السلام عن طريق تسوية متفاوض بشأنها.

ويجب علينا أن نتحلى بروح الابتكار في الاستفادة إلى أقصى حد من القوة الخيرة الفريدة من نوعها التي تمثلها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. ونحن نقوم بتجريب نُهُج جديدة؛ إذ عززنا مهام الدعم الميداني وأعدنا تشكيل هيكل عمليات حفظ السلام.

وفي أماكن مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وسيراليون، نقوم ببناء السلام عن طريق النهوض بالمجتمع المدني وتعزيز سيادة القانون وإنشاء مؤسسات للإدارة النزيهة والفعالة.

ونحن اليوم قادرون على التدخل بسرعة وفعالية أكبر من أي وقت مضى، وسوف نستمر على هذا النهج. ونظل أول المتدخلين في حالات الطوارئ في العالم مثلما هو الحال في باكستان وهايتي وفي غيرهما.ومن الضروري أن نواصل الاستفادة من أحدث أدواتنا وأكثرها فعالية في مجال الإغاثة الإنسانية، وهي الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ. وما زالت المجاعة في الصومال تواصل انتشارها. لذا أناشدكم أن تساعدوا في إغاثة أطفال القرن الأفريقي.

وكما تعلّمنا من تجربة فوكوشيما وغيرها، فإن الحوادث النووية لا تحترم الحدود الوطنية. لذلك، نحن بحاجة إلى تحرك عالمي. فنحن بحاجة إلى معايير سلامة دولية قوية لمنع وقوع مثل هذه الكوارث في المستقبل. ودعونا نواصل الدفع بالجهود المبذولة في مجال نزع السلاح وعدم الانتشار إلى الأمام. ودعونا نحقق حلم إنشاء عالم خال من الأسلحة النووية

إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"

العدد 3302 - الأربعاء 21 سبتمبر 2011م الموافق 23 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:21 م

      بان كي مون!

      حط عينك بعيني ان كانت الأمم المتحدة تخدم الشعوب!

      تخدم الحكومات فعلاً كما علق الأخ السابق

    • زائر 3 | 2:15 ص

      اسمح لي اختلف معك يا كيمون

      كلا الأمم المتحدة لا تخدم الشعوب ولم تنشأ من اجل الشعوب بل من اجل الحكومات لأنها في الاعم الأغلب تهتم لمصالح الحكومات وليس الشعوب

    • زائر 2 | 12:12 ص

      الديموقراطية هي الحل

      فبتوفيرها يتوفر الأمن للجميع وبها يتم التكافل الإجتماعي وبالتكافل يتم الإتحاد وبالإتحاد فيه جميع الحلول العقلانية للنجاه

اقرأ ايضاً