العدد 3302 - الأربعاء 21 سبتمبر 2011م الموافق 23 شوال 1432هـ

ما هي الكلفة؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما هي كلفة بقاء فخامة الرئيس اليمني العظيم علي عبدالله صالح كل يوم؟

الرجل حكم اليمن 33 عاماً، كان مطلق اليد فيها، استطاع خلالها أن يفرض سيطرته على هذه البلاد الجبلية العصية، بعدما أقام حكمه على تحالفاتٍ مع رؤوس القبائل والأعيان والأقيال.

بدأ جندياً صغيراً، وتدرَّج في الجيش، حتى إذا قبض على مقاليد الأمور أخذ بتعيين أهله وأبناء عمومته، فالأقربون أولى بالمعروف، وأولاد المرء أقرب الأقربين... ومن حقهم أن يكونوا رؤوساً للأجهزة العسكرية والأمنية الحساسة ليُحكموا الطوق.

خلال العقد الأخير، كان من كبار المستفيدين من مشروع «الحرب على الإرهاب» الذي أعلنه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، مثله مثل الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، والمصري المخلوع حسني مبارك، والليبي المطارد حتى الآن معمر القذافي. كلٌّ منهم استفاد بطريقته من «الحرب على الإرهاب»، فهل كان صدفة أن تتزامن نهاياتهم مع نهاية حقبة بوش؟ وهل كان صدفة أن يرحل الحكام المعمِّرون القدامى مع رحيل المحافظين الجدد؟

الرئيس اليمني كان أحد المستفيدين الكبار من هذه الحرب العالمية الغامضة، التي كانت ميداناً خلفياً لأجهزة المخابرات، وحتى آخر أيامه كان يهدد الأميركيين بـ «القاعدة» إذا خرج من الحكم، كما هدد القذافي من قبله. وعندما شارك وزير خارجيته أبوبكر القربي في ندوة حوارية متلفزة ضمن حوار المنامة العام الماضي، ألحَّ وهو جالسٌ بين وزيرين عربي وبريطاني، في طلب المساعدات لليمن لمحاربة «تنظيم القاعدة» الذي سيلتهم الإقليم كله!

الآن، وقد انتفض اليمن من شماله إلى جنوبه ضد الدكتاتور، عرف الجميع حجم «القاعدة» الحقيقي، وسقطت الفزاعة التي كان يخوِّف بها الغرب. الجميع الآن، يفكر في يمن دون صالح. لقد أصبح بالفعل رئيساً سابقاً، وخرج من المعادلة، وهذا هو سر التصعيد الدموي الأخير. في الأشهر الأخيرة كان يدير عمليات العنف والقتل ضد المتظاهرين السلميين العزل، بوتيرة يتحكم في مخرجاتها. يرسل حيناً حرسه الجمهوري للقيام بغزوات ضد المتظاهرين، ويرسل تارة أخرى بلاطجته للقيام بالمهمات القذرة.

بعد إصابته الخطيرة وخروجه محمولاً على سرير طبي للعلاج في الخارج، هدأ اليمن وحُقن الدم. بعدما خرج من غيبوبته عاد لممارسة لعبة القتل وبعنفٍ أشد، فهو يشعر بأنه يخوض معركته الأخيرة، إما قاتلاً أو مقتولاً. هكذا هي السلطة عنده.

قبل أيام، استيقظت الشعوب العربية على مشاهد غزوات جديدة، ذكرتهم بآخر بطولات حسني مبارك في معركة الجمل. عشرات القتلى ومئات الجرحى، وقصفٌ للمنازل والأحياء الشعبية، واستهدافٌ للمواطنين العزل بقذائف الـ «آر بي جي» التي تستخدم ضد المدرعات والآليات العسكرية. والجامعة العربية التي تدين بحقٍّ القتل في دمشق وحماة، تصمت عن القتل في تعز وصنعاء.

كلفة الاستبداد عالية. في أخريات أيامه، بلغ عدد ضحايا حاكم اليمن 35 شهيداً يومياً، و300 جريح. لقد تجاوز عمره السبعين، قضى نصفه حاكماً متفرداً برأيه، فهل يحلم بالبقاء سبعين عاماً أخرى يقضي نصفها في التسلط والحكم؟ وكم ستكون كلفة بقائه في الحكم؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3302 - الأربعاء 21 سبتمبر 2011م الموافق 23 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 9:07 م

      الله لكم ياليمنيين

      والله حال الشعب اليمني يقطع القلب

    • زائر 3 | 12:00 ص

      مقال جميل

      مقال جميل سيدنا ولسان الحال يقول عندنا وعندهم خير وسلامتكم .

اقرأ ايضاً