العدد 3303 - الخميس 22 سبتمبر 2011م الموافق 24 شوال 1432هـ

خطبة الجمعة

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

خطبة الجمعة كانت ومازالت من أهم الخطب لدى المسلمين بشتى طوائفهم ومعتقداتهم، وقد شغلت حيّزا كبيرا في تهدئة الأوضاع وتوجيه الشارع البحريني إبان أحداث التسعينيات، ولكن بعض خطب الجمعة اليوم تكاد تكون موجَّهة الى غير المقصد الحقيقي من ورائها، سواء المقصد الديني أو السياسي.

خطيب يتوجه الى محرابه ويقوم بتوجيه التهم والقذف على «خلق الله»، وآخر يرد في خطبة جمعة أخرى بتوجيه تهم أخرى لتلك الخطبة المغايرة عن توجّهه، حتى أخذ بعض خطباء الجمعة بالتباري في حشد الناس لما يريدونه ولما يناسب أجنداتهم.

وعليه تحوّلت خطب الجمعة من خطب تهدّئ النفوس الى خطب تشعل فتيل الفتنة وتؤجّجها بين الشعب، وهذا النوع من الخطب لا يفيد أحدا بقدر ما يزيد من الهوّة الموجودة، ولا يعدّل ما تمّ تدميره بل يزيد الدمار الموجود ويصعّده.

اننا نفتقد للخطب المتزنة التي تدخل القلوب فتنير المشاعر الى خير وصلاح المجتمع، سواء تحدّثت الخطب عن الأحوال الاجتماعية أو السياسية أو حتى بقيت في إطارها الديني البحت، فالمقصد من الخطبة يجب أن يكون في إصلاح المجتمع لا تخريبه! ولا نقول إنّ جميع الخطباء على حد سواء، فهناك من يدعو الى الوحدة والإصلاح، ويخطب باسم الشعب أجمع، ولكن هناك فئة من الخطباء تدعو الى التأجيج والتحريض والتخوين.

كانت خطبة الجمعة مقدّسة لدينا، ولكن تم جرح قداستها من قبل بعض الخطباء أصلحهم الله، ونحن لا نعتقد بأنهم يعلمون بالضرر الذي يُحدثونه والشق الكبير الذي يوجدونه على أرض الواقع.

فإن كانت خطبة الجمعة ستؤجّج المشاعر الملتهبة نحو الناس بطوائفهم، فلابد من إيقاف هذا النوع من الخطب، لأنها لا تثمر ولا تسمن من جوع، ولكن إن كانت الخطبة تؤدّي دورها الحقيقي في إصلاح المجتمع البحريني وإبراز أحوال الناس وتفسير المشكلات وتحويل الهدم الى تنمية، فإننا نفتح أذرعنا إليها.

المشكلة أنّ بعض الخطباء لا يراعون المشاعر والأحوال المحيطة بالمجتمع البحريني، بل يثيرون نزعة كادت أن تذهب عنا وطائفية حاولنا القضاء عليها، وبالتالي نقع في المحظور، ونجد الطوائف تعتدي على بعضها البعض أما باللفظ أو بالطرق الأخرى.

لابد لنا أن نعي خطورة خطب الجمعة وما ستؤول إليه الأمور في حال عدم ضبط النفس من قبل الخطباء، وفي حال عدم توجيه الشارع الى الإصلاح والخير والمطالبة بالحقوق والإصرار على تأدية الواجبات، ونعلم علم اليقين أنّ صلاح الخطيب يتبعه صلاح مجتمع بأكمله، فهو القدوة وهو المرشد وهو القائد الشعبي من بعد السلطات الثلاث، بل قد يكون رأيه مؤثرا أكثر من رأي السلطات نفسها.

ومهما حاول أحد التدخل من أجل تغيير فكر الخطيب، فإن ضميره هو المنتصر في النهاية، ولابد له من تحكيم العقل وترجيح الحكمة، لا أن يلعب بمشاعر العامّة ويوجّههم الى أجندات يضرب فيها بسياط على من لا يشتهيه. وجمعة مباركة

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3303 - الخميس 22 سبتمبر 2011م الموافق 24 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 7:39 ص

      الخطبة المتزنة

      شكرا يا أستاذة على هذا المقال الأكثر من رائع وأقول إذا أردت ان تسمعي الخطبة المريحة للنفس والمتزنة والقوية فعليك سماع خطبة أية الله الشيخ عيسى قاسم وستدركين كلامي

    • زائر 7 | 4:19 ص

      سورة الجمعه

      لقد أنزل الله تعالى سورة في يوم الجمعة وذلك لأهمية ذلك اليوم وما سيتطرق اليه الخطيب في خطبته مما يهم المسلمون ويصلح شأنهم ويوحد صفوفهم ومايستجد من أمور في حياتهم الاجتماعيه والسياسيه .
      بارك الله فيك اختي العزيزة

    • زائر 5 | 3:36 ص

      بعض الخطب

      يا اخت مريم اصبحت تقليدية , يأتي الخطيب ليتحدث عن الزكاة واهمية اخراج الزكاة , في وقت نحن بحاجة لطرح موضوعات اكثر اهمية , فهل نقول انه مفلس ؟ الجواب لديكم

    • زائر 4 | 3:30 ص

      عندما يتحول الخطباء الى محرضين على الفتنة

      جزاك الله خيرا ، أخذني صديقي المصري لأحد خطب الجمعة وقال لي عن الخطبة ذكرتني بخطب قواد الجيش قبل الدخول لمعركة وذلك من تكفير للأخرين وتحشيد ضدهم وكأنه يقول للمصلين اهجموا في سبيل الله على جيرانكم واخوتكم وزملائكم في العمل من اجل أن تنالوا رضا الله ورسوله وخبرني ان هذا ثالث جامع يغيره بسبب خطباء الجمعة اللذين يفرقون ولا يجمعون المسلمين ولذا قرر ان يصلي في البيت حتى يسمع عن خطيب يخشى الله قبل خشيته على مصلحته فشعب البحرين كما يقول مسالم ومتماسك ومتوحد فلماذا هذا التحريض؟ ؟

اقرأ ايضاً