تناولنا في الفصل السابق عدداً من صور الصراع بين الحماة والكنّة وقد تناولنا ذلك الصراع من منظور الحماة وكيف تنظر للكنّة أنها سرقت منها ابنها، وفي هذا الفصل سننظر إلى هذا الصراع من منظور الكنّة التي تركت بيت أهلها لتعيش في بيت آخر خاضعة بذلك لعديد من الأعراف التي تفرضها ثقافة المجتمع الذي تعيش فيه، تقول أروى عثمان في بحثها «الحماة في التراث الشعبي اليمني»: «ولا ننسى أن نذكر خاصية مهمة في بنية العلاقات الاجتماعية الأسرية في المجتمعات القديمة، وكذلك بعض المجتمعات في الوقت الحاضر وخاصة المجتمع الريفي، وهي أن زواج المرأة يكون لأجل غرض أن تصبح قوة عمل في بيت الزوج أو بالأحرى في بيت العائلة الكبيرة فالأعمال الشاقة موكولة لها، عمل في جبهات متعددة، الحقل، البيت، تربية الأطفال، العناية بالحيوان، ناهيكم عن جلب الماء والحطب من أماكن بعيدة، بالإضافة إلى هذا وذاك يجب العناية بالعمة، والعم عناية خاصة عن بقية أفراد الأسرة بمن فيهم الأطفال، إنه عمل دائم وشاق في بيت الزوج الإسمي ليأتي عذاب عمتها شقاء آخر، فنراها هنا تسجل لحظة من لحظات العذاب أو بالأحرى التعذيب».
الموروث الشعبي يعطي العديد من الصور التي صورت لنا كيف عبرت الكنّة مجمل الظلم والقسوة اللذين تكنهما الحماة لها وذلك في عديد من الأمثال والقصص والأهازيج والتي صورت فيها الكنّة حماتها في صور قريبة من التوحش منه إلى الأنسنة، وقد كانت الأغاني الشعبية بالنسبة إلى الكنّة بمثابة التنفيس والتفريغ فخرجت من ثناياها صورة الحماة عند الكنّة التي تمثلت في مشاعر الكره والدعاء على الحماة بالويل والثبور وبالموت وبالعمى، وفي التراث الشعبي البحريني هناك عدد من الأهازيج التي ذكرها الناصري في كتابه «من تراث شعب البحرين» وقال عنها إنها تجري مجرى المثل وأنها أهازيج تتمثل بها النساء ومن تلك الأهازيج هذه الأهزوجة التي تظهر فيها المرأة بصورة الناصحة لزوجها فتقول فيها:
أمك ما نجاورها
ولا نبي لها أجوار
أمك باگت اللحمة
وسوت في البلد طحنة
وقالت مالنا كار
فالزوجة هنا تطلب من زوجها أن تسكن معه بعيداً عن أمه التي تسببت في عديد من المشكلات في البيت والحي أيضاً وفوق كل ذلك تدّعي الأم أنها بريئة من كل تلك الأفعال المنسوبة إليها. وفي أهزوجة أخرى ترى الزوجة أنه حتى لو سكنت لوحدها مع زوجها فهي لن تسلم من أمه فلذلك تطلب من زوجها أن لا يدع أمه تزورهم في البيت فتقول لزوجه إنك إذا أردتني أن أرضى اشرط على أمك ألا تدخل بيتنا لمدة ثماني سنوات:
إنچان تبي أرضاي
علك المنخل
وأشرط على أمك
ثمان أسنين ما تدخل
والمعنى نفسه في الأهزوجة السابقة تساق بكلمات أخرى:
إنچان تبي أرضاي
علك السلة
وأشرط على أمك
ثمان أسنين معتلة
وتعتبر أمنية سكن المرأة لوحدها من أهم أماني المرأة فتسمعها تقول:
ما حلى گرصي لمدحدح
لا حمي ولا حمية
ماحلى گرصي أبروحي
ما حدى ينغص عليه
وفي رواية أخرى
ما حلى گرص المدحدح
لا حمي ولا حمية
ماحلى حوشي أبروحي
ما حدى ينغص عليه
وفي أهزوجة أخرى لا تكترث المرأة بالطريقة التي تصبح فيها في منزلها الخاص حتى وإن قام الزوج بطرد أمه وأخواته من البيت:
يا محلا بي يا محلابي
أطرد أمك وأختك
وأگعد أني وچلابي
الأمثال المروية في الأقطار العربية تتناقض فيما بينها فنجد في قطر أن أبناء الولد هم المقربون وخصوصاً من قبل الجد، كما يقول المثل «ما أعز من الولد إلا ولد الولد» وفي مناطق أخرى نرى التفضيل لأبناء البنت، وفي الغالب تكون الجدة هي التي تفضل أبناء البنت، وسنستعرض هنا هذا السلوك الخاص الذي تمارسه الحماة ضد أولاد ابنها فيبدو أن كرهها وحقدها على زوجة ابنها قد امتد ليشمل أبناءها في دائرة الصراع والعداء، على العكس من أولاد ابنتها الذين تغمرهم بالحب والعطف، والهدايا، وقد تمكنت من رصد هذه الظاهرة في الأهازيج الشعبية في كل من البحرين واليمن، لنلاحظ الفرق في هذه الأهازيج التي ذكرها الناصري في كتابه وكيف تتحدث الجدة عن ابن البنت وابن الولد وهي تدلل كل منهما:
1 - مع ابن البنت
أعيونك أعيون أمك
مالي أفاد «أخليك»
ياولد «الحبيبة»
ويش أسوي فيك
خشمك خشم أمك
مالي أفاد «أخليك»
ياولد «الحبيبة»
ويش أسوي فيك
بوزك بوزأمك
مالي أفاد «أخليك»
ياولد «الحبيبة»
ويش أسوي فيك
نلاحظ أن الجدة في هذه الأهزوجة تقارب في الشبه بين الولد وأمه؛ أي ابنتها التي تصفها بالحبيبة، وكيف أنها لا تستطيع أن تفارق ابن بنتها لما له شبه من بنتها.
2 - مع ابن البنت
أعيونك أعيون أبوك
مالي أفاد «أرميك»
ياولد «الغريبة»
ويش أسوي فيك
خشمك خشم أبوك
مالي أفاد «أرميك»
ياولد «الغريبة»
ويش أسوي فيك
بوزك بوز أبوك
مالي أفاد «أرميك»
ياولد «الغريبة»
ويش أسوي فيك
لاحظ الكلمات في هذه الأهزوجة «أبوك» و «أرميك» و «ولد الغريبة» والتي حلت محل الألفاظ في الأهزوجة السابقة وهي «أمك» و»أخليك» و»ولد الحبيبة»، فهذه دلائل واضحة على التفريق بين أبناء الولد وابناء البنت.
لنترك الأهازيج ولنتأمل في هذه الحكاية اليمنية التي ذكرتها أروى عثمان (عثمان 2000):
حيث يحكى أن جدة كان لها أحفاد من ابنها وابنتها، وكانت تحب أولاد ابنتها حباً جماً، فكانت تدللهم وتفضلهم على أولاد ابنها حتى أنها سجلت كل ممتلكاتها لأولاد ابنتها، وفي يوم من الأيام خرجت الجدة مع أحفادها فانهمر مطر غزير حتى كاد أن يغرقها، وبينما هي تتخبط في السيل، قام ابن ابنها ومد يديه الصغيرتين لينقذها، فجرها بقوة، وأنقذها من موت محتم، بينما كان ابن ابنتها ينظر إليها ضاحكاً. عقب هذه الحادثة قالت:
الحبيب ابن العدوة جرني جرة قوية
والحبيب ابن الحبيبة ضحك لي ضحكة عجيبة
العدد 3306 - الأحد 25 سبتمبر 2011م الموافق 27 شوال 1432هـ
عامر
قصة عجيبة في وقتنا الحاضر لدينا جدة ام ا م بنتها تعشق ابناء ولدها وتكرة اولاد بنتها فتزوج واحدمن ابناء بنتها من خارج القبيلة وقامت الجدة بالحسد والحقد الدفين بقولها خذي من بنات اخوكي وتحاملت على بنتها وحقدها على بنتها وتريد حسد الولد بشد الوسا ىْل
موفقين
ولكن مهما حصل بين العمة وزوجة الابن يبقى دفء الحب الحقيقي الذي يمليء كيانهم وان بدو عكس ذلك
فصل جدّا رائع
اشكر الكاتب على هذا الفصل الجميل رغم أنني لم احظ بفرصة قراءة الفصل الاول الذي يتناول الصراع من منظور العمّة
استمتعت كثيرّا في القراءة وبانتظار ما هـو أجمل
اعجبتني القصة وتبقى كلمة الطيبة هي سر نجاح تعامل مع الأخرين
شكرا لكم ع طرح قضية التي تهز المجتماعات وهي ضمير الأنساني الذي يهز الكيان الأسلامي وهي كيفية تعامل مع الأخرين وخصوصا زوجه مع حماة وهذه مشكلة عند البعض وارجوا ان يكو احترام المتبادل بينهم جميعا طبعا هنا في حقوق زوجة الأم والخ والدين الأسلامي يحثنا ع تراحم فيما بيننا لأننا بشر وطبيعة البشر سوي لابد ان يعرف كيف يتصرف عند جميع المواقف لأن كل مشكلة لها حل وهنا اوجه كلمة لناس جميعا وهي كلمة الطيبة هي مفتاح كل مشكلة والله موفق جميع