«سلاح الأجيال: السلام» كان هو الفيلم الذي انطلق به المخرج البحريني الشاب محمد جاسم شويطر في مجال صناعة أفلام الأنيميشين، هو أول أفلامه، وهو الذي لفت الأنظار لموهبة بحرينية جديدة ستكون ذات شأن لا يستهان به في عالم صناعة الأنيميشين. أول مشاركاته جاءت خلال الدورة الرابعة لمهرجان الخليج السينمائي ليحصد الفيلم جائزة المهرجان الثالثة في المسابقة الخليجية للأفلام القصيرة. شارك شويطر بفيلمه بعدها في عدد كبير من المهرجانات العربية والدولية ولايزال كذلك. «الوسط» حاورت شويطر حول فيلمه وحول مشاريع أفلامه المقبلة.
ظروف صناعة فيلمك استثنائية للغاية، لم تكن تنوي التقدم بفيلمك هذا لأي مسابقة في أي مهرجان، لم تكن تنوي أصلاً إتمام الفيلم، أمور كثيرة كادت أن تحول دون إتمام الأمر. ما الذي حدث؟
- لم أنوِ العمل على فيلم منذ البداية، كان لدي فكرة وكنت أريد إيصالها، وهي فكرة السلام وكنت أنوي تقديمها في صورة فوتوغرافية ثابتة لشخص جالس تدور حوله الحروب والتغيرات الطبيعية وكنت أفكر كيف أدمج الفكرتين وكيف اُشعر المشاهد وأنقل له فكرة السلام والحرب وحدوثهما في وقت واحد. بعدها جاءت فكرة تحويل الصورة إلى فيلم. استعنت بالفنان يحيي عبدالرسول الذي وجدته بشخصيته الأنسب للفيلم، تخيلته بجسمه وبالقبعة التي يرتديها ووجدت أنه يمتلك وجهاً مناسباً لكل الثقافات ولا يرمز لأي عرق. صورنا الفيلم في منطقة الصخير خلال شهر مارس/آذار 2010 وقد استمر التصوير يوماً كاملاً. بعدها توقف العمل على الفيلم بسبب ابتعاثي إلى دورة في مجال الغرافيك في الأردن لمدة ثلاثة شهور.
ذهبت إلى الأردن في شهر يونيو/حزيران وكان أول ما فعلته هو أنني قمت بزيارة طبيب وذلك لأنني كنت قد شعرت ببعض الآلام منذ فترة وجيزة ولم أكن أعرف لها سبباً. اكتشفت إني مصاب بورم سرطاني في الغدد وعليَّ أن أخضع لعلاج كيماوي. كنت مخيَّراً بين أن أبدأ العلاج فأخسر الدورة المتخصصة وأتوقف عن إتمام عمليات مونتاج فيلمي أو أن أؤخر العلاج وأتمم عملي. وافق الطبيب على تأخير علاجي، لكنه حذرني من أن ذلك قد يؤدي إلى حدوث تضخم في الورم. قبلت المجازفة وأتممت الدورة بل تفوقت فيها. بعدها بدأت في العلاج الذي استمر حتى نهايات شهر أكتوبر/تشرين الأول، أتممت فيلمي في الوقت الذي كنت أتلقى فيه جرعات العلاج الكيماوية بمعدل مرة كل أسبوعين. كنت استغل فترة الراحة التي تسبق الجرعة الجديدة وهي لا تتجاوز الثلاثة إلى أربعة أيام لأواصل العمل. خلال شهرين ونصف أتممت العمل، وتمكنت من إيصال الفكرة تماماً كما تخيلتها.
ما حدث أنه بعد انتهاء العمل أرسلته لمهرجان الخليج ولم أكن أتوقع قبوله؛ بل حين كنت أعمل على الفيلم لم أكن قد وضعت بالاعتبار مشاركتي في أي مهرجان. كنت أريد فقط أن أقدم عملاً يتضمن رسالة ما، لكني تفاجأت بموافقة إدارة المهرجان على دخول فيلمي في المسابقة الرسمية؛ بل إني حين حضرت المهرجان والتقيت مسعود أمرالله، ضحك وربت على كتفي وقال يعطيك العافية على هذا الفيلم هذه هي نوعية الأعمال الصحيحة. فرحت كثيراً وخاصة حين علمت أن أمر الله لا يقدم هذا النوع من الإطراء في العادة. بالطبع لم أتوقع أي جائزة، أقصى ما توقعته هو أن أحصل على شهادة تقدير ولكني تفاجأت بالمركز الثالث.
كيف تحول فني الغرافيك المغرم بالتفاصيل إلى مخرج متميز يحقق الفوز منذ أول أفلامه؟
- أعمل في مجال التصميم الغرافيكي ثلاثي الأبعاد منذ أحد عشر عاماً تقريباً، كنت أعمل على الفواصل وعملت في مجال الإعلانات وفي مونتاج بعض الأفلام القصيرة وفي عمل مقدمات المسلسلات. بعدها وجدت أنني اكتسبت خبرة كافية وأن الوقت أصبح مناسباً لتوظيف خبراتي تلك في تقديم فيلم؛ إذ وجدت نفسي قادراً على الإخراج لكني لم أشأ الاتجاه للدراما الاعتيادية؛ بل إلى الدراما المشبعة بالمؤثرات البصرية والأنيميشين.
عشقي للسينما قديم منذ صغري، لكن منذ البداية بدوت مختلفاً في عدم تضمين تفاصيل السينما العربية في الأعمال التي قمت بعمل مونتاجها. كان البعض يرون أني متشبع بالسينما الأميركية، وأنا بالفعل غير مطلع على السينما العربية؛ بل أركز على سينما هوليوود ولذا فعملي خارج عن المنظور السينمائي العربي.
كذلك أنا أتبع طريقة مختلفة نوعاً ما في أي عمل أقوم به؛ إذ إني أرسم المشاهد والشخصيات وهذا أمر ضروري بالنسبة لي. كثير من المخرجين لا يتبعون هذه الطريقة؛ إذ يجهزون كل الأمور اللازمة وحين ينتقلون إلى موقع التصوير يحتارون أين يضعون الكاميرا وهذا ما يضيع الوقت ويسبب إرباكا في المشهد. الطريقة الصحيحة في رأيي والمتبعة في هوليوود هي في رسم المشاهد وعمل (ستوري بورد). دائماً أحضر موقع التصوير مسبقاً وأقوم بتصويره ثم ابدأ بعدها في رسم المشاهد، وأحدد كل تفاصيله.
مهمة المخرج ليست في تنفيذ السيناريو بل في إحيائه بفنه ومخيلته، ورسم المشاهد والشخصيات يمكن المخرج من إتقان المشاهد.
ما المهارات التي تعتقد أنه يجب أن يمتلكها مخرج أفلام الإنيميشين، وهل هي مختلفة عن تلك التي يمتلكها المخرج التقليدي
- الإخراج واحد لكن هذا المخرج يجب أن يكون مبدعاً قادراً على أن يخوض تجربة التكنيك. بعض المخرجين لدينا غير ملمين بكل تفاصيل صناعة الفيلم من مونتاج أو مؤثرات أو غرافيك. على المخرج أن يشارك في كل تفاصيل العمل، وهذا ما فعلته في فيملي الأول وأنوي مواصلته. بالنسبة لي ركزت على كل التفاصيل التي أجدها مكملة للمشهد، حتى الصوت والموسيقى، لم أشأ الاستعانة بموسيقى جاهزة؛ بل استعنت بالفنان علاء الوردي الذي تمكن من تقديم موسيقى تتماشى مع الحدث وتوصل فكرتي. كذلك فإن مخرج هذا النوع من الأفلام يحتاج أيضاً إلى خبرة وثقافة في مجال الغرافيك، ويحتاج إلى أن تكون لديه نظرة ومخيلة تمكنه من تخيل المشاهد بكل تفاصيلها الدقيقة.
ما هي برأيك مقومات العمل السينمائي الناجح؟
- لا أستطيع أن أتحدث عن السينما فليس لدي الخبرة الكافية، أعمالي السينمائية قليلة لا تتجاوز أصابع اليد، لكن نجاح العمل بالنسبة لي هو في قدرته على تقديم رسالة تصل إلى العالم. في «سلاح الأجيال» تحدثت عن السلام في العالم أما في فيلمي الجديد «آخر قطرة نفط» فأتحدث عن النفط في العالم، وهاتان قضيتان عالميتان. الرسالة بالنسبة لي هي الأهم، وقدرة المخرج على إيصالها هي النجاح الحقيقي لأي عمل. عموماً، قدرة المخرج على السيطرة على أدواته وعلى تفاصيل مشاهده هو ما يصنع فيلماً ناجحاً
العدد 3322 - الثلثاء 11 أكتوبر 2011م الموافق 13 ذي القعدة 1432هـ