العدد -1 - الخميس 27 يونيو 2002م الموافق 16 ربيع الثاني 1423هـ

مارسيل وأميمة احتفلا...والجمهور «احتفل» بطريقته

اشتعلت الصالة بالتصفيق حين أطل بوجهه على جمهوره، وانحنى طويلاً يرد التحية إليهم، فردوها له خلال الحفلة بـ (أسوأ) منها.

هذه كانت بداية حفل ليلة الجمعة حينما غنى كل من مارسيل خليفة وأميمة الخليل في حفل نظمته جمعية المنبر الوطني الديمقراطي في مناسبة احتفالات البحرين بمرور عام على التصويت لميثاق العمل الوطني.

الجمهور الذي غصت به الصالة كانت متحفزاً، بل متشوقاً للتصفيق منذ قبل بداية الحفلة، فما يكاد يطل عامل على المسرح ليعدل من وضع كرسي، أو ليضبط ارتفاع مايكروفون ما، ليبدأ البعض في التصفيق، حتى دخل نجم (مداعبة) ـ وهذا عنوان الحفل ـ فأفصح عما لم يرض جانباً كبيراً من هذا الجمهور، حينما قال بأنه سيبدأ بـ (متتالية أندلسية) وهي أربع حركات موسيقية، بينما الجمهور كان ينتظر الأغنيات الحماسية القديمة التي ألهبت خياله منذ السبعينيات، والتي كان يفخر ويشعر بالتميز عن أقرانه بأنه يستمع إلى الفن (الملتزم). صاحب مارسيل في هذه المتتالية ثلاثة عازفين على آلة الكمان، وعازف على آلة التشيللو، وآخر على الكوندرباس، فأتت المتتاليات أنيقة جميلة لولا أن التشوق إلى التصفيق والحماس الكائن لدى عدد ممن حضر كان يقطع الحركات بالتصفيق غير المبرر، والناس في جيئة وذهاب، والهمسات كانت تطن في الصالة حتى لتكاد أن تطغى أحيانا على صوت الموسيقى، ولم تفلح (مداعبة) مارسيل للحاضرين عندما قال قبل أن يبدأ الحركة الثالثة من المتتالية :سإذا كان صوت الهاتف المحمول يتلاءم مع الموسيقى، فدعوه مفتوحاس، لم تفلح هذه (النغزة) في أن يغلق الناس هواتفهم، فظلت نغماتها المتباينة من (دقديه) إلى (أهواك) وما بينهما، تخدش الجو الغنائي الموسيقي الذي استمر أقل من ساعتين.

كان الفنان مارسيل خليفة كريماً جداً في تلك الليلة، إذ أهدى الحركة الرابعة من المتتالية الأندلسية إلى زرياب، وأهدى (ولد وطيارة) إلى أولاد فلسطين، وحيا سيد درويش بـ (طلعت يا محلا نورها)، وأهدى أغنية أميمة الخليل (عصفور طل من الشباك) إلى كل الفلسطينيين الذين هم في السجون الإسرائيلية، وإلى كل العرب الذين هم في السجون...العربية.

قدم مارسيل وأميمة في حفل ليلة الجمعة مجموعة من الأغنيات، القديمة والجديدة مثل (عصفور طل من الشباك)، محمد (محمد الدرة)، وقفوني ع الحدود، أغنية حب، ولد وطيارة، طلعت يا محلا نورها، وتناوبا الاثنان في غناء مقطعين من (أحمد العربي) وقدم قبل الختام مقطوعة موسيقية بعنوان (صباح الليل) بمشاركة عازف الفلوت البحريني أحمد الغانم قائلاً: «لنرى كيف هو التمازج اللبناني البحرينيس، ولطبيعة هذه القطعة أعادتها الفرقة مرة ثانية بعدما نالت استحسان الجمهور، وبعدما ألزم خليفة أعضاء الفرقة ـ في بعض اللحظات ـ أن يتحولوا من (عازفين) إلى (ضاربين) على أجساد آلاتهم بعدما استبعد أن يجلب معه ضاربي الإيقاع لقوله أن الإيقاع المتشابه في الأغنية والموسيقى العربية صار إلى حد الابتذال، وهذا ما أعطى هذه القطة الموسيقية نوعاً من التغيير.

بيد أن نجوم الحفل بلا منازع كانوا أفراد اللجنة المنظمة، إذ تغير حالهم من (منظمين) إلى (مبعثرين) للنظام والانتباه لكثرة عددهم ولحركتهم الدائبة جيئة وذهاباً، وحديثهم اللا منقطع مع بعضهم بعضا.

وربما وجدت هذه الحفلة تصديقا لقول أحد الشعراء الذي وصف يوم السبت بأنه أثقل أيام الأسبوع لأنه يعقب عطلة (في معظم الدول العربية) حين قال ليت ليس في الأيام سبتُ»، فربما لوقوع الحفل مساء الجمعة الذي يعقبه عمل في التالي، قد حدا بالناس، زرافات ووحدانا، مغادرة الصالة حتى أثناء العزف أو الغناء، فليس سلطان النوم أقل وطأة من سلطان إنذار التأخر عن حضور الأعمال في مواعيدها.

كما أن الصالة امتلأت بالأطفال والمراهقين الذين سمع بعضهم مارسيل، وسمع بعضهم عنه، وقد يكون ذوو البعض الآخر قد جروهم إلى حضور هذا الحفل أملاً في تذوق نوع آخر من الموسيقى والغناء غير الأنماط السائدة منها اليوم، فلا المراهقون استفادوا، ولا أولياء أمورهم استمتعوا، ولا الهدف من حضورهم قد أدى غرضه، إذ لم يمكن هؤلاء المراهقون أبواب الصالة من أن تستقر منغلقة لدقيقة واحدة، في الحقيقة... حتى الكبار أيضاً كانوا في منافسة شديدة معهم في فتح الأبواب وإغلاقها.

هذه كانت الزيارة الثانية التي يقوم بها خليفة إلى البحرين، الأولى (1997) كانت بموسيقى أكثر، (جدل)، وإنصات أكبر، والثانية، كانت بأغان أكثر، ومنصتين ضاعوا في بحر الفوضى و(قبقبة) الصفوف الخلفية

العدد -1 - الخميس 27 يونيو 2002م الموافق 16 ربيع الثاني 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً