العدد 3352 - الخميس 10 نوفمبر 2011م الموافق 14 ذي الحجة 1432هـ

سياستنا في الشرق الأوسط تشجيع الإنتقال للديمقراطية (2)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

هناك، بصورة أساسية جانب صحيح من التاريخ. ونحن نريد أن نكون في ذلك الجانب. ونريد دون استثناء - من شركائنا في المنطقة أن يجروا الإصلاحات كي يكونوا أيضاً على ذلك الجانب. والآن، لا نتوقع أن تفعل البلدان ذلك بين عشية وضحاها، ولكن بدون الإصلاحات، فإننا مقتنعون بأن التحديات ستستمر في التعاظم. ولذا فمن مصلحتهم أن يبدأوا الآن.

تندمج هذه الأسئلة حول مصالحنا وانسجامنا ضمن سؤال ثالث صعب: كيف ستستجيب أميركا في حال بدأت الديمقراطية تحمل إلى السلطة أشخاصاً وأحزاباً لا نتفق معهم؟

نسمع هذه الأسئلة في معظم الأحيان عندما يتعلق الأمر بالأحزاب الدينية الإسلامية. والآن، بالطبع، أسارع بأن أضيف أن الإسلاميين ليسوا جميعهم متشابهين. فتركيا وإيران بلدان تحكمهما أحزاب ذات جذور دينية، ولكن نماذج الحكم فيهما وسلوكهما مختلفة بصورة جذرية. هناك الكثير من الأحزاب السياسية ذات الانتماءات الدينية- الهندوسية، والمسيحية، واليهودية، والمسلمة- التي تحترم قواعد السياسة الديمقراطية. إن قول إنه من غير الممكن للمسلمين المتدينين العيش ضمن نظام ديمقراطي هو قول مُهين، وخطر، وخاطئ. وهناك أناس يقولون ذلك في تلك البلاد كل يوم.

والآن، يمكن أن يختلف الناس العقلاء بشأن أمور كثيرة، ولكن هناك أشياء يتوجب على جميع الأحزاب، الدينية والمدنية منها، فعلها بالطريقة الصحيحة- ليس لكي نثق نحن بها، ولكن الأهم لكي يثق بها الناس في المنطقة وفي البلدان نفسها لحماية حقوقهم التي اكتسبوها بشق النفس.

يجب على الأحزاب الملتزمة بالديمقراطية أن ترفض العنف. يجب أن تلتزم بسيادة القانون واحترام حريات التعبير، والدين، والاجتماع، والتجمع، كما يجب أن تحترم حقوق النساء والأقليات، والتخلي عن الحكم في حال هُزموا في الانتخابات. ولا يمكن لهم أن يكونوا الشرارة التي تشعل فتيل الحرب في منطقة توجد فيها انقسامات واختلافات عميقة بين الأديان. وبكلمات أخرى، إن ما تطلقه الأحزاب على نفسها من أسماء ليس بأهمية ما تقوم به فعلاً. إننا نحيي المعهد القومي للديمقراطية لعمله من أجل التوصل إلى قواعد سلوك نموذجية للأحزاب السياسية عبر مجمل الطيف السياسي وحول العالم. يتوجب علينا أن نقويّ هذه المعايير، وأن نخضع الناس للمساءلة من أجل اتباعها.

في تونس، فاز أخيراً حزب إسلامي بأكثرية الأصوات في انتخاب تنافسي مفتوح. ووعد قادته بتبني حرية الدين والحقوق الكاملة للمرأة. ويتوجب عليهم إقناع الأحزاب العلمانية بالعمل معهم من أجل صوغ الدستور وحكم البلاد. وفيما هم يفعلون ذلك، فإن أميركا ستعمل معهم أيضاً، لأننا نشاركم رغبتهم في رؤية نشوء ديمقراطية تونسية تقدم نتائج لمواطنيها، ولأن أميركا تحترم حق الشعب التونسي في اختيار قادته.

ولذا فإننا نسير قُدماً مع قناعات واضحة. يتوجب على الأحزاب والمرشحين احترام القواعد الديمقراطية، والمشاركة في الانتخابات وتولي المناصب المنتخبة. ولا يحق لأي فرد كان استخدام المظاهر الديمقراطية لإنكار حقوق الآخرين وأمنهم. يشعر الناس في المنطقة بقلق إزاء هذا الاحتمال كما نقلق نحن أيضاً. لا أحد يريد أن يرى إيران أخرى. ولا أحد يريد أن يرى أحزاباً سياسية ذات أجنحة عسكرية وذات سياسات خارجية محتربة وهي تكتسب النفوذ. عندما يسعى أعضاء أية مجموعة إلى قمع غيرهم من المواطنين أو إلى تقويض المبادئ الديمقراطية الجوهرية، فإننا سنقف إلى جانب الشعب الذي يقاوم ويكافح للدفاع عن الديمقراطية.

ويحملني هذا إلى سؤالي التالي: ما هو دور أميركا في الربيع العربي؟ هذه الثورات ليست ثوراتنا. ليست من صنعنا، أو لأجلنا أو ضدنا، ولكن لنا دور فيها. إننا نملك الموارد، والقدرات والخبرة لدعم أولئك الذين يسعون إلى اعتماد إصلاحات سلمية، وذات مغزى، وديمقراطية. ومع وجود هذا القدر الكبير من الأمور التي يمكن أن تسير في الطريق الخاطئ، ومع وجود ذلك القدر الكبير من الأمور التي يمكن أن تسير في الطريق الصحيح، فإن دعمنا للديمقراطيات العربية الناشئة هو بمثابة استثمار لا يمكننا تحمل كلفة عدم القيام به.

والآن، بالطبع، علينا أن نكون فطنين حول طريقة تصرفنا بالنسبة لهذا الأمر. فعلى سبيل المثال، مع دخول عشرات الملايين من الشباب إلى سوق العمل في كل سنة، ندرك أن اليقظة السياسية العربية يجب أن تولد أيضاً يقظة اقتصادية. ونعمل لمساعدة المجتمعات على إيجاد فرص عمل للتأكد من أنها هي تقوم بذلك أيضاً. إننا تشجع التجارة، والاستثمار، والتكامل الإقليمي، وريادة الأعمال، والإصلاحات الاقتصادية. ونساعد المجتمعات في مكافحة الفساد واستبدال السياسات القديمة المتمثلة في المحسوبيات بتركيز جديد على إتاحة التمكين الاقتصادي والفرص الاقتصادية. ونعمل مع الكونغرس على تخفيف عبء الدين عن مصر وعلى إعطاء ضمانات للقروض لتونس كي يتمكن هذان البلدان من الاستثمار في مستقبليهما بنفسيهما.

نملك أيضاً خبرة حقيقية يمكننا تقديمها بصفتنا نظاما ديمقراطيا، بما في ذلك الحكمة التي جمعها المعهد القومي للديمقراطية خلال عقود من العمل حول الكرة الأرضية في دعم عمليات الانتقال الديمقراطي. في نهاية الأمر، لا تولد الديمقراطيات وهي على بينة بكيفية حكم نفسها. في بلد مثل ليبيا، قضى القذافي 42 سنة في تفريغ كل جزء من حكومته لا علاقة له بالنفط أو لإبقائه في السلطة. وبموجب القانون الجنائي الليبي، يعاقب بالإعدام كل من ينضم إلى منظمة غير حكومية. وعندما سافرت في الشهر الماضي إلى ليبيا، كان لدى الطلاب الذين قابلتهم في جامعة طرابلس جميع أنواع الأسئلة العملية وحتى التقنية: كيف تشكلون حزباً سياسياً؟ كيف تضمنون مشاركة المرأة في المؤسسات الحكومية؟ ما هي توصياتكم للمواطنين في النظام الديمقراطي؟

هذه هي الأسئلة المؤهل أن يساعد المعهد القومي للديمقراطية، ومنظماته الشقيقة، الديمقراطيات الجديدة في الإجابة عنها. لقد نال المعهد القومي للديمقراطية الكثير من الثناء لعمله، ولكنه تعرض أيضاً للكثير من الانتكاسات التي تمتد إلى أبعد من العالم العربي. تبرز هذه المقاومة، في جزء منها، من أخطاء في تصور ما يفعله دعمنا للديمقراطية وما لا يتضمنه.

لا تمول الولايات المتحدة مرشحين سياسيين أو أحزاباً سياسية. إننا نقدم بالفعل تدريباً للأحزاب وللمرشحين الملتزمين بالديمقراطية. لا نحاول تحوير النتائج أو فرض النموذج الأميركي. لكننا ندعم بالفعل اللجان الانتخابية ومراقبي الانتخابات غير الحكوميين، من أجل تأمين تصويت حر ونزيه. إننا نساعد مجموعات الرصد على تعلم مهنتها. ونساعد المجموعات في إيجاد الأدوار لممارسة حقوقها في التعبير الحر، والتجمع، على الإنترنت وخارجه. وندعم بالتأكيد المجتمع المدني، الذي يشكل قوام حياة السياسة الديمقراطية.

ولكن تبرز الانتكاسات، في جزء منها، من الطغاة حول العالم الذين يتساءلون ما إذا كان ميدان عاصمتهم سيتحول إلى ميدان تحرير جديد، وبعضهم يفرض إجراءات قمعية صارمة حينما ينبغي عليهم الانفتاح. والضغوط ليست جديدة على مجموعات مثل المعهد القومي للديمقراطية، ولا هي أيضاً جديدة على المجموعات المحلية الشجاعة التي نتشارك معها. أريد منهم أن يعرفوا أنه مهما ازداد الضغط الممارس عليهم، فإن دعمنا لهم لن يتراجع.

إننا نعمل في تونس ومصر وليبيا على مساعدة المواطنين لحماية مبادئ الديمقراطية. يعني ذلك دعم قوى المصالحة بدلاً من الانتقام. ويعني الدفاع عن حرية التعبير عندما يتم إلقاء القبض على المدونين لانتقادهم المسئولين الحكوميين. ويعني ذلك الدفاع عن التسامح عندما تثير قنوات التلفزيون التي تديرها الدولة التوترات الطائفية. ويعني ذلك أنه عندما تقول السلطات غير المنتخبة إنها تريد أن تتخلى عن الحكم، فإننا ننتظر منها وضع خريطة طريق واضحة ونحثها على الالتزام بها

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 3352 - الخميس 10 نوفمبر 2011م الموافق 14 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 2:43 م

      لا نريد ديمقراطيتك يا أمريكا فلدينا كتاب الله

      أجل أتركونا في حال سبيلنا ولا تتدخلوا في حياتنا! لا نريد ديمقراطيتكم خلوها لكم! تقصون وتكذبون علينا بكم كلمة أنتم لا تعرفون معناها وأصلها، فلدينا كتاب الله الكريم يضيئ دربنا. أمريكا تكيل بعدة مكاييل: تعاقبون اليونيسكو بسبب فوز فلسطين بالعضوية فيها وتقول كلينتون تشجع الديمقراطية!

    • زائر 3 | 5:15 ص

      و عندك عين!!

      لا تحاولون فرض النموذج الأمريكي؟ ة لا تشجعون التوترات الطائفية؟ و تحثون على الالتزام بحقوق الانسان؟ و بالطبع لا تربدون تقسيم المنطقة العربية تريدونها موحدة
      ما شاء الله تبارك الرحمن كل هذا انتون.. و اني على بالي انتون عكس جدي الحين من مقالتش اقتنعت حدددي انكم دعاة حرية و عدالة و تستميتون في سبيل ارساء الديمقراطية و الحرية و العدالة

    • زائر 2 | 1:04 ص

      لا لا لا تكذبي اني رأيتكما معا

      فدعي البكاء لقد كرهت الأدمع
      لا يا سيدة السياسة الامريكية لن نصدق ما تقولون ولو حلفتي على القار حتى يبيض

    • زائر 1 | 11:32 م

      السيده كلنتون الرجاء التوضيح

      كثرت يا عمه خرايط الطريق اللي اتحذفونهم علينا عاد شنسوي في هلخرايط ونحملهم في اي طريق والخرايط اللي انتي تتكلمين عنهم غير واحنا العرب ما نحب نمشي في طريق حاملين خرايط احنا شعوب الاصاله نمشي في الطريق على راسنا زبلان فيها اغراضنا مصنوعها من خوص انخيلنا الطيبه اسوه با اجدادنا وابائنا الزبيل نقدر انشيل فيه بلاوي خلونا على الزبلان ابرك والخرايط وزعوها على المتمدنين من العالم ولاتنسي يا عمه ترى العرب ضمن منضومه العالم الثالث الله ايكثر خيرك ويدوم عزك يعمه

اقرأ ايضاً