العدد 3355 - الأحد 13 نوفمبر 2011م الموافق 17 ذي الحجة 1432هـ

وأخيراً... انخلع برلسكوني!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وأخيراً انقلع رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني، بعد 17 عاماً من التمسك بالسلطة، عاش فيها كالامبراطور.

الطليان لم يصدّقوا أنفسهم، فنزلوا إلى الشارع يصفقون ويغنون ويرددون الشعارات التي استلهموها من بلدان الربيع العربي: «انقلع»، و«انخلع»، و«ارحل»!

قبل سنوات، سألت صحافيةً ايطاليةً في قبرص: لماذا يتمسّك الايطاليون بشخص معروف بفساده وانحطاطه الأخلاقي، تلاحقه الفضائح الجنسية من كل مكان؟ فأجابت: «إنه يمتلك امبراطورية إعلامية ضخمة، ويمتلك الأموال».

بدأ حياته العملية مغنياً في الملاهي وعلب الليل والسفن التجارية للترفيه عن السياح، واشتهر بتأدية الوصلات الغنائية الشعبية، ومنها أخذ طريقه إلى عالم الشهرة والمال. وفي بداية الستينيات نال شهادةً في الحقوق، وبدأ بالعمل في بناء المجمعات السكنية، وتزويدها بالقنوات المشفرة، التي مكّنته من التمكن لاحقاً من رقبة الإعلام الايطالي حيث امتلك أهم القنوات.

كانت مهمة الإعلام تبييض صورته، فأبرزه في صورة السياسي العبقري والاقتصادي الناجح. آلاف الافتتاحيات والتقارير والخواطر والمقالات، دُبّجت في تبرير سياساته. كتيبةٌ عريضةٌ من الكتّاب والإعلاميين المرتشين، الذين لا تروج بضاعتهم الكاسدة إلا في سوق التضليل الإعلامي، ولا ينتعشون إلا في مستنقعات الفساد المالي.

في منتصف التسعينيات دخل برلسكوني السياسة، وشكل له حزباً، وتحالف مع الفاشيين الجدد ليفوز في الانتخابات، لكن حكومته الأولى لم تصمد أكثر من سبعة أشهر، حيث انهارت بانسحاب حلفائه. كانت ايطاليا مشهورةً بكثرة سقوط واستقالة حكوماتها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، دون أن يؤدي ذلك إلى سفك دماء. وهكذا ظلّ برلسكوني يخرج ويدخل الحكومة عدة مرات في العقد الأخير، وظلت تلاحقه تهم الفساد ورفعت ضده عدة قضايا أخلاقية، من بينها علاقاته بقاصراتٍ، وبعضهن ظهرن للإعلام ليروين تفاصيل الفضائح، فأثار ذلك حفيظة زوجته فطلبت الطلاق، واستغل هذه الفرصة ليتخلص منها! ومع ذلك خرج منها بريئاً كخروج الشعرة من العجين، لـ «عدم كفاية الأدلة» دائماً! ألم تسمعوا بأن الناس قد مالوا... إلى من عنده مالُ!

قبل ثلاثة أعوام، ألقى إيطالي مجسماً لكاتدرائية ميلانو على وجه برلسكوني فتسبب بكسرٍ في أنفه، واتهم بأنه مختل عقلياً. وحين قدم استقالته يوم السبت الماضي، خرج من باب خلفي للقصر الرئاسي، خوفاً من المتظاهرين المحتشدين أمام البوابة الرئيسية، وهم يردّدون: «اخرج ايها المهرج». وكانوا قد استقبلوه بهتافات أخرى: «مافيا. السجن. العار». «بريمافيرا... ايتاليانو»... ويقال ان معناها «الربيع الايطالي»، استلهاماً من روح الربيع العربي العظيم!

عصر أمس، وقبل أن تمضي 24 ساعة على مفارقته للقصر الجمهوري، أفصح عن رغبته في «العودة إلى الحكومة»، وردّ عليه بعضهم قائلاً بالايطالي: «حامض على بوزك»! ونقلت عنه وكالة (أ ف ب) قوله انه «فخورٌ بما أنجزه خلال الأزمة الاقتصادية»... مع أن الاتحاد الأوروبي وضع إيطاليا تحت المراقبة بسبب أعباء الديون التي ورّطها بها!

رسامو الكاريكاتير الطليان دأبوا على رسمه في الأشهر الأخيرة «من دون هدوم»! وإلى جانب اشتهاره بتنظيم الحفلات الحمراء، اشتهر بلقطةٍ وهو يقبّل يد معمر القذافي، ما اعتبر عاراً غير مسبوق في العلاقات الدولية. كان من آخر أصدقائه فانقلب عليه، وقضى الله أن يُخلع الأول في ماسورة مجارٍ، فيما يخلع الثاني من القصر بعده بشهر

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3355 - الأحد 13 نوفمبر 2011م الموافق 17 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:02 ص

      هل نفعه الاعلامظ

      واخيرا خلعوه رغم ما لديه من اعلام واموال وسيطرة ونفوذ. هل ترى نفعه الاعلام ؟

    • زائر 1 | 11:48 م

      عبرة

      لقد انخلع وانقلع هو وصديقه القذافي، والفرق بينهما شهر واحد. سبحان الله.

اقرأ ايضاً