تناولنا في الفصل السابق مفهوم الكبسة والمشاهرة والتطور الدلالي الذي حدث لكل مصطلح في عدد من الدول العربية، وخلاصة الأمر أن العامة في جميع البلاد العربية كانت، ومازالت حتى يومنا هذا، تعتقد أن على المرأة أن تتبع طقوساً معينة وأن تبتعد عن ممارسة أفعال معينة وإلا ستكون عرضة للإصابة بالكبسة أوالمشاهرة وهي عدم قدرتها على الإنجاب، والسبيل الوحيد للمرأة لكي «تفك رباطها» أن تمارس طقوساً معينة غريبة لدرجة أن بعض تلك الطقوس في بعض البلاد العربية لا نستطيع التصريح بها ولكن يمكن الرجوع لها في المصادر التي سبق الإشارة إليها في الفصل السابق.

توقيت الإصابة بالكبسة أو المشاهرة

يعتقد العديد من العامة في البلاد العربية أن هناك ثلاث فترات حرجة في حياة المرأة يمكن أن تصاب بها بالكبسة أو المشاهرة وهناك فترتان مشتركة بين جميع الدول العربية وهي يوم الزواج وفترة النفاس بعد الولاة، وهناك فترة ثالثة وهي عند ختان الطفلة وهي فترة حصرية في البلدان التي يشيع فيها ختان الأنثى بصورة علنية؛ إذ تُتبع طقوس معينة في يوم ختان الأنثى. في البحرين والخليج العربي عموماً، هناك عموميات مشتركة للكبسة أو المشاهرة (بحسب المصطلح الشائع في تلك البلد) فهي إما أن تحدث يوم الزواج أو في فترة النفاس، وتكاد تكون أسباب الإصابة وطرق العلاج مشتركة بين دول الخليج وتتشابه بصورة كبيرة مع تلك الشائعة في البلاد العربية الأخرى، وسنقتصر حديثنا هنا على منطقة الخليج العربي أما باقي الدول العربية فيمكن الرجوع لها من خلال المراجع التي سبق ذكرها.

الكبسة في يوم الزواج

من الأفعال المشهورة التي تعتقد بها العديد من النساء أنها تسبب الكبسة هي: زواج فتاتين بينهما قرابة في ليلة واحدة، أن تدخل نسوة على عروس وتخرج من عندها وتدخل مباشرة عند عروس أخرى وهذا يؤدي بالكبسة للعروس الثانية وخصوصاًَ إذا كانت بينهم قرابة، كذلك دخول امرأة حائض على العروس، أو استخدام حمام العروس قبل العروس في صباح العرس.

الكبسة بعد الولادة

هناك عدد من الأفعال التي يعتقد أنها تسبب الكبسة بعد الولادة مباشرة، وقد لخصت فاطمة السليطي عدداً من تلك الأفعال في بحثها «الاستعداد لمراحل الحمل والولادة قديماً في مملكة البحرين»(مجلة «الثقافة الشعبية» 2009م): «عدم دخول العائد من جنازة أو القادم من سفرٍ أو مسافة بعيدة وخاصة المشي على الأقدام على النفساء؛ إذ يكون مرهقاً وتعباً فينقل هذا الإحساس السلبي الناتج عن الإرهاق والتعب إلى الطفل وأمه خلال فترة الأربعين يوماً؛ إذ الضعف والوهن وهذا ما يعرف في وقتنا الحاضر بعلم انتقال الطاقة السلبية أو الايجابية من شخصٍ إلى آخر. تجنب دخول الحائض أو المرأة بعد استحمامها من غسل الجنابة على النفساء ولا تلمس طفلها اعتقاداً منهم بأن النفساء سـ «تنجبس» أو «تنربط» أي لا تحمل مرة أخرى، وكذلك عدم دخول المرأة التي بيدها حناء وهذا أيضاً ينطبق على المرأة التي فطمت طفلها بعد حولين كاملين لا تأكل عند العروس وإذا أكلت فيجب عليها أن تعطي العروس من أكلها وإلا «تنربط» أي لا تحمل. توخي الحذر بعدم ذكر الأخبار المحزنة من مرض وموت وحوادث طيلة الأربعين يوماً. عدم تناول الطعام أمام الناس، وألا ترضع طفلها أمامهم. التقليل من شرب الماء، فتشرب النفساء فنجاناً واحداً من الماء فقط عند كل وجبة اعتقاداً منهم بأن الماء الكثير يفسد رحم المرأة ... ومن الأشياء المكروهة للنفساء عدم الغضب أو المشاجرة وخاصة ظهراً أو عند الاستحمام وهي تحت الماء وألاّ تخاف أو تجري عند سماع أي صوت وهي أمام النار أي أثناء الطبخ حتى لا يصيبها مكروه من الجن».

أما صباح مرزوك فيذكر في بحثه «عادات وتقاليد الحلية في العقم والولادة» أن من أسباب الكبسة في الحلّة في العراق «دخول امرأة كانت قد ولدت وليداً تواً عليها ... وكذلك الحال بالنسبة إلى دخول القطط عليها» المرزوك (1986).

أما في دولة الإمارات العربية وقطر والكويت (الفحيل والحمدان 1997، ص 134) فمن أهم أسباب الكبسة أو المشاهرة:

1 - استحمام النفساء في ماء غدير أو مطر أو أن ترى النفساء امرأة خرجت للتو من الحمام.

2 - أن تدخل على النفساء إحدى النساء: عروس جديدة أو امرأة تتوحم أو امرأة ولدت حديثاً أو امرأة عاقر أو امرأة عينها حارة، أو امرأة قادمة من عزاء، أو امرأة غسلت ميتاً، أو امرأة حائض.

3 - إذا جاءت هدايا ولم تعط منها النفساء.

علاج الكبسة أو المشاهرة

لا تخلو طقوس الكبسة أو المشاهرة في البلاد العربية من طقوس زيارة المقابر والقفز من فوق القبور أو السير بينها أو فتح عين ميت وغيرها من تلك الطقوس التي لم يعد لها وجود إلا في حيز ضيق وفي مناطق معينة من العالم العربي. أما الطقوس الأكثر شهرة في البحرين فهو طقس «فچاچ الذيل» أي فك رباط الطرف السفلي لذيل فستان المرأة المربوطة، وهو طقس يميل للرمزية؛ إذ يتم أخذ فستان للمرأة المربوطة ويتم تبخيره وقراءة سور قرآنية وأدعية علية وبعدها يتم ربط الذيل السفلي للفسان، ويؤخذ الفستان للمرأة المربوطة ويتم فك ذيل الفستان ومن ثم نفضه على المرأة فيتم فك رباطها.

أما في مدينة الحلّة فيذكر مرزوك في بحثه سابق الذكر عن طقوس فك المربوطة: «تكسر رأساً من البصل ثم تتبول على المنصبة (وهي الحجارة التي يقوم عليها طهي الطعام) التي ترجع لمرأة متزوجة بشرط أن تكون هذه المرأة هي التي دخلت عليها أي (النفسة) وسببت لها العقم، وبعد مرور ثلاثة أيام تحلب المرأة المسببة للعقم على كتف ورأس ... وظهر المرأة العاقر، ثم يجمع تراب من سبعة أماكن لتسبح بها بشرط أن تسكبه عليها بنت لم تتزوج بعد (بت بيت) وبواسطة رحى؛ أي واحدة تمسك الرحى وأخرى تسكب الماء على أن يجري الحوار الآتي بين البنت غير المتزوجة والمرأة العاقر:

- شسمچ؟ (ما اسمك)

- چبسة

- أنفلت الچبسة (ذهب سبب العقم)

- شسمچ؟

- ناگة

- أنفلت العاگة (أي أنفك العائق)

- شسمچ؟ (ما اسمك)

- فانوس

- أنفلت الچبسة العروس»

أما في دولة الإمارات العربية وقطر والكويت (الفحيل والحمدان 1997، ص 137) فهناك عدة طقوس أهمها:

1 - في حال كان سبب الربط امرأة حاسدة أو دخول امرأة عليها، فيأخذ أثر المرأة الحاسدة ويسقى بالماء للنفساء، أو أن تحلب الحاسدة على النفساء، أو أن تأكل من أكل العروس التي تسببت لها بالعقم.

2 - أن تزور المربوطة أرملة وقت العدة أو أن تأكل في منزل أرملة.

3 - قطع الحبل السري أو قطع مشيمة على قدم المرأة المربوطة