العدد 3374 - الجمعة 02 ديسمبر 2011م الموافق 07 محرم 1433هـ

بعيداً عن انتهاكات تقرير بسيوني

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سنقف في هذه المحطة الأخيرة المجتزئة واقعاً لعدم إمكانية التعليق على كل مفاصل التقرير في هذا الحيز؛ عند بعض نوافذ التقرير البيضاء أو سواها من الألوان.

أولها، أن اللجنة واجهت مشكلة كبيرة في التوفيق بين أقوال الجانب الرسمي - الأمن تحديداً - وبين أقوال المحتجين والمتظاهرين في الشارع والجمعيات السياسية، فالكل ربما يقدم وثائق وأدلة وهنا يأتي دور الحقوقي في فرز هذه الأدلة وتصديقها أو عدم ذلك بناء على أصول مهنية هو يعلمها. ولذا فلا يعلم من يقرأ التقرير في حيثيات سرد الحوادث خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011 من أي طرف جاءت تلك الأقوال التي تذكر أحياناً بأنه أُطلقت طلقة (شوزن واحدة فقط تجاه المتجمهرين فقتل أحدهم)، أو أن هناك سيارة أو سيارتين للشرطة كانتا متوقفتين بعيداً عن التظاهرة، أو قيام مجموعة من المشيعين بالاقتراب من دورية الشرطة وبدأت بالاعتداء على أفراد الشرطة بالقول ثم بقذف الحجارة والأسياخ الحديدية في اتجاههم. وهنا إحدى جوانب رمادية اللون.

كذلك ما يلفت النظر في تقرير اللجنة هو ذكرها وجود 6 حالات اغتصاب و198 إساءة جنسية و1419 إساءة لفظية. فمن المسئول عن هذه الإساءات وحالات الاغتصاب؟ هل هو العدد نفسه الذي اتُهم في التقرير رسمياً بانتهاكات حقوق المواطنين والتعذيب؟ أم غيره؟ وما علاقة وقف الاحتجاجات والقضاء على الشغب في الشوارع بالاغتصاب والإساءة الجنسية للناس؟ وهل التدريب على عدم تكرار ذلك عند اعتقال أي مخالف للقانون مستقبلاً سيكون ضمن تدريب رجال الأمن كما نشر في الأخبار حديثاً؟

التقرير مليء بأرقام معظمها تقديرات لا نعلم من أي طرف حصل عليها المكلفون بالتقرير. وبالتالي تم الاعتماد عليها في التحليل والتقرير، وهذا يناقض المنهج العلمي كما هو معروف. ومن هذه الأرقام أن الشباب دخلوا دوار مجلس التعاون يوم 15 فبراير/ شباط الساعة الثالثة عصراً، وبحلول الساعة الثالثة والربع عصراً بدأت الخيام بالظهور في دوار مجلس التعاون الخليجي، وكأن هناك من كان يرصد كل حركة في الدوار منذ البداية أو كان يرسمها قبل أن تحدث وبالتالي هو ممسك بالقلم ومتواجد عند الدوار ويكتب بالدقيقة كل ما يحدث.

وما لفت النظر ضمن التحديات التي واجهتها اللجنة، وتحديداً ما ورد في البند 32 في السطر الأخير منه (وقد كان التحدي الأكبر هو إيجاد موظفين أكفاء يملأهم الشعور بالمسئولية في غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً، وإجراء تحقيقات في حوادث تغطي فترة تمتد لعدة أشهر بدءاً من الحوادث التي وقعت في فبراير ومارس 2011. مع أن اللجنة قالت بأنها غطت أحداث شهرين فقط هما فبراير ومارس بحسب قرار تكليفها، فأين ذهبت بقية التحقيقات التي غطت (عدة أشهر) إن كانت قد تم توثيقها؟

كذلك، ركزت اللجنة في تقريرها أكثر من مرة على ضرورة حفظ قاعدة بياناتها وأرشيفها الضخم - كما وصفته - من السجلات والمواد خارج البحرين وتدمير جميع السجلات والمواد التي حصلت عليها من أجل حماية جميع من قدموا معلومات وأدلة إليها. وهي تجري مفاوضات مع المحكمة الدائمة للتحكيم في هولندا لحفظ القرص الصلب الذي يحتوي على السجلات الإلكترونية خوفاً من ضياعها أو تسربها لجهات لا ترغب اللجنة في وصول تلك السجلات لها.

وأخيراً، تلك مجرد (تناتيف) ولكن مربط الفرس لمن يتوق ويسعى جدياً للاستفادة مما جاء في التقرير وينقل البحرين من عصرها الحالي إلى عصر النور والشروق الحقيقي؛ عليه أن يقرأ التقرير في الصفحات من 47 إلى 59 جيداً وبتروي وعقلية منفتحة غير عدوانية بعيدة تماماً عن أي اصطفاف طائفي أو نفاق بعض المثقفين والنخب، ليخرج، وهو يحمل بين جنبيه العشق الأصيل لبلده البحرين، بحلول واضحة جداً تبدو لأي حكيم وإداري يؤمن بالديمقراطية في أبسط صورها لينقذ البلد والناس من شرور قادم الأيام إذا بقي الوضع فقط في حلقة المعالجات الأمنية الآنية. فالمشكلة الرئيسية التي أدت إلى ما آل الوضع إليه الآن، يوضحها التقرير في تلك الصفحات وإن كان بعضها مغلوط تاريخياً وكمعلومات؛ لكنها تصلح كأساس لأي إنقاذ جاد لهذه الدولة الصغيرة حجماً الكبيرة تاريخاً وتأثيراً حضارياً في المنطقة الخليجية برمّتها. فهل نحن فاعلون؟

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3374 - الجمعة 02 ديسمبر 2011م الموافق 07 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 11:03 ص

      -

      اكمالا لرد رقم 2
      القصد اننا قدمنا ملفا متكاملا مدعوما بالوثائق والدلائل والارقام الى اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
      وفي تقرير اللجنة النهائي للجنة ذكرت الموضوع بصيغ معينة وتركت الارقام التي ذكرناها مع انها موثقة توثيقا محكما

    • زائر 4 | 3:33 ص

      -

      كنقابة: قدمنا ملفا متكاملا مدعوما بادلائل و الوثائق والارقام فلم توضع الارقام للاسف ولا ادري لماذا؟

    • زائر 1 | 10:34 م

      يجب الادلة تعطى لمحكمة الجنايات الدولية

      لجنة بسيوني خرجت بتقديرات ليس بالضرورة صحيحة و بالتالي لابد من تسليم الادلة الى اللجان الحقوقية و محكمة الجنايات الدولية ليكون لها رأيها الذي قد يتفق او يختلف

اقرأ ايضاً