العدد 3375 - السبت 03 ديسمبر 2011م الموافق 08 محرم 1433هـ

المفصولون... وقفة إنصاف ينقصها التنفيذ

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

في الفقرة (1723) من تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، والمتعلقة بالتأكيد على ضرورة إرجاع المفصولين من القطاعين العام والخاص إلى أعمالهم، جاءت التوصية الآتية: «استخدام الحكومة كل صلاحياتها لضمان عدم معاملة الشركات الخاصة وأصحاب العمل الآخرين الذين قاموا بفصل موظفين لعدم حضورهم للعمل في وقت المظاهرات بطريقة أقل مما عاملت به الحكومة موظفيها في الخدمة المدنية».

وقبل ذلك أكدت اللجنة في الفقرة ذاتها «اتخاذ ما يلزم نحو ضمان ألا يكون من بين الموظفين حالياً من صدر قرار فصله، بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير وإبداء الرأي والتجمع وتكوين جمعيات».

والجميع بدءاً من الحكومة إلى أبسط موظف في شركة صغيرة، يعلمون أن المفصولين على خلفية الأحداث الأخيرة، سرحوا لأسباب سياسية تتعلق بمشاركتهم في إضراب أو مسيرة أو اعتصام أو ممارسة حقهم الدستوري في إبداء الرأي والتعبير.

وشريحة واسعة من هؤلاء مسهم قطع الرزق بناءً على وشاية أو تصفية حسابات لإحلال بدلاء عنهم، ولم يكن لهم دور أو مشاركة في أي حدث سياسي أو فعالية عامة، فقط وجدوا أنفسهم بلا عمل بعيداً عن كل المبررات القانونية.

ووزارة العمل كجهة رسمية، اعترفت منذ أشهر خلت بأن ما جرى يقع في دائرة الفصل التعسفي المخالف لقانون العمل الأهلي، وخصوصاً أن أسباب الفصل اتكأت على ممارسة الموظفين نشاطاً خارج وقت العمل. وبعد صدور تقرير «تقصي الحقائق» الذي ساند وأيد موقفها، لايزال وللأسف تحرك الوزارة خجولاً وعلى استحياء، ففي بيانها الذي صدر حديثا دعت الشركات إلى الاستجابة للأوامر الملكية وتوصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، فيما الفقرة (1723) المشار إليها واضحة كالشمس، تحث فيها اللجنة الدولة على ممارسة كل صلاحياتها للضغط باتجاه حلحلة هذا الملف في القطاع الخاص، فهل الدعوة التي وجهتها وزارة العمل ملزمة للشركات؟ وهل تمثل أي شكل من أشكال ممارسة الضغط بما يفضي إلى تغليب مصلحة الوطن مع العلم أن ما يجري حالياً لا يخرج عن نطاق المكابرة والعناد لتثبيت قرارات خاطئة حرمت أناسا من حقهم الطبيعي والإنساني في طلب الرزق بما يرضي الله؟ وهل يمكن إقناع الشركات بالعدول عن قراراتها فيما الحكومة لم ترجع مفصولا واحدا حتى الساعة؟

ليس من العدل إغفال جهود وزارة العمل في هذا الشأن، ولكن من الملاحظ أن الحل يفوق قدرتها وطاقتها على الإلزام، وبالتالي فإن تطبيق قرار لجنة «تقصي الحقائق» في القطاعين العام والخاص لن يتم إلا بقرار سياسي يرجع الأمور إلى نصابها، وخصوصاً مع فتح باب الاجتهاد على مصراعيه، فشركة ترجع عددا محدودا من موظفيها وتركنهم في إحدى الزوايا بلا عمل، وأخرى تجهز عقوداً جديدة بشروط مجحفة تتضمن تهديداً مبطناً بالفصل في حال ارتكاب أي زلة أو هفوة، وثالثة تضغط عليهم لقبول تسوية مادية تبدد أعواماً طويلة قضوها في صدارة مواقع الإنتاج. قضية المفصولين باتت من أكثر الصور قتامة في تاريخ البحرين الحديث، فلم يسبق أن شـُنت حملة لقطع أرزاق المواطنين كالتي حصلت خلال الأشهر القليلة الماضية لدواعي الانتقام والتشفي من الطبقة العاملة، وهو ما ذكره البروفيسور محمود شريف بسيوني حرفياً في تقريره حين قال في الفقرة (1450): «أفادت أقوال أدلى بها للجنة ممثلون لهيئات حكومية وشركات ضالعة في عمليات الفصل من العمل أن كثيراً من حالات الفصل التي زعم أنها تستند إلى التغيب عن العمل، كان الدافع إليها في حقيقة الأمر الانتقام من الموظفين الذين اشتبه في ضلوعهم في المظاهرات. وهذا كان واضحاً للغاية في حالات الفصل من وزارة التربية والتعليم وشركة بتلكو وشركة طيران الخليج». الفصل السابع من تقرير لجنة «تقصي الحقائق» والمعنون بـ «قضايا تتعلق بحقوق الإنسان»، يتضمن سرداً مفصلاً عن التجاوزات التي مورست بحق العمال البحرينيين، والقوانين التي طبقت بخلاف محتواها، بل جمُدت إرضاءً لنزعات وتصرفات من أناس لم يضعوا في حسبانهم أي اعتبارات أو خطوط حمراء، وجاءت الأحداث بمثابة الفرصة السانحة التي أطلقت يدهم لحرمان عوائل من أطفال ونساء من أبسط احتياجاتهم الضرورية المتعارف عليها بين كل البشر.

تمطيط المسألة وتعويمها وتركها للأيام لم يعد مجدياً أبداً، فهي قضية حقوقية وإنسانية لا يمكن التغافل عنها أو التهرب منها، وتمثل استحقاقاً على الدولة الوفاء به من منطلق مسئوليتها عن رعيتها، وعنوان الإرجاع إلى العمل لم يعد كافياً، وإنما يجب أن يصاحبه تعويض مجزٍ يكفل للمرجعين الوفاء بالتزاماتهم المادية المستحقة عليهم طوال الأشهر الماضية، وجبراً للضرر الذي تعرضوا له نفسياً ومادياً ومعنوياً، فهذا أقل ما يمكن توفيره لإنسان ينوي مواصلة حياته الطبيعية من جديد

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3375 - السبت 03 ديسمبر 2011م الموافق 08 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:29 م

      الفصل من الخدمة بدافع الإنتقام

      نعم تم فصل الموظفين بدافع الانتقام استنادا إلى الفقرة 1450 من تقرير تقصي الحقائق ، واليوم استلم أحد المعلمين رسالة من وزارته الموقرة تفيد بوقفه عن العمل لمدة 10 أيام مع الخصم من الراتب ومخالفته الغياب في فبراير ومارس على الرغم أن أيام الغياب تم خصمها من راتبه من قبل فأصبح هناك عقوبتان.

    • زائر 3 | 4:46 م

      مفصول من طيران الخليج

      عزيزي احمد, انك صاحب قلم شريف و صاحب قضية, سوف نعود و سوف نحاسب من نصب نفسة مكان الرب و قطع الارزاق. حسب ما ورد في تقرير بسيوني افاد الرئيس التنفيدي لطيران الخليج بأن الشركة فصلت الموظفين على افتراض بأن من غاب عن العمل شارك في المسيرات. تصور بأن ارزاقنا قطعت لمجرد افتراض , هل هذا هو العدل الذي بة يتغنى الجميع. سنعود و رؤسنا مرفوعة دون منة من احد, شكرا" لكم شكرا" لكم.

    • زائر 2 | 5:43 ص

      أي انصاف ياعزيزي

      يا أستاذي الفاضل نحن لسنا بحاجة لمقالات تزيد وضعنا كمفصولين تأزيماً وتدافع عن المسئولين في عدم ارجاعنا لوظائفنا برغم القرارات الواضحه من الملك ولجنته، اسمح لي أن أنوهك لنقطة؛ أنت صاحب قلم ولك قراؤك في صحيفة لطالما أنصفت كل البحرينيين في مطالبنا المجيدة.

    • زائر 1 | 2:58 ص

      نعم

      حصل المتسلقون على مرادهم لكن مؤقتا هكذا بدأت في مصر وليبيا سوف يفرون قريبا

اقرأ ايضاً