العدد 3383 - الأحد 11 ديسمبر 2011م الموافق 16 محرم 1433هـ

التوتر بشأن الانتخابات يهدد «إعادة ضبط» علاقات أميركا بروسيا

يهدد التوتر بين واشنطن وموسكو بشأن الانتخابات البرلمانية الروسية المتنازع عليها سياسة «إعادة ضبط» العلاقات التي يتبناها الرئيس الأميركي باراك أوباما وقد يتصاعد التوتر في ظل وهج الانتخابات الرئاسية المقبلة في كلا الدولتين.

وأشار هجوم رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين على وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون لتشكيكها في صحة الانتخابات التي أجريت يوم الأحد الماضي إلى نهاية محتملة لاتجاه تحسن العلاقات الذي وصفه معاونو أوباما بأنه أحد إنجازاته في مجال السياسة الخارجية. ويقول محللون إنه مع سعي أوباما لانتخابه لفترة ولاية ثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني وفي ظل التوقعات واسعة النطاق بترشح بوتين لانتخابات الرئاسة الروسية في مارس/ آذار فمن المرجح أن يتسم الموسم السياسي بلهجة متشددة بين عدوي الحرب الباردة السابقين. وقد يساعد أتباع الولايات المتحدة نهجاً أقوى أوباما في مواجهة اتهامات الجمهوريين بأن سياسته تجاه روسيا تصل إلى حد الاسترضاء كما ستعزز موقفه بين أعضاء حزبه الديمقراطي الذين يريدون نهجاً أكثر حزماً بشأن حقوق الإنسان. وربما يأمل بوتين الضابط السابق في المخابرات الروسية أن يصرف حديثه الصارم الانتباه عن مشكلاته السياسية الداخلية التي بدأت تطفو على السطح وأن تثير النزعة الوطنية لدى الناخبين. وقال خبير الشئون الروسية بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي بواشنطن، ماثيو روجانسكي «نحن عند نقطة ارتداد بعد فترة من المصالحة وقد تسير الأمور بشكل سيئ من الآن فصاعداً». يأتي التحول الأخير في أعقاب انتكاسة انتخابية شديدة لحزب بوتين الحاكم. ويقول المعارضون السياسيون أن أداء حزب روسيا المتحدة كان سيسوء عن ذلك لولا التزوير الواسع النطاق في صناديق الاقتراع وردوا على ذلك بالاحتجاجات. ودفع تأكيد كلينتون أن الانتخابات لم تكن حرة ولا نزيهة بوتين إلى اتهامها بالتحريض على التظاهر.

وتظهر الاضطرابات التي من غير المرجح أن تسقط زعيماً لا تزال شعبيته مرتفعة أن قبضته على السلطة ليست قوية مثلما يفترض الكثيرون. واتهم بوتين كلينتون بتشجيع أعداء الكرملين «المرتزقة». وقال «لقد هيأت الأجواء لبعض ناشطي المعارضة وأعطتهم إشارة واستجابوا لهذه الإشارة وبدأوا العمل بهمة». ويعرف بوتين منذ فترة طويلة بلهجته المناهضة للولايات المتحدة لكنه نادراً ما يوجه لمسئول أميركي رفيع على هذا النحو مثل هذا النقد المباشر والشخصي. وأيد البيت الأبيض كلينتون في انتقادها للطريقة التي أجريت بها الانتخابات البرلمانية لكنه هون من شأن أي تهديد للعلاقات الأميركية الروسية في مجملها. وشدد المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي جارنر على أنه في الوقت الذي تسعى فيه بلاده للتعاون مع روسيا بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك فإن الولايات المتحدة تحتفظ بحق التعبير العلني إذا رأت روسيا تنتهك حقوق الإنسان. وكانت الإدارة الأميركية تستعد لأن تؤدي عودة بوتين المحتملة للكرملين العام المقبل إلى تعقيد عملية إعادة ضبط العلاقات التي بدأها أوباما في العام 2009.

وتخوض واشنطن حالياً مخاطرة محسوبة وهي أن تغيير القيادة في روسيا لن يؤدي إلى فقدان أكبر المكاسب وهي اتفاقية جديدة لخفض الأسلحة النووية واستخدام الأراضي الروسية لتزويد القوات الأميركية التي تقاتل في أفغانستان بالإمدادات. ومع اعتبار واشنطن أن بوتين هو الشخصية القيادية منذ أن تخلى عن الرئاسة لديمتري ميدفيديف وأصبح رئيساً للوزرء فلن يتسنى إعادة ضبط العلاقات دون مساندة بوتين. كما يتعين على بوتين أن يضع في اعتباره دور واشنطن المهم في تمهيد الطريق لانضمام روسيا لمنظمة التجارة العالمية والذي تسعى إليه منذ فترة طويلة. لكن لا تزال هناك اختلافات كبيرة بشأن نظام الدرع الصاروخية الذي تقترح الولايات المتحدة إقامته في أوروبا والذي تشدد واشنطن على أنه يهدف إلى الحماية من التهديد الإيراني لكن موسكو تراه تهديداً لأمنها. ويضاف إلى ذلك أن الرئيس الأميركي أوباما لا يعتبر نظيراً مرجحاً لبوتين صاحب الشخصية الزئبقية وهو ما يجعل من الصعب أن يكون الاثنان علاقة شخصية قوية.

وقال عميد مدرسة الخدمة الدولية في الجامعة الأميركية في واشنطن، جيمس جولدجير «نحن ننظر إلى فترة أقل انسجاماً في العلاقات لكن أياً من الجانبين لا يريد أن تنهار الأمور». ولا يريد أوباما أن ينظر إليه على أنه يطوي صفحة إعادة ضبط العلاقات التي تصفها إدارته بأنها إحدى أهم أولوياته في السياسة الخارجية. ورغم أن الاقتصاد والوظائف سيتفوقان على السياسة الخارجية في مسعى أوباما الصعب لانتخابه لفترة ثانية فإن معاونيه يريدون أن يتأكدوا من أن جهوده على الساحة العالمية لا تزال تصب في صالحه. ويرى مرشحو الرئاسة الجمهوريون وكبار النواب أن روسيا نقطة ضعف في سجل أوباما خاصة مع عودة بوتين المتوقعة إلى الرئاسة. وتساءل السناتور الجمهوري، جون ماكين في خطاب بمجلس الشيوخ «ماذا كانت نتيجة الرغبة حسنة النية للإدارة في إعادة ما يعرف بضبط العلاقات مع روسيا؟» وأضاف «الإجابة أخشى ألا تكون سوى القليل».

ويعلق المدافعون عن نظام الدفاع الصاروخي الأميركي في الكونغرس تأييد مجلس الشيوخ لمايكل ماكفول مرشح أوباما لمنصب السفير في روسيا لمخاوف من أن الإدارة قد تدرس مشاركة بيانات فنية مع الروس بشأن الدرع الصاروخية في أوروبا.

وأقرت لجنة العلاقات الخارجية ترشيح ماكفول في نوفمبر/ تشرين الثاني. لكن السناتور الجمهوري، مارك كيرك يطالب بتأكيدات مكتوبة بألا تمكن الإدارة الأميركية روسيا من الوصول إلى تكنولوجيا الصواريخ قبل أن يصوت المجلس بكامل هيئته على ترشيح ماكفول

العدد 3383 - الأحد 11 ديسمبر 2011م الموافق 16 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً