العدد 3390 - الأحد 18 ديسمبر 2011م الموافق 23 محرم 1433هـ

صفات المبدل وأشباه المبدل

حسين محمد حسين comments [at] alwasatnews.com

.

في اللغة الإنجليزية يعتبر المصطلح «Changeling» والذي هو في الغالب مساوٍ للمصطلح العربي «المبدل»، إلا أن البعض عمم هذا المصطلح على حالات أخرى شبيهة بحالات «المبدل»، وهي حالات تعرف بمصطلحات أخرى عند الجماعات الشعبية إلا أن هناك من أعطاها مسمى «Changeling». يذكرEvans Wentz في كتابه «The FairyFaith in Celtic Countries» نوعين من الحالات التي تعتبر موازية لفكرة «المبدل» وهي عملية خطف الأرواح أو استبدالها التي تنتشر بين الجماعات الشعبية في ميلانيزيا، وعملية استحواذ الشيطان المنتشرة في بين العامة في الصين (W. Y. Evans Wentz، 1911، PP. 247 - 250). ويرى Evans Wentz أن هناك نوعاً من عملية استبدال للروح وأن الشخص المصاب قد يتحدث بلغة أجنبية غير لغته. هذه الحالات معروفة بين الجماعات الشعبية في الوطن العربي؛ ففي الخليج العربي تعرف باسم «اضْرورَة» أو «مس الجن» حيث يصاب الشخص «الممسوس» بنوبات تشنج ثم يسقط على الأرض، وتسمى هذه النوبة بالاستنزال ويقال حينها فلان مستنزل (المرزوق 1978، ص 150 - 151)، ومنهم من يقول فلان «مستدخل» أي أن الجن دخلت داخل جسمه.

أما في المغرب فهناك العديد من الصفات والمسميات لهذه الحالة حيث «تعرف بالعديد من النعوث التي تستعمل في وصف المصابين مثل «المشير» و «المسكون» و «الملبوس» و «المملوك» للجن، وغيرها... «الملبوس» بالجن، فهو في عرف المختصين أكثر أشكال الإصابة صعوبة في العلاج، فالجن في هذه الحالة يصبح مقيماً في جسد المريض، ويغطي على شخصيته كما يغطي الملبس الجسم» (وإعراب: المعتقدات السحرية في المغرب، النسخة الإلكترونية). وأكد لي عدة أشخاص من المغرب أن الشخص «الممسوس» قد يتحدث بلغة غير لغته أو لهجة مغايرة للهجته أي كما هو الحال في الصين وغيرها.


صفات المبدل

للطفل المبدل عدد من الصفات التي تميزه، بل إن هناك توقيتاً معيناً لفترة حدوث عملية الاستبدال؛ حيث يلاحظ وجود نوع من الاتفاق بين عدد من المراجع أن عملية تبديل الطفل تحدث في الغالب في الأربعين يوم الأولى من حياة الطفل، وفي البحرين يحدد اليوم الأربعين كاليوم الأكثر خطورة لحدوث عملية الاستبدال (النشابة والكبيسي 2006، ص 58)، أما في ألمانيا فيعتقد أن عملية الاستبدال تحدث خلال الستة الأسابيع الأولى وعليه يتوجب مراقبة الطفل باستمرار ومن دون أي انقطاع خلال هذه الفترة (Grimn 1877، translated by Ashliman 1998 - 2005)، وكذلك في السودان حيث يتوجب مراقبة الطفل بصورة مستمرة في الأربعين يوم الأولى لتجنب عملية استبدال الطفل من قبل الجن (Al Safi 2006، p. 69، Electronic Edition).

ومع أخذ كل الاحتياطات التي سبق الحديث عنها في الفصل السابق إلا أن المولود الحديث قد يتعرض لعملية استبدال من قبل الجن، ولا تكون عملية الاستبدال هذه ملحوظة إلا أن هناك استدلالات معينة يلاحظها الآباء وهي التي تشير لعملية الاستبدال. وتتمثل هذه الاستدلالات في عدد من الأعراض التي تظهر على المولود، وتعارفت الجماعات الشعبية على جملة من الأعراض وهي التي تعرف في العرف الشعبي بأعراض المبدل أو صفات المبدل، وهي صفات جسدية فسيولوجية وصفات سلوكية.


أولاً: الصفات الجسدية

بصورة عامة يكون الطفل البديل (ابن الجان) شبيهاً للطفل المستبدل (ابن الإنس) لكنه يبدو أقبح في الشكل من الإنسي (Munro 1997) و (النشابة والكبيسي 2006، ص51 و58)، بالإضافة لعدد من الصفات الجسدية والفسيولوجية المميزة للمبدل. وسنجمع هنا الصفات أو المميزات التي ذكرتها الجماعات الشعبية المختلفة للمبدل، وتعتبر هذه الصفات مهمة بالنسبة للكثير من الباحثين؛ لأن النظريات الحديثة التي فسرت ظاهرة «المبدل» فسرتها على أساس أن المبدل به مرض معين، ومن أكثر الكتب توضيحاً لعلاقة المرض بالجن كتاب «The good people» (Edited by Narvaes، 2nd edition، 1997) فقد خصص فصلاً كاملاً لمناقشة هذه النقطة، ويحتوي الكتاب على بحثين مهمين للباحثتين Susan Eberly وJoyce Munro. بالإضافة إلى ذلك هناك من ربط بين التوحد والمبدل (Leask et. al. 2005)، وسنناقش ذلك وغيرها من نظريات تفسير المبدل في فصول لاحقة.


مصاب بمرض أو أمراض

تتفق المراجع على أن المبدل يكون مريضاً بمرض ما، ففي مصر لم يحدد مرض معين إلا أن المبدل يوصف بأنه «فاقد لعافيته، ومصاب بأمراض عديدة... ولا يرتبط هذا الاعتقاد بنوعية محددة من الأمراض التي قد يتعرض لها الطفل في هذه السن المبكرة، فهو ينسحب على كل الأمراض؛ من تعثره في المشي إلى تأخر الكلام إلى أمراض العيون» (خضر 2008، ص 65). على نقيض ذلك فإن الجماعات الشعبية في فلسطين أكثر دقة فقد حددت صفات لمرض الطفل؛ حيث جاء في وصف المبدل أنه «لا يستطيع الحبو ولا الزحف ولا الجلوس» (Granqvist 1950، p. 102) و (شبانة 2009، نقلاً عن سرحان 1989)، وشبيه بذلك ما جاء في وصف المبدل في سكوتلاند «أنه لا يتحرك» (Scot 1883، V.2: p. 317).

أما النساء في مالطا فهن أكثر تحديداً من غيرهن فعادة ما يكون المبدل عندهن هو الطفل الذي يصاب بمرض كلازار (Kala azar) أو الحمى السوداء الذي يسببه طفيل الليشمانيا (Pullicino 1992، p. 78).


عدم النمو أو هزيل الجسم

من صفات المبدل التي تذكرها الجماعات الشعبية أنه لا ينمو، ففي مصر تزعم العامة أن جسم المبدل يبقى صغيراً مهما تقدم في العمر (El-Shami 1982، P. 180)، أما في فلسطين فيوصف المبدل على أنه هزيل الجسم «مثل العصا» (Granqvist 1950، p. 102) و (شبانة 2009، نقلاً عن سرحان 1989)، أما في الدول الأوروبية عامة فمن صفات المبدل أنه يبدأ جسمه يهزل بصورة واضحة، ففي سكوتلندا من صفات المبدل أنه يبدأ يهزل حتى يصبح كالهيكل العظمي (Munro 1997، Gregor 1881، p. 61، Scot 1883، V.2: p. 317).


كبير الرأس والأسنان

في البحرين هناك مدلولات معينة لأسنان الطفل، فيذكر النشابة والكبيسي في كتابهما أن العامة «تتشاءم» عندما يولد الطفل وله أسنان، وكذلك تتشاءم عندما تظهر قواطع الفك العلوي قبل قواطع الفك السفلي (النشابة والكبيسي 2006، ص 62 - 63). وبحسب ما ذكرنا في الفصل السابق فالمرجح هنا أن كلمة «التشاؤم» كانت في الأساس تدل على أن هذه الصفات كانت من صفات المبدل؛ فظهور الأسنان وكبر حجمهم هي من صفات المبدل، ففي مصر من مميزات المبدل أن تظهر له أسنان في سن مبكر، قبل تجاوز سن الأربعين يوم (El-Shami 1982، P. 180). وتشير بعض المراجع على أن من صفات المبدل في عددٍ من البلاد الأوربية أنه يكون كبير الرأس بالنسبة لجسمه، ورأسه صلب، وأحياناً يوصف كذلك أن عنقه صلب أيضاً، وأن من مميزات المبدل أيضاً أن أسنانه كبيرة (Eberly 1997، Munro 1997). وعلى نقيض ذلك ففي فلسطين تزعم العامة أن من مميزات المبدل كبر حجم فمه وتساقط أسنانه (Granqvist 1950، p. 102) و (شبانة 2009، نقلاً عن سرحان 1989).


تخلف عقلي ولغوي

تتفق عدد من المراجع على أن المبدل يكون متخلفاً عقلياً (Eberly 1997)، وأنه لا يتكلم أو أنه يواجه صعوبات في تعلم اللغة (Scot 1883، V.2: p. 317، Munro 1997).


ثانياً: صفات سلوكية

من مميزات المبدل الشائعة بين الجماعات الشعبية أنه كثير البكاء، ولا يسكت ليلاً ونهاراً (Munro 1997)، وصفة أخرى وهي كثرة الأكل، وهي توصف بجمل مختلفة بين الجماعات الشعبية، ففي قصة حسن الشامي عن المبدل في مصر يصف معدة الطفل المبدل بأنها كقناة الري المفتوحة وأن المبدل يأكل أي شيء وهو لم يتجاوز سن الأربعين يوم (El-Shami 1982، P. 180)، وفي فلسطين يوصف المبدل أنه مهما أكل لا يشبع (Granqvist 1950، p. 102) و (شبانة 2009، نقلاً عن سرحان 1989)، وكذلك في العديد من البلدان الأوروبية يوصف المبدل بأنه كثير الأكل ويأكل ولا يكتفي (Munro 1997)

إقرأ أيضا لـ "حسين محمد حسين"

العدد 3390 - الأحد 18 ديسمبر 2011م الموافق 23 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً