العدد 2484 - الخميس 25 يونيو 2009م الموافق 02 رجب 1430هـ

خزفيو البحرين يعيدون أمجاد حرفة الأجداد

في معرضهم السنوي السادس بمركز الفنون

يقف الإرث التاريخي الذي حظيت به البحرين منذ سنين طويلة في صناعة وتشكيل الأواني الفخارية والخزفية كدعامة راسخة توجه مسيرة فناني البحرين من المهتمين بفن الخزف، وهو الأمر الذي جعل من تجاربهم المرتبطة بماضٍ عريق، ذات أصالة خاصة في النوعية والأسلوب، وحداثة اكتسبت عبر تجارب هؤلاء الفنانين المستمرة، وتنامي الحس الفني الحديث في المنطقة.

جمعية خزافي البحرين، صاغت من ذلك الإرث وتلك اللمسة الفنية المبتكرة مجموعة أعمال بأيدي الأعضاء والفنانين، لتقدمها للجمهور من خلال معرضهم السنوي السادس الذي أقيم يوم الإثنين الماضي بمركز الفنون، والذي أنابت وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي بنت محمد آل خليفة مدير المسرح الموسيقى بقطاع الثقافة والتراث الوطني عبدالقادر عقيل لافتتاحه.

الجمعية قدمت نتاج أعضائها المتميز والمتنوع في أساليبه وتقنياته، سواء على صعيد الموضوع أو اللون أو أسلوب الحرق، وهي مجموعة المرتكزات الأساسية لفن الخزف.

عضو مجلس إدارة جمعية خزافي البحرين عبدالإله البوسطة تحدث عن تجربة الأعضاء المقدمة في المعرض قائلا: «هناك الكثير من الأمور المستجدة والتي يطرحها الأعضاء في هذا المعرض، فعلى سبيل المثال، لو أخذنا اللون مثلا، فإن كل فنان قام بتحضير اللون لوحده، وكذلك فكرة العمل تكونت من ذات الفنان نفسه، وبين فترة وأخرى كان الفنانون يأتون بأساليب معينة ومتغيرة، إذ من المفترض كي يتميز الفنان ويعرف من خلال تقديمه لهذا الأسلوب أن يجرب أكثر من أسلوب حتى يصل إلى تقنيته الخاصة، وكذلك بالنسبة للألوان (الغليز)، فكل مجموعة لها محاولة في اللون».

وعن تجربته الخاصة في هذا المعرض التي يقدمها، يقول عبدالإله «هذه السنة بالنسبة لي حاولت تغيير اللون ووضع اللون بشكل جديد، رغم أن الفكرة لا تزال بحاجة لممارسة وتجارب أكثر، إلا أنني قررت تقديمها للاستفادة من مختلف الآراء، إذ حضرت اللون وحضرت معه أشياء معينة وأضفتها ثم وضعتها بعد الحرق الأول ليخرج لي لون خاص». مضيفا «لو سألتني فيما لو نجحت في هذه التجربة فإنني أعتقد بأن هذه التجربة تحتاج لمحاولات وتجارب أكثر ليأخذ العمل ذاته وحريته أكثر، وهي ما أحببت أن أعرضه حاليا في المعرض، رغم أنني مازلت في طور البحث عن الجديد في مجال اللون».

وقدم عبدالإله البوسطة عددا من الجداريات، إلى جانب مجموعة من الأعمال المجسمة ذات الأبعاد الثلاثية، متحدثا عن ذلك أن «الأعمال الجدارية كان لها الجزء الأكبر من تركيزي، وأحببت أن أخرج بنتيجة من هذه التجربة، لأن التجارب فيها أكثر من تجارب الآنية، وخصوصا أنني مشيت لفترة في الآنية وقمت بتحريفها والحذف عليها، أما بالنسبة للجداريات، فقد بدأت بجداريات صغيرة، ووصلت لجداريات في هذا المعرض فيها تغيير عن الواقع والموضوع السابق».

وتحدث رئيس جمعية خزافي البحرين عبدالكريم البوسطة، وهو الفنان البحريني القدير، ذو النشاط المتميز في مجالي الرسم والخزف والتصوير عن نشاط العمل الخزفي بالقول «الخزف جزء من فن الرسم، لأن الفنان يستطيع أن ينحت ويشتغل في الخزف ويرسم، فنحن في مجال الخزف نجد متعة وبحثا عميقا وخاصة أننا نتعامل مع مواد قابلة لأن توضع في الفرن، ومن خلال وضعها في الفرن تبدأ التقنية».

ويضيف «قبل التقنية تبدأ عملية وضع الفكرة؛ لأن الموضوع يحتاج إلى البناء، وحينما تركب عمل من الأعمال، الصياغة تقوم على إيماءات من الحياة، فمثلا، نحن تعودنا على أن تكون الآنية مثلا بأبعاد ثلاثية معروفة، ولها أيضا بعدان متوازيان لا يختلفان عن بعضهما، ولكننا في الخزف نكسر هذه المسألة وندخل في شيء اسمه المسطح، وكيف نبني هذا المسطح وفق بناء، ومع هذا البناء نوظف تقنيات متعددة منها الملمس والتركيبة والمحافظة في الشكل على الفراغ والتكوين، فيصبح الشكل نفسه بما يحيطه متكامل مع بعضه، فلو فرضنا أن شخصا قام بعمل شكل مربع، فيصبح المحيط معروفا بالزوايا الأربع والأضلاع، ولكن في الخزف نحن نكسر المسألة وندخل شيء من الانحناء الداخل على مساحة المربع بحيث يصبح فيه نوع من السالب والموجب، لتصبح هناك علاقة في التكوين بين رؤية تشاهد وحواس تدرك معان متعددة تحس فيها أمور كثيرة من ناحية الحياة، لأن أهم ما في الفن والقطعة الفنية هو بناؤها بشكل من الواقع ولكن بشكل لا يخضع للواقع بصورة دقيقة، وإنما يعطي نوعا من الانحراف والتغيير والتجديد ولكن يحافظ على أمانة الشيء نفسه».

عبدالكريم البوسطة وجد أن هناك خصوصية أخرى في التعامل مع الخزف بشتى أبوابه، إذ إن المسارات «تعطي في النهاية شكلا يحتوي معاني، العين نفسها تدركها وتتحسسها وتعيش صفاتا معينة منتقاة من ناحية إدراك الفنان بواقع الحياة ويخضع حول ثقافة الفنان العامة؛ لأنه من خلال ثقافة الفنان يمكنك أن تحس رأسا أن العمل معمول بطريقة نقية وواضحة لمفهوم عميق في ذات الفنان نفسه، ومن الجائز أن لا يدرك المتلقي الشكل المهيمن أمام عينه، ولكن من خلال حواره مع الفنان يمكن للفنان أن يوصله إلى درجة من الإدراك، وذلك بالخصوص في الفن الحديث المعاصر، سواء في الخزف أو الرسم، إذ نبحث دائما عن الغرابة، لأنها أساس وسر الفن، فعندما يكون الشيء غريبا وسلسا، تستطيع النفس التفاعل معه، وتحاوره العين وتسمعه من خلال معطياته، وهو الغرض الأساسي الذي يريد الفنان إيصاله للآخر، لأن أية قطعة فنية لا تشعر بها من خلال قراءة معينة فهي قطعة جامدة، وهذا ضياع للوقت.

ومن بين المشاركين في المعرض، كان الفنان حسن السعيد ذو الأسلوب الجديد الصارخ بين باقي الأساليب الفنية المقدمة، وذلك بتحضيره لعدة ثقافات تاريخية قديمة ضمن مجموعة أعماله قد وجد في تجربته الأولى في هذا المجال أمرا مميزا، متحدثا بالقول «أعمل أساسا في فنون التلوين، من الرسم والتصوير والهندسة المعمارية، وكانت مشاركتي في دورة مع الفنان عبدالكريم البوسطة سببا في دخولي لهذا المجال، ونتيجة لتعلقي بفن الهندسة المعمارية ودراستي في الحضارات ورسمي لها، حاولت أن أنقل هذا الجو وحضارات منطقة الخليج، وأجزاء منها، قمت بتركيبها مع حضارات كانت في الجهة الأخرى من الكرة الأرضية، مثل حضارة الإزتيك والأنكا والمايا، في أميركا الوسطى، واخترت أجزاء وعينات من تلك الحضارات، وحاولت أن أقدمها في نماذج يمكن تركيبها مع حضارات الخليج من السومرية والبابلية والدلمونية والاخنينية، فكانت أعمالي جزءا من تراث تاريخي لحضارات أحاول تقديمها في البحرين، بحيث أنقل هذه الأجواء من كل تلك الحضارات في نوع من القالب والجدارية تتكون من القطعة الواحدة».

العدد 2484 - الخميس 25 يونيو 2009م الموافق 02 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً