العدد 3401 - الخميس 29 ديسمبر 2011م الموافق 04 صفر 1433هـ

الديمقراطية الأوروبية والانقلاب المالي (1 - 3)

من الواضح أن الاتحاد الأوروبي غير قادر على استجماع الإرادة السياسية الكافية للتصدّي لأوضاع السوق وإيجاد حل للأزمة. فحتى الآن، تم تبرير سلوك الزعماء الأوروبيين المؤسف على أساس انعدام كفاءتهم.

ومع ذلك، فإن هذا التقييم (وهو الصحيح) لا يعد كافياً، ولاسيما بعد «الإنقلابات المالية» الأخيرة التي نسفت التصوُّر المعتاد للديمقراطية في اليونان وإيطاليا. فما يحدث لا يتعلق بإنعدام الكفاءة بقدر ما بتعلق بتواطؤ نشط مع الأسواق.

ولكن ماذا نعني بـ «الأسواق»؟ إنها تجمُّع البنوك الاستثمارية، وشركات التأمين، وصناديق التقاعد، وصناديق التحوُّط التي تشتري وتبيع أساساً أربعة أنواع من الأصول: العملات، والأسهم والسندات السيادية، ومشتقاتها.

وكي ندرك قوَّتها الجبَّارة يكفي أن نذكر رقمين: يولّد الاقتصاد الحقيقي (إنتاج السلع والخدمات) في جميع أنحاء العالم ما يقارب من 45 تريليون يورو في كل عام، وهو إجمالي الناتج المحلي العالمي. وفي الوقت نفسه، تحرك الأسواق 3450 تريليون دولار من رأس المال، وهو ما يماثل 76 ضعفاً لمجموع الإنتاج للاقتصاد الحقيقي.

والنتيجة هي أنه لا يوجد اقتصاد وطني، مهما بلغت قوته (ينبغي ألا ننسى أن إيطاليا هي ثامن أكبر اقتصاد في العالم) يمكنه أن يقاوم هجوماً من الأسواق إذا قررت أن تشنَّ هجوماًَ منسقاً على ذلك الاقتصاد. وهذا هو ما تفعله الأسواق منذ أكثر من عام الآن ضد البرتغال وإيطاليا واليونان وإسبانيا.

والأسوأ من ذلك، على عكس ما كان متوقعاً، هو أن هذه «الأسواق» ليست بقوات غريبة انقضّت من مرتفعات بعيدة للهجوم على اقتصاداتنا المحلية؛ بل إن غالبيتها العظمى هي من مصارفنا الأوروبية (وهي المصارف نفسها التي وافقت دول الإتحاد الأوروبي على مساندتها بأموالنا في العام 2008). وبعبارة أخرى، فإن المشكلة ليست الهجوم واسع النطاق على منطقة اليورو من قبل أموال الولايات المتحدة، والصين، واليابان، أو الأموال العربية.

ما يحدث هو في الأساس حرب من الداخل بقيادة المصارف نفسها، وشركات التأمين، وصناديق المضاربة، وصناديق التقاعد والمؤسسات المالية الأوروبية. هذه هي الكيانات التي تدير الأموال الأوروبية، وتمسك بالجزء الأكبر من الديون السيادية الأوروبية.

إغناسيو رامونيه

رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك» الإسبانية.

وكالة إنتر بريس سيرفس

العدد 3401 - الخميس 29 ديسمبر 2011م الموافق 04 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً