العدد 3401 - الخميس 29 ديسمبر 2011م الموافق 04 صفر 1433هـ

طوبى للأطباء بدمائهم

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

رأيتُهم ولم أصدق ما رأيت في زمن العتمة القسرية التي نعقت مع البوم فوق أغصان الجزر...

رأيتُهم ودماءهم تهدر صافية من أجل الآخر الذي لم يعرف معنى الدم ويصون حرامه...

رأيتُهم وأُفقهم بيتٌ ممنوحٌ للحب والسكينة لكل الناس بلا لون...

رأيتُهم والواحد منهم بات يترنم بكلمات شاعر الأمس الحقيقي:

«أتدثرُ مثل العصفور البردان بأوراقي

فأنام ويسهرُ في جسدي وهَجَ الآهات

وتعزف في شفتي لُجج الكلمات»

رأيتُهم في صبيحة يوم دُعينا له «مسجاً»

فلبينا الدعوة علناً زرافات ووحدانا

لم نفكر للحظة إلى من سيصل دمنا ويعيش به... هل هو صديق أم العكس؟ غريب أم مواطن؟ أختلف معه أم أتفق؟ منافق أم صادق؟ معي أم ضدي؟ لأننا نعلم بعلم من «سُرج الظلمة» في زمن العتمة القسرية، أننا ما نحن إلا من مكونات هذه الحياة المؤقتة لمساعدة كل بني البشر، وأن الدار الآخرة هي الحيوان لو كان غيرنا يعلم. ولذا فالمولى رسم لنا هذا الطريق الإنساني النبيل وأكدت عليه تعاليم «سُرج الظلمة» وهم خير المعلمين.

هذه خواطر شعت في يوم غير عادي وأنا أرى أهل بلدي من الأطباء بالذات وهم يتبرعون بدمائهم في حملة الإمام زين العابدين للتبرع بالدم كما هي بقية الحملات في مثل هذه المناسبات الدينية العظيمة. دم الأطباء وغيرهم يذهب لإنقاذ حياة إنسان ما، أي إنسان، فعند المحنة وربي نحتاج للُحمة، وهو ليس مناً ولا منحة، بل هو سلوك ومنهاج تعلمه الجميع من أنوار «مصابيح الهدي».

رأيت أؤلئك الأطباء والممرضين الذين ارتسمت على أجسادهم مباضع الجلاد، في لحظات القهر، وهم ملائكة الرحمة... الذين سُحلت خدودهم وأُدمعت عيونهم التي طالما سهروا بوهجها أمام أسرة المرضى من كل طيف ولون...

رأيتُهم وهم مازالوا يجدون المسير يومياً من موقع لآخر أمام وزارة وأخرى للمطالبة بحقوق أُهدرت يوم عششت الخفافيش في بطون الكلام والنفوس فصارت أوكاراً للغيبة والنميمة والتخوين ونبذ الآخر وهو ليس من نسيج تربيتنا على هذا التراب الطهور...

رأيتُهم وهم يبذلون دمهم في حملة التبرع من أجل كل الناس في الجزر ولسان حالهم يترنم بعبق هذه الكلمات:

«أنا هذي القطرة،

أزهرت النهرَ الشائخَ،

أصبحتُ محيط بنفسج»

فطوبي لأطبائنا وممرضينا حمائم السلام وملائكة الرحمة لا شك في سماء العتمة القسرية، وكفي بهم فخراً

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3401 - الخميس 29 ديسمبر 2011م الموافق 04 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:22 ص

      ما أسماهم وانبلهم

      طالما كانت النظرة لهم انهم طماعين يستثمرون بالعيادات لاجل الدراهم والدنانبر لكن هذه الازمة كشفت معدنهم الانساني بحق فلابد ان نطلق على هذه السة سنة اطباء الرحمة

    • زائر 1 | 1:59 ص

      تسلم

      اللة انور عليكم يا اصحاب الاقلام العظيمة انتم مع اللة هنيئن لكم

اقرأ ايضاً