العدد 3418 - الأحد 15 يناير 2012م الموافق 21 صفر 1433هـ

أسرجوا الخيول وألقِمُوا بنادقكم ببارودها فالحرب قادمة

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إن ترَكَ الغرب إيران فذلك كارثة. وإن ضَرَبَها عسكريّاً فتلك كارثة أيضًا. وإن وارَبها أو هادنها فهي تريد منه أكثر مما يحتمل هو. وإن حاصرها، فسيبقى يحاصرها إلى أن يأذن الله. هذه هي المشكلة باختصار. إن ترَكها فستتمدَّد سياسيّاً وستتضخم عسكريّاً مثلما فعلت. وإن ضرَبَها فهي كالزائدة الدودية ستسَمِّم الجميع بمن فيهم الغرب نفسه ومصالحه الحيوية في المنطقة. وإن صالحها فهي لا تريد أن تكون تابعة له، بقدر ما تريد أن تكون نِدَّا ورأسًا تقول مثلما يقول، وتفعل مثلما هو يفعل، وتستحوذ مثلما هو يستحوذ. وإن فرَضَ عليها العقوبات فإنه يعيد سناريوّاً كلاسيكيّاً مضى عليه واحد وثلاثون عامًا من دون فائدة.

ترَكَ الغرب إيران فتسوَّرت بالسلاح التقليدي صناعة وتسويقاً وتجريباً، وتمدَّد نفوذها في الشرق وفي المنطقة عبر الملف الفسلطيني والعراق ولبنان، وفي أميركا اللاتينية راكبة موجة اليسار الجديد الذي وصل إلى السلطة، وفي إفريقيا عبر أزماته الاقتصادية. جرَّب أن يضربها فساعدت على قتل 4484 جنديّاً أميركيّاً في العراق، وجرح أكثر من 32 ألفاً آخرين. وجنَّدت قلب الدين حكمتيار، وآوت قيادات تنظيم «القاعدة» على أرضها بعوائلهم وساندت قوات حركة طالبان لضرب حلف الناتو في أفغانستان فخسر الحلف 600 قتيل من قواته، وآلاف الجرحى. أراد أن يهادنها فاختلفا على الأوزان والنفوذ. فالأميركيون يريدون من طهران أن تكون إحدى مكعبات الصورة لوجه المنطقة، والإيرانيون يريدون أن يكونوا هم الصورة كلها. فرض عليها عقوبات قاسية في العام 1981 والعام 1986 والعام 1988 والعام 1996 والعام 2002 والعام 2005 والعام 2007 و2009 لكن الأمور لم تمضِ كما يجب أن تكون ولم يسقط النظام.

اليوم، تخطو الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي خطوة جريئة جدّاً إن هما مضيا فيها، وهي فرض حظر على واردات النفط الإيراني. المشكلة في ذلك تكمن في مدى التزام الحلفاء بها، فإن استطاعا أن يتغلبا عليها فسينجح المشروع وبنتائج جيدة. السوق الأوروبية من أكبر الأسواق المستوردة للنفط الإيراني بواقع 500 ألف برميل يوميّاً من أصل مليونين و600 ألف برميل هي مجمل الصادرات النفطية لطهران باتجاه الاستهلاك العالمي. اليونان تستورد ربع حاجياتها من النفط الإيراني طلبت تأجيل القرار مدة عام. إيطاليا وإسبانيا، المستوردان الأكبر للنفط الايراني، طالبتا بتأجيل القرار نصف عام، ودفعت بشركاتها النفطية الكبرى، لأن تمدِّد غالبية صفقاتها في مجال الطاقة مع إيران للعام 2012 وكذلك الحال بالنسبة إلى سويسرا التي يأتيها الغاز والنفط الإيرانيان مرورًا بالأراضي التركية.

أما في الشرق؛ فقد طلبت كوريا الجنوبية والصين والهند وروسيا استثناءها من العقوبات، في حين تردَّدت اليابان في الـ 10 في المئة التي تستوردها. أما تركيا التي تستورد 40 في المئة من حاجياتها النفطية من إيران؛ فقد قالت: «إنها لا تشعر بأنها ملزمة بأي عقوبات أحادية أو جماعية». لكن الشيء الأبرز من كلّ ذلك هو تشكيك السيناتور الجمهوري الأميركي مارك كيرك، أحد عرَّابي حزمة العقوبات الجديدة على طهران، في مدى التزام الرئيس باراك أوباما بها، وخصوصًا أن أوباما قال خلال توقيعه قانون العقوبات الأخير، إن بعض مواده «ستتعارض مع سلطته الدستورية في إدارة العلاقات الخارجية»، وأنه سيتعامل معها «بوصفها غير ملزمة».

ليس ذلك فحسب، بل إن المشروع في حال نجاحه (افتراضًا) يبقى مرتبطًا برد الفعل الإيراني. إذاً ما هو الحل يا ترى لهؤلاء الإيرانيين؟ نأتي لخيار الحرب الذي بات يُطبَّل له بجديَّة هذه الأيام. الإيرانيون هدَّدوا بإغلاق مضيق هرمز إن تعرضت تجارتهم النفطية للضرر.هنا، يجب أن نقرأ المشهد جيدًا. فمضيق هرمز تكمن استراتيجيته الاقتصادية في مرور 40 في المئة من نفط العالَم، وأهميته الجغرافية في عنقه الذي لا يتجاوز الـ 10.5 كم. وبالتالي فإن ضرر غلقه يصبح كارثيّاً.السؤال هنا: هل يستطيع الإيرانيون أن يغلقوا المضيق مثلما هدَّدوا؟ الروس قالوا إن الإيرانيين يستطيعون ذلك. لكن وبعيدًا عن ذلك الرأي الروسي؛ فإن إغلاق هذه المنطقة وزعزعتها واضطرابها هو في حد ذاته مشكلة، في الوقت الذي تمرّ فيه ناقلة نفط واحدة كل ست دقائق.

بمعنى أن الإيرانيين، قد لا يستطيعون أن يغلقوا المضيق بمزلاج قوتهم العسكرية إلى ما لا نهاية، نظرًا إلى تواجد قطع عسكرية من البحرية الأميركية والبريطانية في مياه الخليج العربي، إلاَّ أنهم (الإيرانيون) قادرون على تحويل المضيق إلى بؤرة توتر، ومساحة جغرافية غير آمنة بالألغام العائمة والزوارق الحربية الصغيرة، وهو ما سيشعل أسعار النفط من جهة، وستجعل من عقود التأمين على النفط غير محتملة، الأمر الذي سيؤثر على أسعاره كذلك. فالنفط ليس فقط مادة خام يتم إخراجها معبأة من منطقة الخليج العربي وعبر مياهه، وإنما هناك شركات للتأمين تقوم بتأمين عبور الناقلات وسلامتها، وبالتالي فهي شريك رئيسي في عملية العبور في أعالي البحار والتسويق والوصول إلى الموانئ التجارية بسلام، سواء عبر تأمين جميع الأضرار التي تتعرض لها السفن، أو الأضرار الناشئة للغير، أو تغطية جميع الأخطار الناتجة عن أعمال حربية كالألغام والقتال البحري.وهي كلها محاذير يأخذها المشرعون والسياسيون والاقتصاديون عند وضع أيّ خطط مواجهة. (للحديث صلة)

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3418 - الأحد 15 يناير 2012م الموافق 21 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 11:53 ص

      فاتورة حرب الغراق 400 مليار

      بعد الهزيمه التي منيت بها الولايات المتحده في افغانستان والعراق وفاتوره حرب العراق لوحدها كما يقر الامريكان 400 مليار فاتورة كسرت العمود الفقري للاقتصاد الامريكي وزاد عدد الشحاتين الى اكثر من الضعف واكيد فاتورة حرب ايران ستكون عشره اضعاف فاتوره العراق اما الخسائر البشريه فحتما تكون اعداد في خانه الخمسة اصفار لا امريكا ولا من ينوي الحرب عنها بلنيابه يجازفون ببدء شراره الحرب وكفايه ايران منعت حامله طائرات امريكيه من دخول الخليج وهذا ما لم يسطع فعله غريمتها الازليه روسيا في اوج قوتها

    • زائر 21 | 9:48 ص

      لحظة

      مقال جميل .. ايران ليست كالمغفله حتى تدفن وهي حيه .. الى متى هذا الطاعوت يعيث في الارض فسادا .. لقد دمر العراق وافغانستان وغيرها والكل ساكت .. هل الى ان تستولى ع العالم باجمعه .. يجب صفع امربكا حتى تدرك ان الدول ليست سواسيه والتقدم حق للجميع دون دول اخرى .. فلدا دعوا ايران في شانها .. لا نريد حروب .. الا يكفى ما نعايشه نحن .. اذا الدول الخليجيه تبغى تثبت مقاعدها خلها في حالها لا تدخل مع صراعات عالميه .. ايران تواصل التطور والاعتماديه ع نفسها ع عكس دول المنطقه

    • زائر 20 | 8:08 ص

      ما ننسي الجيران

      افا عليكم ولا يهمكم النبي (ص) اوصي بسابع جار بس تأكيد علي كلامه احنا بنروح الي ابعد جار واحنا اخوه في الاسلام ....

    • زائر 19 | 7:46 ص

      لا صفارات بتنفع ولا عيوش !

      يتراوالي هلمرة الحرب بتخرب المنطقة كاملها يعني بتروح علينا كلنا... لكن لمريكان بعيد عنا يعني مابصيدهم الخراب مثل الي بيصيدنا

    • زائر 18 | 5:14 ص

      تعقيدات المعركة

      لا اتوقع ان الحرب يمكن ان تنشب بسبب تعقيدات المعركة

    • زائر 10 | 2:01 ص

      رد لرقم 3 وثم لرقم 1

      إذا قامت الحرب لا سمح الله، بتروح عليك هذه المشتريات بل حتى فلوس المشتريات ستأكلها نيران الحرب وستدمرها الإشعاعات النووية. بس خلنا نتحاطط ونبني لنا ملجأ يحمينا من دمار الحرب. فعندما تصفر الصفارات التي ذكرها رقم 1 لا بد أن يكون هناك ملجأ مناسب يحمي المواطنين ضد الإشعاع النووي وإلا ستكون تلك الصفارات فارغة الفائدة!!!!

    • زائر 9 | 1:44 ص

      أبو أحمد

      لا تنسى أخوك إطرشله يومين صحن من عندك

    • زائر 7 | 1:08 ص

      الاكل ...ثم الاكل

      اكو شريت 10 جواني عيش قيمتهم تقريبا ب 200 دينار وشريت 10 جوارتين دجاج وخزنتهم وشريت بيض وحليب وطحين واغراض تكفينا لمده سنه علي الاقل وجبت لينا سكس ويل حطب (يمكن ينقطع الغاز) حق الطبخ ....طبول الحرب بانت

      ابو احمد

    • زائر 3 | 12:16 ص

      العبقرى !

      كنت اسمع صفة العبقرى ولكن كانت من الصعب فهمها و لكن اليوم عرفت معنى العبقرى . ببساطه نستطيع ان نقول انت عبقرى و بمقدورك أن تتوزع و تنتشر عبقريتك مثل ديدان السواحل.

    • زائر 1 | 10:47 م

      لقد أجرينا بنجاج تجربة صفارات الإنذاز الجديدة.. هذا الذي علينا..

      أسرجوا الخيول وألقِمُوا بنادقكم ببارودها فالحرب قادمة..

اقرأ ايضاً