العدد 3428 - الأربعاء 25 يناير 2012م الموافق 02 ربيع الاول 1433هـ

داخل الوطن... خارج الطائفة

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في كتابه الذي صدر مؤخراً، يصف الناقد والكاتب علي الديري كتابه بأنّه «سيرة ذاتية في تشكيلي، في صراعاتي الذهنية، في خروجاتي من الطائفة. الطائفة كتكوين ذهني... كيف تكوّن الفرد ليكون مؤمناً بقيم معينة، وعقائد معينة، وأفكار معينة، وكيف يمكن أن يكون الإنسان ذاتاً حرة مستقلة حين يخرج من مسلّمات الطائفة. تستطيع أن تكون جزءاً من مدينة وجزءاً من دولة»، بهذه البساطة، وهذا العمق، تتكون لدينا الحاجة للخروج من طوائفنا، بعد الصراعات الوهمية التي خلقها التقوقع داخل الطائفة، والقبيلة، هذا التقوقع الذي وصل حد الإغارة على المناطق السكنية لطوائف أخرى، وتحطيم الممتلكات، وإعاثة الفساد، كما حدث في عالي قبل يومين، وفي دار كليب قبل ذلك.

التحشيد الطائفي الذي تمارسه بعض الجماعات لخلق حالة من الصراع والفوضى، وصنع حالةٍ وهميةٍ من صراع الطوائف الذي لم تخلُ منه دولة من دول الربيع العربي، هو أمرٌ لا يمكن أن يكون إلا منعطفاً خطيراً ننزلق إليه في محاولة الصعود إلى حل جذري للصراع القائم بين المطالب الشعبية، والأنظمة التي تسترق بعضاً من الوقت الإضافي للبقاء.

البحرين لم تكن يوماً بمنأى عن صراع الطوائف الذي بدأ منذ الخمسينيات لدواعٍ سياسية، وأعيد تكرار ذات السيناريو عند تجدد مطالب الشعب مطلع فبراير الماضي، ويبدو ذلك عملاً غير وقور إذا أخذنا بالاعتبار عدم تشدد معظم الشعب دينياً، وانفتاحه وميلانه لليبرالية الفكرية أمام التدين السياسي الذي يسوّق له عبر عدة خطب يستشعر المتابع لها أن ملقيها شخص خارج من التاريخ، وعالق في الطائفة.

نحن عالقون اليوم في صراع بين طرف له مطالب عادلة وسلمية، وطرفٍ مطالبه تختصر في التصدي لمطالب الآخرين، على أساس طائفي، ومخاوف طائفية، وصراعات وهمية خلقت لتوفير بعض الوقت الذي لا يستمر طويلاً قبل أن تتأجج الأزمة. شعبنا بحاجة للمصالحة، للجم الأيدي العابثة، وإيقاف الغارات شبه اليومية على مناطق السكن، نحن بحاجة أن نكون خارج طوائفنا، أن ننسلخ من هذا الجلد المهترئ الذي لبسناه طويلاً دون أن نلتصق به، وأن يكون خيارنا داخل الوطن خارج الطائفة. موجعٌ أن يسير البلد بمنطق الطوائف والقبائل.

تراكم الأخطاء ليس من مصلحة أحد، حتى الدول تدفع فواتير ضخمة للإصلاح إذا استمر تضاعف الأخطاء، لا نريد أن تكبر فاتورة الوطن. نريد وطناً يحتضن الجميع، منسلخ الطائفة سياسياً، وأن نرتقي بتقييم الأمور خارج إطار الطائفة الضيق. أن نتحد ونبلور مطالبنا بمقاس احتياجاتنا لا بمقاس طوائفنا واصطفافاتنا المذهبية. أن نكون وطنيين خيرٌ لنا من أن نكون طائفيين، فالتاريخ لن يرحم سوأتنا هذه أبداً

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3428 - الأربعاء 25 يناير 2012م الموافق 02 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 4:25 م

      كتاب مفيد للمالكي رئيس وزراء العراق

      على المفكر الذهاب الى العراق و اللقاء محاضرة بهذا الخصوص على رئيس وزراء العراق نوري المالكي و قائمة دولة الا قانون

    • زائر 20 | 2:26 م

      جيفري

      أختي الاستاذة مريم أبو دريس

      مقالاتك جداً محترمة ولكن ليس بأستمرار تطرحين مواضيع ....

      بصراحة جريدة الوسط تقدم نجاحات كثيرة ومنها الكتاب، فنجد أن الذكور والأناث بنفس المستوى

      أتمنى لك التوفيق أنتي والاستاذه القديرة سوسن دهنيم والاستاذ هاني الفردان والعميد قاسم حسين

      شكراً لك ياإبن النبلاء سعادة الدكتور منصور الجمري

      شكراً لك يا بنت الشرفاء الاستاذة مريم الشروقي

      شكرا لكم شكرا لكم شكرا لكم

    • زائر 19 | 12:53 م

      لن تنطلي

      لن تنطلي على العقلاء والعارفين والوطنيين

      انها ليست طائفية هي بين من يريد الاصلاح ومن يصر على الفساد والظلم

      البستموها ثوبا غير ثوبها

    • زائر 18 | 6:07 ص

      في الغربة وقلبي في الوطن

      نريد ان يكون الوطن وطن للجميع ليس هناك تفرقة من حقي ان اكون مساوي لك في الحقوق وقبلها الواجبات من حقي ان أتمتع بحقوقي من حق ابناي ان يعيشوا بحرية متساوية مع الجميع من حق أطفالي ان ينعموا بخيرات الوطن لا ان يسمعوا عنها فقط

    • زائر 13 | 3:49 ص

      good luck

      عزيزتي الكاتبه
      الخير في جيلكم عسى يقدر يتخطى هالازمه وياريت تكتيبن اكثر وكثر لان اللى في عمرج اختلط عليهم الامر والحين يبقى الاكثار من هذا النفس ومحاوله انقاذ مايمكن انقاذة وعساج ع القوة

    • زائر 11 | 3:32 ص

      إلى المعلق رقم 3

      معك في كل ما ذهبت إليه، ولكن أيضا مطلوب نبذ دعوات العنف جميعها وبصدقية وجدية، فاي احتراب واحتراب مقابل له سيؤدي إلى حرق البلاد أكثر مما هي عليه، ولهذا لا مجاملة في هذا الشأن نحتاج إلى الحلم عند الغضب؟؟! يجب أن يتوقف حرق التواير والمتاريس وسكب الزيت والأذخنة السوده تماماً كما طلق النيران وغازات مسيل الدموع السامة. الوطن يحتاج للعقلاء لا المتطرفين من كل الأطراف، لنزيد منسوب التعقل وصدق دعوات السلمية لا التدميرية بأي شكل من الأشكال.

    • زائر 10 | 2:49 ص

      لتوفير بعض الوقت الذي لا يستمر طويلاً قبل أن تتأجج الأزمة

      نحن عالقون اليوم في صراع بين طرف له مطالب عادلة وسلمية، وطرفٍ مطالبه تختصر في التصدي لمطالب الآخرين، على أساس طائفي، ومخاوف طائفية، وصراعات وهمية خلقت لتوفير بعض الوقت الذي لا يستمر طويلاً قبل أن تتأجج الأزمة.

    • زائر 7 | 1:53 ص

      بمحبة يا مريم

      عزيزتي مريم
      أقرأك بسعادة، واصلي الحفر والكتابة الجادة والناقذة، واصلي فالبحرين تحتاج إلى أقلام وسواعد تصلح ما فسد واهترئ وانت الشباب والغد وحتى نرقى بثقافة الوطن ونضيف..نحتاج للتغريد بعيداً عن كل أنواع الطوائف المذهبية والإيديولوجية وطوائف الفساد وإفساد الذوق العام، والأهم عن طوائف تخريب الكتابة الصحفية والإبداعية..أهلا بالدماء الحية الجديدة الشغوفة بالاطلاع والمعرفة
      محبتي
      منى عباس فضل

    • زائر 5 | 12:35 ص

      الطائفية صفة من صفات الغرب لضرب وحده الأمة العربية الإسلامية

      في الدول العربية الإسلامية لايوجد شيء أسمه طائفية أو إثارة الفتنة الطائفية لأنها صفة دخيلة في الإسلام وصفة يستخدمها الغرب لأنها الوسيلة الوحيدة في نظرهم التي يعتقدون أنها سوف تضعف النفوس ولاكنهم واهمون لأننا نعيش في عصر التطور والنهوض وبناء الوطن وتنمية العقول الطائفية واحدة من الصفات في أيام الجاهلية ولنقضي على الطائفية علينا أولا بتحقيق العدالة دون تفرقة بين هذا وذاك وطرد المحتلين الأجانب من أوطاننا والشعب له حقوق وعليه واجبات والمطالب المشروعة يجب أن تتحقق
      الصورة السابقة أجمل من الحالية

اقرأ ايضاً