العدد 3435 - الأربعاء 01 فبراير 2012م الموافق 09 ربيع الاول 1433هـ

الذين يسيئون للحكومات!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الشائع أن المعارضين هم من «يسيئون» للحكومات... إلا أن الربيع العربي أثبت أن بعض المدافعين والمدافعات عن الحكومات هم أكثر من يسيئون لها!

سقوط عددٍ من حلفاء الغرب بهذه الصورة المدوّية دفع وسائل الإعلام الغربية إلى متابعة ما يجري بحثاً عن الحقيقة. لقد اكتشفوا فجأةً أن هذه المنطقة ليست مجرد آبار نفط ومناجم فوسفات، وإنّما هناك شعوبٌ تتطلع إلى الحرية والكرامة والديمقراطية الحقيقية.

من تقاليد الصحافة الغربية إرسال مندوبيها إلى مواقع الأحداث، وأحداث الربيع العربي التي أخذتهم على حين غرة، جعلتهم يرسلون صحافييهم وإعلامييهم لينقلوا الوقائع من الميدان.

ما نُشر من تقارير وتغطيات صحافية كانت مزعجةً، لأنها تُكتب وتنشر بلغاتٍ أجنبية في عواصم القرار العالمي، حيث للبرلمانات ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان تأثيرٌ على القرار.

حين يزور وفدٌ إعلاميٌ غربي، أوروبي أو أميركي، فإنه يبحث عن الحقيقة، فلا يسعى للقاء المسئولين، وإنّما يذهب إلى الشارع مباشرةً ليلتقي الناس في الشارع ويزور الأحياء الشعبية، ويسجّل بالصوت والصورة ما يجري من أحداث. تلك هي صحافة التقصي والبحث عن الخبر في مصدره.

الصحافة الورقية «التقليدية» اليوم تخوض صراعاً من أجل البقاء، وهذه حقيقةٌ يدركها بعض رؤساء التحرير ويجهلها بعضهم الآخر. وفي الأعوام الأخيرة تنبأ بعض الباحثين باختفاء الصحف الورقية خلال عشرين عاماً. وفي منتصف يوليو/ تموز توقّفت صحيفة «نيوز أوف ذوورلد» بعد 168 عاماً، على خلفية فضيحة القرصنة واعتذار الصحيفة عن تورط عددٍ من محرريها في التجسس على أرقام آلاف البريطانيين. وقبل يومين ودّعت «لا تريبيون» الفرنسية قرَّاءها بعد 67 عاماً. أكبر التحديات للصحافة بروز «صحافة المواطن»، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي لايزال البعض يجهلون أسماءها، على رغم ما تقوم به من أدوارٍ تعوّض نواقص وسائل الإعلام الرسمية والصحافة التقليدية التابعة إلى مراكز النفوذ والمال والسياسة.

حين يزور وفدٌ غربيٌّ اليوم، لا يبحث عن الصحف القديمة، وإنّما يحرص على لقاء الصحف المستقلة حيث يستقي المعلومة الدقيقة والخبر الصحيح. هذه الصحف هي التي تحصد الجوائز وشهادات التقدير لدورها في دعم الحريات العامة، وتكريس حرية الصحافة ومبادئ حقوق الانسان... وهو اعترافٌ أيضاً بدورها المهني.

بعض الوفود تخرج من زياراتها لبعض الصحف، بانطباعات سلبية عن البلد حين تفاجأ بكم المغالطات والمعلومات الخاطئة، بدءًا بأرقام التوزيع المضخَّمة بمقدار سبع مرات عن الحقيقة! والأسوأ أن تتلقى تلك الوفود محاضرةً في المهنية من أشخاصٍ لم يحرّروا خبراً، ولم يكتبوا افتتاحيةً أو مقالاً بأيديهم قط!

هل لك أن تتخيّل وفداً قادماً من القارة التي صنَّعت المطبعة وفجّرت الثورة الصناعية، يتلقى درساً من شخص غير مختص، يتهم فيه الإعلام الأوروبي بـ «التضليل وعدم الصدقية، بعد أن فقد غالبية الصحافيين في أوروبا والمملكة المتحدة خصوصاً المعايير الأخلاقية والمهنية اللازمة للعمل الصحافي النزيه والمحايد»! كيف سينظرون إلى محدّثهم وهم يستمعون لكل هذه المضحِكات الركيكة؟

كيف سيشعر صحافيٌ قادمٌ من قلب الديمقراطيات العريقة، وهو يستمع لشخصٍ يتهم كل الصحافيين في أوروبا بأنهم يؤلفون قصصهم الخبرية من ردهات الفنادق ويلفقون الأكاذيب ويرسلونها كتغطيات وتقارير صحافية!

من المؤكد أن الإعلاميين الضيوف سيشعرون بالخجل لو نقلوا إلى مجتمعاتهم وصحافييهم أنه «يجب عليهم أن يتحلوا بالصدق والمهنية عند نقل الأخبار» كما يطالب محدّثهم، وخصوصاً حين يستشهدون بقوله: إن «خبراً واحداً مفبركاً يمكن أن يقضي على دولةٍ بكاملها»! قليلاً من العقل، قليلاً من الحكمة في هذا السنِّ الهرِم

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3435 - الأربعاء 01 فبراير 2012م الموافق 09 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 11:04 ص

      الي قاسم

      كنت شاهدا عن محادثة حدثت بين احد إعصار جمعية الصحفيين والوفد الفرنسي وكان يقول لهم نحن نطالب ان تكون العضوية الصحفية فقط وله الحق لوحًده التصويت وان اعلم جيدا ان هذا الرجل من حاربوا من الأجل السماح منظفين الصحيفة لتصويت

    • زائر 24 | 11:03 ص

      جيفري

      (عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه...)

      مشكور يا سعادة العميد

    • زائر 23 | 10:59 ص

      الي قاسم

      كنت شاهدا محادثة بين احد اعضاء جمعية الصحفيين والوفد الفرنسي القادم لدرسة

    • زائر 22 | 5:39 ص

      1920م

      الشكل العشريني الذي تستضيفها بعض القنوات الفضائية ، والله يا سيد شكلها من 1920 تحمل في يدها مذكرة يدون فيها ما يشترى من دكاكين 1930 بدلا من الابتوب أو آي فون ، كلامها وشكلها يصلح لذاك الزمان ، تضع الحكومة في موقف ( بايخه ) سئلوها عن الأضراب فقالت لا يوجد اضراب مع ان المتحدث بأسم الداخلية يقر بذلك أعتقد انها تصلح ان تخاطب أهل القبور لأن شكلها وخطابها يناسب حقبة مضت بينما شبابنا اليوم يريد عقليات غير تلك المسكينة ( اللي فشلت من تمثل )

    • زائر 20 | 5:12 ص

      فعلاً قاسم حسين الناس ملت من الصحف الصفراء

      الناس ملت من تكرار الكلام كل شيئ جيد وجميع الامور على ما يرام .. لا داعي للقلق هناك من يحل الاشكاليات .. نحن نعمل من اجلكم .. لاكن المواطن البسيط بدات تتكشف له كيف تم خداعه وكيف كان يقضي المسافات من اجل شراء تلك الصحف ويصرف الوقت على قراءة تلك المساحات الخاوية مما ينفع البلاد و العباد ومع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بدات الحقائق تطفو على السطح وظهرت فرسان الحقيقة بعد تغييب طويل .. وحشرت الانظمة في الزوايا الضيقة

    • زائر 17 | 3:32 ص

      من الطفولة الى الشيخوخة

      يبدو انها قاعدة يمكن ان تطبق على عوالم عدة ومنها الصحافة والصحافيين أو بالاحرى مدعي الصحافة

    • زائر 15 | 2:27 ص

      ما لك حل سيد

      بهدلتهم و فشلتهم بس من وين يجيهم احساس أرواح راحت و هم يكذبون بارك الله في قلمك الشريف و دمت ذخرا للبلد أنت و امثالك
      أعجبتني كثيرا :(( خبراً واحداً مفبركاً يمكن أن يقضي على دولةٍ بكاملها»! قليلاً من العقل، قليلاً من الحكمة في هذا السنِّ الهرِم )) هرموا و لم يزال لسان حالهم اكذب و اكذب حتى تصدق نفسك
      بريد الشوق

    • زائر 14 | 2:05 ص

      صدقت يا 2

      وما بالك من الذين يبيحون الكذب مسموح....

    • زائر 13 | 1:50 ص

      قوة الحق هي من تنتصر

      في الغالب تكون الشعوب هي صاحبة قضايا عادلة ومحقّة لذلك تنتصر مهما كانت تمتلك الحكومات من قوة المال والسلاح بالنهاية للحق قوة تفوق تلك
      الامور

    • زائر 12 | 1:39 ص

      لما الصحافة

      تبرر أعمال المخالفين...وتتستر علي الأنجازات...وتهرول لأي خبر ضد بلدها كان الخبر صحيح او مشكوك فيه

    • زائر 10 | 1:36 ص

      جائزة حرية الصحافة

      جائزة حرية الصحافة للوسط..... وجائزة الصحافة العربية للوسط. وللبقية التناوش على ميثاق الشرف!!!!

    • زائر 9 | 1:27 ص

      كيف سيشعر صحافي قادم من قلب الديمقراطيات؟

      بخيبة امل....لأنه الكذب مثل شربة الماء ومباح عند من يحللون الكذب كي يصدقو

    • زائر 6 | 12:52 ص

      السلام عليكم يا أصحاب المهنة الخطيرة

      هزلت حتى بان من خلالها كلاها
      وفي موضع آخر ، راحو اللي يقرون وجو اللي ............
      وفي موضع آخر كل يا كمي .............
      وفي موضع آخر على الدنيا السلام
      والسسسسسسسسسسسسلام

    • زائر 5 | 12:34 ص

      دوركم انتم

      انتم دوركم كصحف حديثه ان لا تتركوا الوفود الغربية يخرجوا بصورة مشوهه عن الأوضاع ويجب ان تكون المبادرة منكم لا ان تنتظرونهم يأتوا إليكم فهذه مسؤولية وطنية ومهنية وأخلاقية. وشكراً لكم.  

    • زائر 4 | 12:24 ص

      ولكم في رسول الله أسوة حسنة

      سيدنا العزيز
      أظنهم يرجعون إلى مقولة "إن لم تستحي فافعل ما شئت" فلا عتبى فهو إمامهم..وإن لهم ليوم "يوم ندعو كل أناس بإمامهم "
      قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: -

      "ستأتي على أمتي سنوات خداعات يكذب فيها الصادق و يصدق فيها الكاذب ويؤتمن الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها "الرويبضه"

      قيل (وما الرويبضه؟) قال: (الرجل التافه السفيه يتكلم فى أمر العامة).

    • زائر 3 | 12:18 ص

      احسنت

      يحاولون تزيين القبيح من الحكومة فيكشف مدى قبحهم و قبح حكوماتهم لانهم يكذبون

اقرأ ايضاً