العدد 3439 - الأحد 05 فبراير 2012م الموافق 13 ربيع الاول 1433هـ

مانديلا أيضاً ضد «التمييز»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لن يجد النواب الأربعون بالبرلمان، ومثلهم المعيّنون بالشورى، من شعوب العالم من يؤيدهم في رفض «مشروع تجريم التمييز»... لأنهم ببساطةٍ أعلنوا وقوفهم في الاتجاه الخاطئ من التاريخ!

التمييز في العالم أنواعٌ وأشكالٌ، في الهند كان استعماراً قائماً على الاستغلال الاقتصادي كما هو حال بقية المستعمرات. وفي الولايات المتحدة العريقة ديمقراطياً، كان تمييزاً عرقياً ضد الزنوج. وفي جنوب إفريقيا تم تشطير المجتمع اعتماداً على لون البشرة، فوُضِع البِيضُ على قمة الهرم العنصري. وهؤلاء جاءوا مهاجرين من هولندا وألمانيا وبريطانيا أساساً، بحثاً عن حياة أفضل، وهرباً من الاضطهاد الديني في القارة العجوز قبل عدة قرون.

جنوب إفريقيا لم تكن أرضاً بلا شعب، بل كانت تقطنها شعوب وقبائل قديمة قدم الأرض، وبشرة هؤلاء سوداء فوُضِعوا في أسفل الهرم العنصري. وما بينهما وُضع المهاجرون الآخرون من القارة الآسيوية، وإن كانوا مسلوبي الحقوق، ودون مرتبة المواطنة.

هذه التجربة العنصرية كان يحميها القانون والتشريعات التي يصدرها البيض، وكان العالم الخارجي يتفرّج لأنها دولةٌ تعيش بعيداً في طرف القارة الإفريقية. لكن هذه الدولة تقدمت علمياً، وتسلّحت بمخالب نووية فأصبحت تهدّد دول الجوار الإفريقي، وخاضت عدة حروب عدوانية ضدهم، وظلّ الغرب يناصرها ويقف ضد تطلعات شعب جنوب إفريقيا حتى مطلع الثمانينيات، كما في مواقف رونالد ريغان ومارغريت تاتشر.

ذكرت أمس أن المهاتما غاندي كان محامياً شاباً مغموراً، ولم يتحوّل إلى سياسي معروف إلا في جنوب إفريقيا بفعل سياسة التمييز العنصري. هذه السياسة القائمة على التطهير العرقي أو اللوني أو الديني، تتحوّل إلى مصدرٍ دائمٍ للاضطراب الداخلي والإقليمي، وتهدّد السلم الأهلي والعالمي.

في جنوب إفريقيا، بزغ أيضاً نجم نلسون مانديلا، المحامي الزنجي البسيط الذي حوّله النظام العنصري إلى مناضلٍ ثائرٍ ضد نظام «الابارتهايد». وتحوّل إلى أيقونةٍ عالميةٍ للأحرار والمناضلين الذين يقفون في الجانب الصحيح من التاريخ، بعد أن قضى 28 عاماً في سجون النظام العنصري، دون أن ينكسر أو يتراجع أو يلين.

مانديلا بشرٌ ولم يكن ملاكاً، حين تقرأ مذكراته يتحدّث بشوقٍ إلى زوجته، وبحنينٍ عن عائلته وأطفاله، وبحبٍ وصلابةٍ عن حقوق شعبه الذي ناضل من أجله. كانت الرؤية أمامه واضحةً، إما أن تعيش حراً أو عبداً، والطريق وعرٌ وشاقٌ وطويل. لم يخنه قلبه ولا عقله ولا ضميره، وظلّ وفياً للمبادئ الإنسانية فأحبّه كل أحرار العالم من مختلف القارات والأديان، ويكره ذكر سيرته الطغاة والعبيد.

البشر هم أدنى المخلوقات فهماً واستيعاباً للبديهيات. الحيوانات لا تظلم نفسها كما يفعل البشر. الحيوانات لا تميّز بينها على أساس لون بشرتها أو عرقها أو فصيلتها أو قبيلتها. الأديان لم تفلح كثيراً في إقناع هذا المخلوق الأخرق بأن البشر كلهم سواسيةٌ. حتى النوّاب – وأغلبهم من أحزاب إسلامية رسمية - الذين جيء بهم لوضع تشريعاتٍ تحفظ الحقوق وتمنع الظلم وتحفظ التوازن بين فئات وطبقات المجتمع، أصبحوا أدوات لتكريس المظالم ومنع القوانين المنصفة القائمة على العدل والمساواة.

المهاتما غاندي، الماديبا مانديلا، وحتى مارتن لوثر كنغ... وكل الدنيا تقف ضدكم أيها النواب والشوريون، حين أسقطتم قانون تجريم التمييز

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3439 - الأحد 05 فبراير 2012م الموافق 13 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 10:01 ص

      مقال رائع

      مقال رائع, لكن لا يبدو ان حمرة الخجل ستظهر على وجوة المجلس الوطنى!!!
      ياسيد, كتبت بصيغة الماضى (كان فى الهند وكان فى امريكا وكان فى جنوب افريقيا) وكلها تجارب انسانية قاسية يقابلها نبل المناضلين ... وودت لو انك اشرت الى حالات معاصرة (كاالجار الشمالى) حيث التميز المذهبى و العرقى والمقنن بمواد دستورية... حيث عندها تبرز الصورة مقارنة مع واقعنا جلية... لكم كل الود

    • زائر 19 | 8:49 ص

      يوم لك ويوم عليك

      رفضو القانون اليوم ولكنهم سوف يندمون الغد عندما تدور عليهم الدوائر ويصبحون هم ضحايا التمييييييز الذي لن يمارسه عليهم ضحاياهم الحاليين بل أناس ليس لديهم انتماء لهذا الوطن إنما لأوطانهم وناسهم الاصلييين..إن الله يمهل ولا يهمل

    • زائر 18 | 7:22 ص

      رفض «مشروع تجريم التمييز»

      لقد سبق للنواب رفض مشروع مشابه من قبل طرحته كتلة الوفاق وكان تبريرهم عدم وجود تمييز يتطلب وجود تشريع لمحاربته!

    • زائر 16 | 6:06 ص

      دليل على عدم شرعية البرلمان

      رفض هذا القانون دليل على انهم نواب حكوميون يقفون ضد المواطن..

    • زائر 15 | 5:48 ص

      المصلي

      هؤلاء والله حمقى بمعنى الكلمة اقولها وبفم مليان على الآخر هم ورطوا السلطة برفضهم القانون على اقل تقدير قروه ولا تنفدون منه شىء حاله حال القوانين والتي قرت ولم تنفد على الواقع انتم برفضكم القانون والله ورطتم السلطة والتي اغدقتكم من كرمها الحاتمي حتى بتم في حلم من هذه المزايا والمكرمات في الوقت ان الشعب يأن من واقعه المرير من فقر وحرمان وحزمة من الأزمات من سكن وصحة وتعليم وتجنيس وبطالة مقنعة وغير مقنعة وبنى متهالكة وخصوصا في قرى تأن من واقع مرير من فقر وحرمان ممنهج وبيوت ملآنة شباب يعاني بطاله

    • زائر 9 | 12:28 ص

      تجويع قطة يدخل النار و تجويع بشر يدخل الجنة

      في التراث النبوي دخلت قطة النار في هرة و كم سمعناهم من مناصري تجويع البحرينين الا تعد هذه غاية في الغرابة حين يصبح الانسان البحريني في نظرهم اهون عند الله من قطة فقط لانهم من فئة تختلف مذهبيا . اهذه عدالة السماء ! من يناصر تجويع اخوته في الوطن الا يتذكر حين يأتي لابنه بلباس او هدية ابناء المتسبب و المؤيد فصله من العمل وكيف يعيشون؟

    • زائر 6 | 12:12 ص

      لا يا سيد عاد

      فهمتهم غلط يا سيدنا هم قصدهم ان احنا في البحرين ما شاء الله الأمور كلها طيبة ولا عندنا تمييز أبداً لأننا نعيش في المدينة الفاضلة!!!!

    • زائر 4 | 11:02 م

      المصالح ؟

      المصلحة الخاصة اهم من المصلحة العامة ، ولو أنا مكانهم لفعت الشي نفسه ، لا أحد يتنازل عن مميزات وعلاوات وغيرها مجاناً.

    • زائر 3 | 9:54 م

      نواب عبيد !!

      أبسط وصف لواقع هؤلاء أنهم عبيد الدرهم و الدينار و الكرسي ، وهؤلاء لا هم لهم إلا تحقيق أكبر المكاسب الشخصية من خلال استغلال ثروات هذا الشعب الفقير لتحقيق الثراء و المكانة غير الشرعية و غير النزيهة وبدون أي استحقاق فهم كما قال عنهم الامام الحسين عليه السلام ( الناس عبيد الدنيا و الدين لعق على ألسنتهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون )

      تحياتي / أبو سيد حسين

    • زائر 2 | 8:09 م

      والمصيبة ان بعضهم رجال دين

      ولم يقرأوا قول الرسول (ص) لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى ،و لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى
      هذا اكبر دليل على ان كل من صوت انما هو جاهل ولم يحظى بتعليم كاف الحمد لله والشكر على نعمة العقل والعلم

اقرأ ايضاً