العدد 1439 - الإثنين 14 أغسطس 2006م الموافق 19 رجب 1427هـ

ملف: الشرق الأوسط الجديد

الشرق الأوسط الجديد

هناك من تورط بالكلمة، كوندوليزا رايس مثلاً، تورطت بمخاض شرقها الأوسط الجديد، ولم تستطع أن تشرح هذه الكلمات بأكثر مما قالت حين كان يجب أن تقول شيئاً، هي لا تستطيع أن تنتقد «إسرائيل»، ولا تستطيع أن تتخلى بالكامل عن ورقة واشنطن العربية، لذلك كان عليها أن تعود لـ «خربة واشنطن» تحتمي بها... والخربة هي الشرق الأوسط الكبير، ومجازاً (مصادفة) فجأة .. كان لها أن تختار «الجديد» عوض «الكبير»... حمى الحرب مرة أخرى فعلت فعلتها.

ولأنه لابد من أن نكون جديين في التعامل مع ما تتفوه به الخارجية الأميركية ندخل هذه الإحداثيات، والإحداثيات لا تقف على أبواب بيروت فحسب، بل تمتد إلى العراق وإيران التي بتنا على مقربة من سماع ردها على سلة الحوافز التاريخية، فإما القبول وإما «مخاض جديد لشرق أوسط أكثر جدادة. حمى الحرب مرة أخرى.

الفيدرالية في لبنان نظرة لما بعد الحرب، نظرة على الديمقراطية التوافقية/ التلفيقية التي تمسك لبنان عن الرجوع لعام 1982، نظرة واقعية لمرحلة ما قبل ديمقراطية الطائف الهشة.

- إن حاسب رجال حزب أعداء المقاومة ومنتقديها في أحلك المواقف في الحرب ما الذي يحدث: «حرب أهلية».

- إن طالب الرئيس السنيورة او جنبلاط او كلاهما معاً بتفعيل «المحاسبة»، فما الذي سيحدث: «حرب أهلية».

- إن أخذ حزب الله على عاتقه تقويض قوى 14 آذار... إن أفرزت الساحة تكريسا عسكريا طائفيا سريا - صرح عنه ميشيل عون في مقابلة تلفزيونية - إبان الحرب، فما الذي سيحدث: بالتأكيد «حرب أهلية».

الحرب الأهلية في لبنان تعني خيار «فيدرالية»، وإنهاء ما يجري في العراق يحتاج «فيدرالية»، والشرق الاوسط الجديد يبدأ ويختتم بـ «فيدرالية»... وهكذا يتطرف المصريون... «شيل دا عن دا... يرتاح دا عن دا...».

«الوسط» تقرأ شيئا عن ملامح الشرق الأوسط الجديد وخيارات الفيدرالية في لبنان...


الشرق الأوسط الطائفي الجديد

الوسط - محرر الملف السياسي

«الهلال الشيعي» اختطف القضية الفلسطينية بالكامل. إنهم يمتلكونه الآن بالكامل. القوى السنية التي كانت السلطات التقليدية في المنطقة تبدو في حال ضعف ومحدودة العلاقات. والنتيجة النهائية لهذه الحرب ستكون تقوية إيران وحزب الله إلى حد كبير».

هذه الكلمات كتبها باحث استراتيجي أميركي، ونحتاج - منهجياً - إلى أن نهمل المحتوى والنتائج المترتبة عليه، لنركز على عنصر يبدو أكثر أهمية، إنها الولايات المتحدة بوصفها عقلاً تفكيكياً طائفياً. هذا ما خرج به هيكل - من دون أن يسميه تفكيكاً - من مجمل حواراته مع مهندس الدبلوماسية الأميركية كيسنجر، إذ طالما تعارض الأميركيون في مجريات إدارتهم لملف السلام في الشرق الأوسط مع تعريف الصراع بأنه عربي إسرائيلي، إذ كان الأميركيون يصرون على إدارة كل ملف من الملفات بمفرده من دون ربطه بباقي الملفات.

المنهج قديم ومستحدث: المحلل الاستراتيجي سلمان الشامي يتحدث عن أن الطائفية التفكيكية ليست جديدة، فنموذج صدام حسين وملا عمر هما صناعة أميركية بامتياز، وأن الولايات المتحدة كانت ربيبة الدول القائمة على الطائفية العشائرية والقبلية في المنطقة.

ويضيف «الأفغان كانوا أعقل من العرب في فهم الأميركيين ولعبتهم الطائفية والإثنية، فلم «نسمع عن تصفيات جسدية بين البشتوني عبدالرسول سياف، والشيعي عبدالكريم خليلي، والطاجيكي قاسم فهيم... ولم نشاهد السيارات المفخخة وهي تحصد أرواح المصلين في دور العبادة وفي الأسواق الشعبية والمستشفيات». أما في العراق فقد عاد البعثيون بعد أن «استبدلوا البدلة الزيتونية بالدشداشة القصيرة، وأطلقوا اللحى بدل الشارب الطويل، وأصبحوا بين ليلة وضحاها وعاظاً وأئمة مساجد وقادة للمقاومة الشريفة.

أما سامان كريم فيعتقد أن الحالة العراقية تأكيد على المنهجية الطائفية للأميركيين في العراق ويقول: «روح الدستور هي الطائفية والقومية. إذ قسم الجماهير في العراق او المجتمع العراقي بحسب الأقوام والدين والطوائف الدينية، وتشكل الإدارات التي تلت الاحتلال كلها بحسب هذه النظم السياسية. مجلس الحكم والحكومة الانتقالية ومن ثم حكومة الجعفري والآن حكومة المالكي. كل هذه الحكومات هي أساسها حكومة طائفية دينية مع قومية كردية». ويؤكد كريم أن «حكومة الوحدة الوطنية في العراق ليست سوى عنوان آخر لحكومة «محاصصة طائفية» وبمباركة أميركية.

الطائفية مخرج للتورط الأميركي: الأميركيون المتورطون في صناعة نموذج ديمقراطي في العراق ينزحون نحو تعميق خيار الفيدرالية في العراق كواقع جديد يفرض نفسه، والمتتبع للأدبيات السياسية في العراق يلحظ هذا تسارع الدعوات نحو هذا الخيار بحل أخير لدائرة العنف المتقدة في العراق.

الاستراتيجي عوني القلمجي يؤكد هذه الرؤية، إذ يذهب إلى أن الرؤية الأميركية تنحصر حاليا في العراق نحو «إحداث فتنة طائفية تنتهي إلى تقسيم العراق كمخرج من الأزمة التي يواجهها مشروع الاحتلال».

يستشهد القلمجي بما يخرج من الاستراتيجي الأميركي مايك وتني، إذ يقول: «إن مؤسسة راند أوصت أنه يجب استغلال انقسامات السنة والشيعة والعرب وغير العرب لتحقيق الأهداف السياسية الأميركية في العراق والعالم الإسلامي».

أخيراً في هذا السياق لا يمكننا إغفال تقارير مماثلة قدمها ديفيد فيليب للمجلس الأميركي الأعلى للسياسات الخارجية والذي مولته مؤسسة ليند وهاري برادلي كما يقول بيبي اسكوبار. وكل ذلك تؤكد صحة الرأي بأن استراتيجية تقسيم العراق كانت تدور في المستويات العليا من الحكومة من بداية حرب التحرير.

لبنان كلاكيت ثاني مرة: لبنانياً، يذهب المحلل السياسي عاطف الجولاني إلى أن الولايات المتحدة - عبر قوى 14 آذار - سعت إلى أن «يشهد لبنان تعبئة طائفية واسعة النطاق، وخصوصاً بين الشيعة والسنة. وهي السياسة ذاتها التي اعتمدتها أميركا في العراق بعد إخفاق مشروعها العسكري؛ إذ لجأت لتغذية النزاعات الطائفية بين الشيعة والسنة وقامت بعملية تحريض طائفي واسعة قادت في نهاية المطاف إلى عمليات قتل متبادلة بين الطرفين»

ويعود في تأويله للمشهد السياسي القائم حالياً، أن المعطيات التالية هي من تحرك المسرح السياسي في المنطقة: «المشروع الأميركي فاشل ومأزوم، ويظهر الكثير من التخبط والارتباك. وبعض الأطراف الدولية التي قبلت في فترات سابقة بأدوار سياسية هامشية في المنطقة بدأت تستغل الإخفاق والتراجع الأميركي من أجل لعب أدوار سياسية أكبر وأكثر فاعلية.

الكيان الصهيوني مرتبك ومأزوم كذلك، ويفتقد قوة الدفع والتقدم والقدرة على تحقيق الانتصارات وخصوصاً بعد سقوط مقولة «الجيش الذي لا يقهر» بعد نحو شهر من العدوان على لبنان والذي تكبد خلاله خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، كما يفتقد إلى القيادات القوية والكفوءة القادرة على التعامل مع المعطيات الجديدة المعقدة.

- النظام الرسمي العربي هو الآخر ضعيف ومأزوم وعاجز عن الفعل، ويشعر بالحرج في مواجهة غضب شعبي يتزايد بصورة مضطردة، وإن لم يصل مستوى التأثير في القرار السياسي.

- العملية السلمية التي اعتمدها العرب خياراً استراتيجياً وحيداً، وصلت طريقاً مسدوداً، ولم يتردد أمين عام جامعة الدول العربية بنعيها وإعلان وفاتها خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب قبل أسابيع بالقاهرة.

- حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق تتقدم، وتنتقل من حال الدفاع إلى الهجوم والمبادرة.

- ان تفتيت/ تفكيك دول المنطقة على أسس طائفية وعرقية سيبقى هدفاً أميركياً مطلوباً.


هكذا يُفهم المشروع الجديد...

«يبدو أن الإدارة الأميركية كانت تنتظر حدثاً مهماً في المنطقة يفتح أمامها الطريق لطرح مشروع قديم - جديد يمكنها من إبعاد الأنظار عن النتائج الكارثية التي ترتبت على احتلالها لكل من العراق وأفغانستان (...) أما أسر الجنديين الإسرائيليين في الجنوب اللبناني فقد فتح الباب لاندفاع هذه الإدارة نحو خلط الأوراق والعودة من جديد إلى مشروع استراتيجي كبير وخطير أخذ يتبلور في أذهان المحافظين الجدد، الذين استوطنوا هذه الإدارة وحولوها إلى أكثر الإدارات الأميركية تطرفاً وعدوانية».

تيسير خالد

«لقد قلب حزب الله كل معادلات الغرب في المنطقة، حزب الله يتحدث اليوم عن شرق أوسط جديد لا مكان فيه لـ (إسرائيل)!».

صحيفة «رسالة» الإيرانية المحافظة

ليست هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها الإدارة الأميركية عن «شرق أوسط جديد». فلاشك في أن القارئ الكريم يذكر أنه سبق للإدارة نفسها أن بشرت شعوب المنطقة قبل سنوات بشرق أوسط ديمقراطي خال من الاستبداد والفساد. ولأن لبنان الذي تشن عليه الحرب الآن من أجل توليد النظام الشرق أوسطي الجديد كان، ولايزال، أكثر البلدان العربية ديمقراطية، فقد اختلط الأمر على كثيرين ممن قرأوا الطبعة السابقة من المشروع الأميركي ذاته ولم يعد بوسع أحد أن يدرك بالضبط ماهية هذا «الشرق الأوسط الجديد»، وأوجه الاختلاف بينه وبين مشروع الشرق الأوسط «الموسع» أو الكبير، إلى درجة أن البعض بات يتصور أن السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط دخلت منعطفاً جديداً.

الشرق الأوسط في الإدراك الأميركي، كان ولايزال مجرد «موزاييك» من قوميات وأعراق وأديان وطوائف متصارعة اضطر بعضها إلى الانضواء قسراً تحت لواء دول بعينها بقوة الاستبداد وليس بتوافق الرضا.

حسن نافعة

لم تجد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ما تقوله للمسئولين الفلسطينيين الذين التقتهم، خلال زيارتها ما قبل الأخيرة المنطقة، والذين سألوه

العدد 1439 - الإثنين 14 أغسطس 2006م الموافق 19 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً