العدد 3456 - الأربعاء 22 فبراير 2012م الموافق 30 ربيع الاول 1433هـ

حاجة إيران في عدم الحاجة للمنهج النجادي

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اليوم، تبدأ الحملة الانتخابية، لمرشحي انتخابات الدورة التاسعة للبرلمان الإيراني. فالانتخابات لم يبقَ على موعدها سوى تسعة أيام (تجرَى في 2 مارس/ آذار المقبل)، وهي بالمناسبة انتخابات مصيرية لإيران، فهي ستشهد حضور قائمة انتخابية «ساخِطة» برئاسة النائب البرلماني المستقيل علي مطهري، الذي يتزعم جبهة المعارضة للرئيس أحمدي نجاد وفريقه من اليمين والذي بات التحالف معه عبئًا، ثم بروز معارك جديدة لإيران، بعضها طارئ، والآخر له جذور تاريخية.

هذه المعارك تنقسم في حقيقتها إلى ثلاثة أشكال رئيسية. الأولى داخلية، تتمثل في المشكلات الاقتصادية، وسبل السيطرة على سعر الريال الإيراني في قِبال الدولار الأميركي، ومواجهة مافيات الفساد وإقلاق السوق، لوضع العصا في عربة حكومة أحمدي نجاد، بالإضافة إلى مشكلات أمنية خطيرة، بدأت تصل إلى كبد الملفات الحساسة لطهران، والمحاطة بالكثير من السرية، وأهمها الملف النووي، عبر اغتيال عدد من مسئوليه البارزين.

والثانية، إقليمية، تتمثل في تموضع إيران التالي في أفغانستان في ظل المباحثات التي تجريها الولايات المتحدة مع حركة «طالبان»، وكذلك، مدى قدرة طهران على النفاذ إلى المعارضة السورية، لحجز ما تيسَّر لها من نفوذ قد يعين الإيرانيين على تقليل خسائرهم فيما لو سقط نظام بشار الأسد في دمشق خلال الشهور الستة المقبلة، بالإضافة إلى المسارات الجديدة للعلاقات الإيرانية العربية - الإفريقية، بعد سقوط نظام بن علي في تونس، والقذافي في ليبيا، ومبارك في مصر، بالإضافة إلى عملية المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح.

أما المعركة الدولية، فتتمثل في المباحثات الإيرانية مع مجموعة 5 + 1 في أنقرة بشأن الملف النووي الإيراني والتي ستجرَى قريبًا، ومدى قدرة طهران على الالتفاف على العقوبات الدولية الخانقة على نظامها المالي والاقتصادي، خصوصًا في مجال النفط، واللوائح العقابية الجديدة المفروضة على البنك المركزي الإيراني، وما يستلزمه ذلك من معادلات جديدة، في عمليات الدفع والمقايضة. ثم كيفية التعاطي مع احتمالية قيام تل أبيب بتوجيه ضربة عسكرية جوية خاطفة للمنشآت النووية الإيرانية، في بوشهر وأراك ونطنز وقم بغية تعطيلها.

في كل الأحوال، فإن كل تلك الجبهات، هي جبهات نابعة من دبلوماسية قاسية، يتحتم على طهران أن تواجهها. وهي معارك فيها من التحدي الكثير، وخصوصًا أنها مرتبطة بعلاقات إيرانية استراتيجية مع الخارج، سواء مع الجوار، أو في خواصر جغرافية حساسة لطهران، خصوصًا في الشمال الإفريقي، أو في الغرب الآسيوي، أو ذاك المتعلق بالقضية الفلسطينية.

بجانب كل تلك الملفات، يوجد هناك ملف إيراني داخلي بدا أنه يتخطى رقاب باقي الملفات في الداخل. هذا الملف هو صعود نجم نائب برلماني مشاكس وعنيد هو علي مطهري، نجل أحد منظري الثورة الإيرانية، الذي اغتيل في العام 1979 على يد جماعة الفرقان. وقد بيَّنت التجارب في إيران، أن معاندة النظام، عادة ما تكسِب الفرد شعبية من الطبقة الصامتة موازية للشعبية التي عادة ما تصوغها الدولة، من خلال المؤسسات الدينية والسياسية ومراكر القوى والشخصيات النافذة، وهو ما حصل للرجل بعد نِزالهِ الرئيس نجاد.

وإذا ما مضى مطهري على ذات الشاكلة التي بدأ بها حراكه السياسي المناهض لعموم المحافظين خلال الانتخابات المقبلة، ولم يتعرض إلى ضغوط مباشرة من جهات نافذة في إيران، فإنه قد يتحوَّل إلى مير حسين موسوي جديد، ولكن بنسخة محافظة. وهو ما يعني، تحدياً جديداً لشخصيات نافذة في السلطة، وأهمها للرئيس الذي قد يواجه استجوابًا أو حجبًا للثقة داخل البرلمان.

في هذه الجولة الانتخابية، هناك ست قوائم محافظة، تتنافس في بعض جوانبها مع بعضها أكثر من تنافسها السابق مع الإصلاحيين. هناك مهدوي كني وجماعته المسمّاة بـ الجبهة المتحدة للأصوليين، وهناك قائمة أخرى وهي جبهة الاستقامة والتي تضم عددًا ممن تخاصموا مع نجاد في الحكومة وخرجوا عنه أو أُخرجوا عنوة، ويدعمها محمد تقي مصباح يزدي، وهناك لائحة الصمود بزعامة محسن رضائي، وهناك تجمّع الكفاءات بزعامة نائب رئيس البرلمان شهاب الدين صدر، وهناك قائمة صوت الشعب بزعامة النائب الأصولي المتمرد علي مرتضى مطهري، وأخيرًا قائمة داعمي أحمدي نجاد الذين أطلقوا على أنفسهم: حماة خطاب الثورة الإسلامية.

هذا الافتراق بين المحافظين، نتيجة طبيعية لإزاحة الطبقة السياسية الإصلاحية الجدلية من المشهد الإيراني. فالاختلاف يؤدي إلى اتفاق كتسوية، والاتفاق يؤدي إلى اختلاف على المصالح. وربما يلمح الإصلاحيون هذا الأمر، ليقوموا بعملية «استثمار سياسي» بالوقوف إلى جانب الأكثر اشتراكًا واتفاقاً معهم ضد الأكثر اختلافاً. ولأن الرئيس أحمدي نجاد هو الخصم الأول للإصلاحيين، والخصم التالي للقوائم الست فهذا يعني سهولة، الاتفاق معهم ضد الرئيس.

أغرب تصريح قاله الإصلاحيون، هو قول محمد رضا خاتمي من أن التيار الإصلاحي لم يقاطع الانتخابات، لكنه لن يشارك فيها. أهم استطلاعات الرأي في إيران اليوم، تفيد، بأن القواعد الشعبية للإصلاحيين، ستشارك وستدعم قائمة علي مطهري، الذي قاد حملة شعواء ضد الحكومة في البرلمان، وقدم استقالته على خلفية عدم تمرير قانون محاسبة الرئيس أمام المجلس النيابي.

والحقيقة التي هي لبّ المقال، هي أن حكومة أحمدي نجاد، قد وسَّعت من دائرة خصومها، وقللت من أنصارها في الداخل طيلة الفترة السابقة. كما أنها مارست إقصاءً غير عادي مع الفرقاء السياسيين، الأمر الذي استوجب احتواءها، ولو عبر محافظين مثلها. ورغم أن نجاد لن يكون على رأس الحكومة بعد العام 2013 إلاَّ أن تياره يسعى إلى الاحتفاظ بهذا المنصب عبر شخصية مماثلة. وإذا ما رامت إيران استقرارًا سياسيًا على المستويين الداخلي والخارجي فعليها أن تقيم وازنًا جديدًا عبر المجيء بشخصيات أكثر اعتدالاً، وعبر برلمان أكثر جديّة

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3456 - الأربعاء 22 فبراير 2012م الموافق 30 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 3:19 م

      استغرب

      الطريقة اللتي اتت بها الردود ، رغم انه الكاتب قام مشكوراً بتلخيص و تبسيط اهم مشاكل تواجه النظام السياسي الأيراني و اللتي عقدها الرئيس احمدي نجاد ، و بالرغم انني اظن انه فاز حقاً في الأنتخابات السابقة الا أنه لاشك انه الكثير من السياسات الأقصائية (سواء في الدولة او في المجتمع) في عهده اكسبته الكثير من الأعداء . و سيكون من الأفضل لأيران لو أن تياراً غير تياره (اكثر اعتدالاً و اقل فسادا و عدوانية) امسك مقاعد الرئاسة و البرلمان.

    • زائر 18 | 10:57 ص

      تنويه

      المقال تحليلي بحت ولا داعي ان يقوم بعض المعلقين بأخذ الحديث نحو أمور دينية غير محمودة شكرا

    • زائر 17 | 7:50 ص

      داود

      الأخ 5 ،

      من اللي لوث مخك ؟

    • زائر 16 | 7:37 ص

      الى تعليق رقم4

      إيران وصلت الى الفضاء وحصلت على التقنية النووية خلكم بس في صناعة أكبر طبق برياني وستنجحون !!!!!!!

    • زائر 15 | 7:16 ص

      الى تعليق رقم5

      ومتى إيران أمتلكت قنبلة نووية لتضرب بيت الله !! ما هذا السخافات والله حالة .. هل هذا الكلام من بني صهيون إتقوا الله في قولكم ؟؟؟ هذا النوع من التفكير في صالح أعداء الأمة الأسلامية فكفى رجاء والسكوت من ذهب..

    • زائر 14 | 5:59 ص

      زائر 13 الغالي

      التبس عليك الامر من هدد بضرب مكه هي اسرائيل اللي الربع ايغازلونها سرا وعلانيه وليل ونهار وبعدين امنيتك ان ينفجر فيهم اوضح لك امر اصغيرون ترى مفاعل ابوشهر يبعد عن الكويت والبحرين والسعوديه ربع المسافه بين بوشهر وطهران يعني اول الرايحين في البيباي الخليج بما فيه انزين وانت شبتسوى هل تذهب لجبل يعصمك من الدمار لاعاصم انها قيامه الشرق الاوسط برمته التلوث الاشعاعي ما يوقفه البتريوت او منضومة الدرع الصاروخي التى فشلت في ايقاف صواريخ القسام التي تعتبر بدائيه مقارنتا بلتكنولوجيا الحديثه اشرايك؟..ديهي حر

    • زائر 13 | 5:42 ص

      النووي الايراني

      سينفجر عليهم قبل لا يصل ارض التوحيد وبيت الله ومرقد رسوله

    • زائر 9 | 2:00 ص

      سوف تفشل تلك الدولة

      وما بني علي باطل فهو باطل

    • زائر 4 | 12:40 ص

      اشوي اشوي على كيفك

      ما هذا التحامل على الرئيس احمدي نجاد؟
      انا مستغرب من هالتحليلات اللي ما ليها صلة بالواقع..
      الكل يشهد بالنجاح اللي حققه الرئيس احمدي نجاد في كل المستويات، وإعادة الدولة الى سكتها التي رسمها لها الامام الخميني الراحل، وبهذه السياسة والخطط والبرامج الحكيمة أعاد للثورة مبادئها وأصولها التي ثار من أجلها الشعب الإيراني وضحى بالغالي والنفيس في تثبيتها.

    • زائر 2 | 11:50 م

      يبو عبدالله اذا انصف القلم

      صباح السعاده يبو عبدالله لفت انتباهي في مقالك مقاطع استوقفتني ولناخذها حبه حبه وحده وحده اولا هل نجاد ورث الحكم عن ابه او جده او وصل لقمه الهرم بكفائته ونزاهته هل بامكان نجاد الحكم الى ابد الابدين وتغيير الدستور الايراني ليناسب مقاسه هل ذمه نجاد الماليه مشغوله بمبالغ نهبها من ثروات وطنه استوقفني ايضا موضوع الفساد في ايران هل انت ونحن نعيش في الفاتيكان الفساد بكل اشكاله والوانه يمارس علانيه في دولنا العربيه التي قوانيننها فصلت على قياس السراق والمفسدين نجاه ماشي فما هي ملامح نجاد الجديد؟؟ديهي حر

    • زائر 1 | 11:06 م

      علاقات طبيعية مع الغرب

      من مصلحة ايران ان تكون لها علاقات مع جميع الدول حتى اسرائيل فلماذا العناد

اقرأ ايضاً