العدد 3458 - الجمعة 24 فبراير 2012م الموافق 02 ربيع الثاني 1433هـ

بقواك الخفية تستطيع أن تهزم ألمك

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

بمقدور كل منا الاستمتاع بلحظته الحاضرة استمتاعاً يتيح له الحصول على ضالته؛ وذلك حين يعيش اللحظة مقتنصاً أجمل ما بها، فكثيرا ما نبحث عن لحظات الشعور بالراحة والنجاح والأمل والمحبة على الرغم من أنها ترافقنا في بعض الأحيان، ولكن هذا البحث الدائم عنها يحرمنا الشعور والاستمتاع بها.

كلما بحثنا عن اللحظات التي لا تأتي على مقاس أحلامنا، كلما أصبحنا سجناء الدائرة المفرغة، دائرة البحث المستمر عن حدث لا يأتي، يودي بحاضرنا إلى الجحيم.

يقول هنري جيميس في كتابه «السفراء»: «عش واستمتع بحياتك بقدر المستطاع. خطأٌ فادحٌ ألا تقوم بهذا. لا تشغل بالك كثيراً بالأمور التي تقوم بها؛ فحياتك ملكك واغتنمها. إن ما ضاع منك قد ضاع فلا تأسَ عليه فتكون مخطئا... وإن أطيب وقت في حياة الإنسان هو ذلك الوقت بل كل وقت وهب فيه الإنسان القدرة على أن يهتف لذاته بأن تعيش!» .

الوعي بكل لحظات الحاضر هو الأمر الذي يجب أن يفكر به كل منا لتحقيق غد أفضل، مع عدم تغافل أن تكون لديه خطط طويلة المدى يعود لها بين الفينة والأخرى ليتأكد من تحققها من خلال حاضره المعاش بكل لحظاته وأفعاله وما حققه من نجاحات، وما تجاوزه من فشل.

ومن خلال إيثار سلوك تحقيق الذات يمكن لكل منا أن يهزم سلوك تحطيم الذات، فيحقق ما لا يستطيع غيره تحقيقه حتى وإن كانت قدراته الظاهرة محدودة، في دواخلنا طاقات هائلة بإمكانها التأثير في مسيرة هذا الكون كله إذا ما استُغِلَّت بشكلٍ سليمٍ يظهرها كاملة غير مشوشة بالقلق أو التفكير في الفشل، وذلك من خلال حب كل ما نقوم به ليتحول من عمل واجب إلى عمل محبب. والمعاناة البدنية إحدى الأمور التي قد يجهل الكثيرون أن بإمكانهم التغلب عليها عن طريق هذا السلوك، إذ تتعامل الكثير من الثقافات مع المرض باعتباره شيئاً يمكن السيطرة عليه من خلال السيطرة التامة على العقل ليكون مفتاحا للسيطرة على الذات التي من شأنها أن تقتل المرض وهو ما يحدث كثيرا لمرضى السرطان على سبيل المثال، إذ تعتبر قدرة المريض على التحكم بانفعالاته ونفسيته نصف العلاج وأكثر. وأنا أعرف شخصياً كثيراً من المرضى الذين شفاهم الله تماماً منه؛ لأنهم كانوا على ثقة تامة بأن هذا ما سيحدث فسيطروا على عقولهم الباطنة التي أرسلت دبدباتها إلى بقية الجسد ليطرد الورم، كان أحدهم مريضاً وصل إلى مرحلة الغيبوبة وانتفاخ كافة أعضاء الجسم حتى ظن الأطباء أنه سيفارق الحياة قريبا، واليوم وبعد ثماني سنوات من تلك الحادثة لايزال هذا المريض السابق سليماً يتمتع بصحة ليست كغيره، والسبب أنه أراد الانتصار على مرضه وعلى ألمه وأراد الاستمتاع بحياته من أجل أطفاله وزوجته وفعل ذلك بنجاح.

يقول واين دبليو داير في كتابه الشهير «مواطن الضعف لديك»: «إذا كنت تتمتع بالسعادة وإذا كنت تعيش كل لحظة من حياتك فإنك ستكون جديرا بأن نطلق عليك أنك شخص تتمتع بالذكاء. ولاشك في أن القدرة على حل المشكلات أمر مهم في اكتمال السعادة ولكن إذا علمت وأيقنت أنك عندما تعجز عن حل مشكلة معينة فإنك مازلت قادراً على أن تختار السعادة لنفسك أو على الأقل مازلت ترفض التعاسة، وعندئذ يمكن أن نقول إنك تتمتع بالذكاء لأن بحوزتك سلاحاً قوياً يدفع عنك الانهيار. نعم الانهيار العصبي.

فهل نحقق هذا الذكاء لنطلق على أنفسنا وصف أذكياء؟

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3458 - الجمعة 24 فبراير 2012م الموافق 02 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 11:24 ص

      رائع

      كلمات رائعه راقت لي وخصوصا
      هذا«السفراء»: «عش واستمتع بحياتك بقدر المستطاع. خطأٌ فادحٌ ألا تقوم بهذا. لا تشغل بالك كثيراً بالأمور التي تقوم بها؛ فحياتك ملكك واغتنمها. إن ما ضاع منك قد ضاع فلا تأسَ عليه فتكون مخطئا... وإن أطيب وقت في حياة الإنسان هو ذلك الوقت بل كل وقت وهب فيه الإنسان القدرة على أن يهتف لذاته بأن تعيش!
      تابعي الابداع

    • زائر 3 | 12:35 ص

      لو ما الامل لما عشنا

      شكرًا لكم يا اصحاب الأقلام الذي ترد الروح لنا ودمتم سالمين لنا والى وطنا العزيز واني اشكرك ياديهي حر مرة اخرى( سيدة)

    • زائر 2 | 12:28 ص

      لمستٍ الجرح

      شكراً لكلماتك البلسميه أنعشت معارف صارت في سبات -عندي- جميل أن نعيش لغد أجمل هذا الغد نحن نصنعه اللحظة القادمة نحن نصنعها قدر الإمكان بنا تكون أجمل ، جميل أن نثق بخالقنا فنشكره بالتفاؤل والأمل هو شكر الطامحين والناجحين ، وشكراً لك يا سوسنة
      زهرة العز

    • زائر 1 | 12:16 ص

      عشتي يبنيتي

      الذكاء عندما يبروز بلواقعيه والشجاعه تكون العظمه اقرئي التاريخ يبنيتي و حللي شخصيات العظماء عبر التاريخ ستجدينهم يملكون اسس العظمه الثلاث الذكاء والشجاعه والواقعيه ولا وجود للتظليل في حياتهم يسمون الاشياء بأسمائها عندما يزلون يعترفون بزلاتهم في العلن وهذا ما يرفع من قدرهم ومكانتهم عند من حولهم يعتذرون لمن هو اقل منهم مقاما عندما يخطئون وهذا ما يرسخ مصداقيتهم في مجتمعاتهم وكذا يخلدون يا سوسن الامل....ديهي حر

اقرأ ايضاً